تشاهدون اسفل شاشات التليفزيون فى القنوات المختلفة ما يعرف باسم: (News- bar) او شريط الاخبار.. والحقيقة ان مراقبة هذه المفردة الاعلامية - عبر مدى زمنى مناسب - تشى بكارثة اجتماعية وثقافية حقيقية فى البلاد.. اذ - بصرف النظر - عن التخلف الاخبارى لتلك الوسيلة التى تذيع الاخبار بعد مدة طويلة من حدوثها او لا تجدد المواد المطبوعة على شريط الاخبار فيظل بعضها ماثلا امامنا لاكثر من ثلاثة ايام - فإن الحشد المخيف من الاخطاء النحوية والتحريرية والاملائية فيها، وطريقة كتابة الاسماء (وبالذات الاجنبية) يعتبر مؤشرا على ازدهار الامية فى مصر، ولكن حين تكون الامية حاضرة بهذا النشاط والانتعاش فى وسائل الاعلام، فهى تضمن الانتشار، لان الاعلام - حينئذ - سيصبح حافلة تستقلها الامية لتصل الى ملايين الناس، وتطبعهم بطابعها، وتعلمهم كيف يكونوا اميين.. اذ ان وسائل الاعلام صارت قدوة اجتماعية وثقافية، والناس يقلدونها حتى فى اخطائها. وبالطبع تتصل تلك الظاهرة بحالة اللغة فى الجرائد المصرية، التى وصلت الى حضيض حقيقى، بعد ان كانت تمر باكثر من مصفاة تضمن انضباط الاداء واحتشامه. احدى تلك المصافى هى عملية (التصحيح اللغوى)، وثانيتها هى عملية (التدقيق) اى دقة كتابة الاسماء والعواصم والعملات وما يساويها بالعملة المصرية وصحة المعلومات والخلفيات التى يستخدمها المحررون، وكان لدينا فى «الاهرام» من يقوم بتلك المهمة منذ اربعين سنة وهو الاستاذ عز الدين شوكت، ثم المصفاه الثالثة التى تتعلق بمطابقة المادة الصحفية لما يسمى طريقة الكتابة الواردة فى كتاب اسلوب الصحيفة (Style - book) هذا ان كان هناك كتاب اسلوب من الاصل والاساس. هناك حالة (ارتداد عن اللغة) فى المجتمع المصرى، وتساعد عليها هذه الظواهر الاعلامية، وسوف نصل - لو استمرينا فى هذا النهج - الى التخاطب بالصرخات والزومات والصهيل، بدلا من الكلمات والمعانى، وستختفى من حياتنا دلالات اللغة باعتبارها مجموعة الألفاظ والقواعد التي تتعلق بوظيفة التخاطب والتفاهم بين جماعة من الناس، والتى تعبرعن الفئة الناطقة بها ونفسيتها وعقليتها وطباعها. يارب نفهم. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع