الحديث عن عبدالناصر يعد أثيرا لدي تيار ساهمت أفكاره في بلورته علي الساحة السياسية الداخلية من بعده والمعروف ب»الناصرية« أو »الاشتراكية«، فهو حديث كثير له من الاتباع والمريدين يحاولون إعادة إنتاج تلك الأفكار ويلتمسون منها العون في عبور التحديات التي تواجه مصر الآن، والتي يعبرها كثير منهم مشابة لواقع مصر بعد 1952. إلا أن الاشكالية هنا أنه بين توقيتي 2014 و1952 جسر تاريخي جرت تحته الكثير من المياه التي أعادت تشكيل السياسة والمجتمع للمصريين، أفغدت الكثير من الأرث الناصري تواجده علي أرض الواقع، ما طرح تحديات غير مسبوقة علي أنصار التيار الناصري بكافة أطيافه الحزبية أقلها شأن إعادة تقييم الخبرة الناصرية وما بها من ايجابيات وسلبيات، وأعلها كيفية الاستفادة من هذا الأرث الناصري في برامج حزربية تجيد احياء مقاصده وغاياته الأساسية. فمن جانبه أكد محمد سامي رئيس حزب الكرامة أن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر مازال الحاضر الغائب ومحل اجماع علي انه رمز الوطنية المصرية. وقال سامي ان عبدالناصر حقق للمصريين قضية العدالة الاجتماعية وكانت رؤيته بخصوصها واضحة منذ بداية 52 عندما أصدر قانون الإصلاح الزراعي. بالإضافة لرفضه التبعية للغرب وما قاد إليه من صراعه مع القوي الغربية بدخوله في قضية تنويع مصادر السلاح وقضية توزيع العائد وتبني مشروع السد العالي باعتباره المشروع الذي يمكن أن يرتب وضعا مختلفا للنمط الاقتصادي المصري. وأشار سامي إلي أن معارك ناصر في قضية العروبة وتجربة الوحدة عام 58 وانفتاحه علي العمق الافريقي ووضعه وقواعد أتاحت الأمل للقطاع المسحوق من المصريين من خلال قاعدة بسيطة لدخول الجامعات لا تفرقة فيها إلا بالمجموع والتفوق، وان كلمة ناصرية صارت اختزالا لفكرة تبني المصلحة الوطنية المصرية. وينظر إلي عبدالناصر كما يقول سامي بوصفه الرجل الذي قاد ما يسمي بالمرحلة الثانية من التحول في إدارة مصر وخروجها للعالم علي اعتبار أن المرحلة الأولي كانت علي يد محمد علي كأول مرحلة للتحديث التنموي في مصر الحديثة. وفي المقابل يؤكد سامي ان عبدالناصر لديه سلبيات في قضايا الحريات والديمقراطية، وتلك كانت بالفعل النقطة الوحيدة غير المضيئة في الأرث الناصري فهو لم يحصل علي فرصة حقيقية لصياغة خط ديمقراطي داخلي الممارسة السياسية يكون قادرا علي الحفاظ علي المكتسبات التي حققها ناصر. بينما أشار أحمد بهاء شعبان الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري إلي أن عبدالناصر مثله مثل كل الرجال الكبار لديه ايجابيات ولديه اخطاء كبيرة أيضا،. وكانت أبرز ايجابياته انحيازه الكامل للطبقات الفقيرة في المجتمع من العمال والفلاحين والفقراء بدءا من قانون الإصلاح الزراعي الذي صدر بعد شهر ونصف من الثورة لإعادة الاعتبار للفلاح المصري وانطلاقا في هذا النشاط إلي قوانين العمل وتأميم المصانع المصرية والقوانين الاشتراكية كانت جميعها ضمن الانحياز الاجتماعي. وأضاف شعبان أن انحياز عبدالناصر للسيادة الوطنية واجلاء الإنجليز وتأميم قناة السويس وبناء السد العالي والتحرر الوطني واستقلال الإرادة السياسية في مواجهة الأمريكان وإنحيازه للإرادة الوطنية والعروبة وتحويل مصر لبؤرة اشعاع ثوري وتحرري في العالم كله جعله زعيما وفي المقدمة. وأشار شعبان إلي أن لجوء الدولة إلي القمع السياسي بدلا من اطلاق الحريات السياسي وفكرة التنظيم الواحد الذي يقبض بقبضة حديدية علي السلطة ويصادر حقوق التنظم والعمل للقوي السياسية الأخري. وأضاف ان هذا الأمر كانت له دوافعه حسب ما يتصور عبدالناصر وقتها من ضرورة حماية الثورة ولكنه انتهي إلي الانقلاب علي الثورة وعلي المسار الناصري باختيار السادات رئيسا وخلفا لعبدالناصر كما ان غياب الحريات والديمقراطية السياسية أضعف الممانعة الشعبية للانقلاب علي الاجراءات التي نفذها عبدالناصر.