جاءت كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسى أثناء لقائه بجون كيرى وزير الخارجية الأمريكية، ان التطوارت التى تشهدها المنطقة حاليا تتطلب أن يكون هناك تحالف دولى شامل لمواجهة الإرهاب بحيث لا يقتصر على مواجهة تنظيم بعينه والقضاء على بؤر إرهابية بذاتها، ولكن يمتد لكى يشمل كل البؤر الإرهابية سواء فى منطقة الشرق الاوسط أو فى أفريقيا، لتؤكد ان مصر ضد كل أنواع العنف والإرهاب، وتوضح استراتيجية مصر فى المرحلة المقبلة. وذلك مقابل الحشد الأمريكى لتأسيس تحالف يقتصر على الحرب ضد داعش، ليصبح السؤال الأكثر إثارة للجدل: هل الحرب على داعش ضرورة أم فخ جديد؟. طرحنا السؤال على عدد من الدبلوماسيين والخبراء فى العلاقات الدولية، فأكدوا أهمية أن يكون التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب مبنيا على أسس واضحة، وأن لا يقتصر على مواجهة داعش فقط دون غيرها من التنظيمات الإرهابية، وأن ينطلق من المصالح الإستراتيجية لمصر والدول العربية. السفير محمد أنيس سالم، عضو مجلس إدارة المجلس المصرى للشئون الخارجية، يرى أن تنظيم داعش وتداعياته يمثل تحديا إستراتيجيا لكل ما تمثله فكرة القومية والوحدة العربية بمفهومها الذى ترسخ فى التاريخ المعاصر، وللأمن القومى العربى المشترك. ويشدد على أنه لا يجب التخوف من المبادرات الغربية، ومنها القضاء على داعش، فى المطلق، ويجب التعامل معها من منطق المصالح الإستراتيجية المصرية والعربية، فهناك ضرورة لإثراء إستراتيجية مواجهة داعش ولدينا مصلحة مباشرة فى ذلك، خصوصا أن الدول العربية تأخرت لمدة 3 أشهر فى بلورة موقفها ورد فعلها تجاه غزو داعش للعراق، وبالتالى وجدت نفسها مطالبة بالانضمام لمبادرة غربية للرد على داعش. ويشير السفير محمد أنيس سالم إلى أن هناك عددا من التداعيات التى ينبغى التفكير فيها من بينها: أولا: التطورات الأخيرة والمساندة الكبيرة للإقليم الكردى، وهل هو سيناريو لقيام دولة كردية مستقلة. ثانيا: تكييف التدخل فى سوريا، والآثار المحتملة له. ثالثا: بحث التفاهم مع إيران، حيث كانت أول دولة زودت الأكراد بالسلاح فور دخول داعش إلى العراق. رابعا: بلورة دور مصر وعلاقتها مع الإستراتيجية الغربية بشكل أكثر وضوحا وفاعلية، فالمشاركة يجب أن لا تقتصر على مجال بعينه، وأن تتبلور كجزء من استراتيجية مصرية وعربية، مع ضرورة إيجاد دور واضح لنا فى المنظومة الدولية، بمعنى أن تكون مشاركة شاملة فى جميع الأدوار السياسية والاقتصادية والمعلوماتية والإغاثية، فالدور العسكرى جزء من الأدوار وليس كل الدور. من جانبه يرى السفير د. السيد أمين شلبى، المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية، أنه يجب الانطلاق من حقيقة أن الإرهاب ظاهرة عالمية ويحتاج إلى تعاون من الجميع للقضاء عليه، مشيرا إلى أن مصر قالت ذلك منذ التسعينيات وقت تنامى العمليات الإرهابية على أراضيها، لكن العالم اعتبرها ظاهرة محلية، إلى أن وقعت أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 فأدركوا أنها ظاهرة عالمية وبدأوا التفكير فى مواجهته. ويضيف شلبى: داعش حلقة فى سلسلة الظواهر الإرهابية، وخطورتها فى أنها بدأت تهدد الدول العربية، وآن الأوان أن نفكر فى آلية عربية لمواجهة هذه الظاهرة تكون تحت مظلة عربية تتفادى أخطاء السابق التى حدثت بسبب التدخل العسكرى الغربى فى المنطقة، وقد ذكر الدكتور نبيل العربي، أمين عام جامعة الدول العربية، خلال اجتماع القمة الماضى باتفاقية الدفاع العربى المشترك، التى لم يتم تفعيلها منذ التوقيع عليها. ويوضح المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية أن الآلية العربية المقترحة لمكافحة الإرهاب لا تعنى عدم التعاون أو التنسيق مع دول العالم فى محاربته، معتبرا أن مصر كانت واضحة وعلى حق فى قرارها بعدم المشاركة بقوات فى التحالف الذى تدعو له الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكن ذلك لا يعنى عدم التعاون، خصوصا فيما يتعلق بالمعلومات. السفير إبراهيم على حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، يرى أن مواجهة الإرهاب يجب أن تكون بشكل عام وليس مع تنظيم داعش فقط، فيتعين مواجهة كل التنظيمات الإرهابية فى منطقتنا العربية والإفريقية، لأن التجربة أثبتت أن محاربة فصيل واحد من الإرهاب لم يقض على الظاهرة، لذلك يجب أن تكون هناك إستراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب بشكل عام. ويضيف مساعد وزير الخارجية الأسبق أنه رغم ما تمثله أهمية القضاء على تنظيم داعش بكل الوسائل وسد قنوات التمويل والسلاح عنه، إلا أنه لا يجب إغفال خطورة تنظيمات أخرى فى دول محيطة بنا، مثل جبهة النصرة وأنصار بيت المقدس وبوكوحرام والتنظيمات الموجودة فى مالى، ولابد أن تتبلور إستراتيجية دولية مشتركة للقضاء على خطر الإرهاب عموما. وأشار السفير إبراهيم على حسن إلى أن مصر طالبت كثيرا بعقد مؤتمر دولى لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأممالمتحدة للتوصل إلى اتفاقية دولية للقضاء على الظاهرة، لكنه لم تتم الاستجابة، ويرى أن تفعيل نوع من التعاون الدولى لتحقيق هذا الهدف قد يكون بديلا لمثل هذه الاتفاقية فى الوقت الراهن للقضاء على الإرهاب.