نبلاء مصر وشرفاؤها من العاملين والكادحين والبنائين والصابرين، من أصحاب الدخول والظروف المتواضعة والصعبة.. من ملح الأرض الحافظ للحياة واصلوا تصدر المشهد الوطنى للإقبال على شراء قناتهم ، الجديدة أو شراء بلدهم، كما قالت لى سيدة وهى تفرد أمامى سندا اشترته بتحويشتها المتواضعة.. لقد واصلوا تأكيدا أنهم القوة الحقيقية الحامية لهذا الوطن، والتى رغم ما تحملوا وكابدوا وحرموا عشرات السنوات الماضية لم ولن يتأخروا عن تلبية نداء يحقق قوتها وعزها وسيادتها، كما أدركوا معنى مشروع قناتهم والذين إذا افتقدوا الثقة والاطمئنان ما تسابقوا للمشاركة أو صدقوا نفثات شياطين الانس أو تأثروا بجرائم الإرهاب والترويع المرفوعة عليهم خروجهم العظيم لبلدهم الذى لم ينقطع منذ يناير وفبراير 2011 وفى 30/6 و3/7 و26/7/2013 كأنهم لم يفقدوا الثقة والأمل، أن تأتيهم سنوات للرحمة وللاستجابة لدعواتهم ولصبرهم الطويل وإرادة وإدارة وطنية تعيد جمع صفوفهم واستثمار قدراتهم الهائلة وطاقات عشقهم وانتمائهم لأرضهم فى مشروعات تنموية حقيقية، تحتضن وتؤمن أولادهم وتفتح لهم آفاق الأمل والكرامة التى سدت كل أبوابها فى وجوههم!! هذا البشر الصابر .. المتحدي.. المدهش.. وسط انهيارات اقتصادهم والانهيارات النفسية والإنسانية والأخلاقية قبل وبعد الثورة والتكاليف المطلوبة لرفع البناء فى وطن كاد يتحول إلى خرائب على ايدى ناهبيه والفاسدين والمفسدين فيه ثم بأيدى من أرادوا تفكيكه وبيعه ودسوا اتباعهم وكوادرهم فى جميع مفاصله ليواصلوا التخريب والتدمير ووسط الصراع الخفى والمعلن لمحاولات العودة لكل من اسقطت الثورة مصالحهم المحرمة ومفاسدهم. هذا البشر.. هذا المواطن كيف يتم حمايته وتأمينه حتى يتم عبور هذا الميراث الثقيل.. ما ذكره الرئيس السيسى فى خطاب مكاشفة ومصارحة بسبب أزمة إظلام الخميس 4/9 وبيانه الموثق لحجم الانهيارات الموروثة للبنية الداخلية للكهرباء، والمليارات والملايين التى نحتاجها وأيضا حجم انهيارات البنية الأساسية لمرافق المياه والصرف الصحى وعموم قرى مصر. لدينا أكثر من 4500 قرية وتتبعها أكثر من 40 ألف تابع لا يتمتع بخدمات الصرف الصحى سوى 20% منها فقط، وهو أمر يؤثر على المياه والزراعة والصحة، ونحتاج إلى مليارات الجنيهات التى لا تتوفر لنخفف عن المصريين هذه الأزمات .. وأوضح الرئيس كيف أن الموازنة العامة مقسمة إلى 4 أقسام، ربع عجز نسدده بالاستدانة وربع ندفعه خدمة وفوائد الديون والربع الثالث مخصص للدعم الذى جرى تخفيض خمسه فقط مؤخرا والربع المتبقى لا يكفى لتطوير مرافق الدولة ونتحرك فى كل الاتجاهات لتعظيم الموارد، لم ينس الرئيس وهو يشير إلى الربع الثالث الذى جرى تخفيض خمسه فقط انه أثر على كثير من الفقراء!! كيف؟! ألم يكن واجبا التخفيض لصالح من يتم التخفيف عنهم.. وهل سعى الأغنياء إلى أى مبادرة ليرفعوا استفادتهم من الدعم لصالح الأكثر احتياجا إليه!! لم ينس الرئيس السيسى أن يضيف التعليم كواحد من أخطر مرافق الدولة التى أصابتها الانهيارات. نموذج لبعض الكوارث القومية التى كان يجب أن يحاسب عليها الرئيس الأسبق ونظامه بدلا من مهزلة تلخيص جرائم نهب وسرقة ثروات شعب فى مجموعة فيلات!! سؤال لماذا يتفضل مسئول ويجيب على ما طرحه الكاتب الكبير عادل حمودة عن أسباب رفض طلب النائب العام التحقيق فى جرائم خصخصة 220 شركة، أو الرد على ما جاء فى التحقيق الخطير الذى نشرته صحيفة التحرير عن معركة غاز البحر المتوسط ولماذا صدرت القاهرة إلى تل أبيب 7٫1 مليار متر مكعب غاز لمدة 15 عاما بسعر دولار ونصف الدولار كل مليون وحدة حرارية بينما سعر التكلفة 7٫2 دولار والسعر العالمى بين 8٫21 دولارا!! لم يحترق بنيران وآثار كل هذا التخريب والتدمير والفساد والافساد والنهب لثروات مصر إلا المواطنون البعيدون عن مواقع السلطة والثروة والنفوذ، وإذا كان السعى الذى يتم الآن لمعالجة وإزالة آثاره يحتاج سنوات فهل سنتركه يواصل التجريف فى ظلمات آثار ومخلفات هذه السنوات الكارثية دون أن توجه خطط وسياسات للمحليات تضمد وتخفف، وإدارات ومحافظون يدركون ويفهمون معنى أن مسئوليتهم الأولى الآن ووسط الظروف والتحديات التى تعبرها مصر هو توفير بيئات حاضنة إنسانيا وأخلاقيا وخدمات تحترم المواطن وتعوضه بالضرورى والممكن من الخدمات.. بينما الحادث أننا أمام اداء بالغ الخطورة.. ومسئولين الكثير منهم يريدون إعادة استنساخ الماضى والجسور المقطوعة مع المواطنين سلطات حكم محلى محافظون ودوائر محافظين محيطة بهم لا يدركون مخاطر أن يظل المواطن فى عزلته وإقصائه وإهماله وعدم قيام أنظمة تحول الثورة إلى سياسات وبرامج عمل واتصال بالجماهير.. لقد عاد كثير من الجمعيات الأهلية تدعى احتضان ورعاية الوضع الإنسانى والفقر والأمية وبطالة الشباب وعادت تقدم مع ادعاءات الانقاذ المزيد من السموم التى ضللت عقول أجيال، وللأسف يستطيعون عندما يكون المسئولون غائبين وأصوات ومطالب المواطنين ضائعة فى فراغات الاهمال واللامبالاة وبعض المسئولين الذين يجب أن يعبروا عن الثورة فى فريضة الاهتمام بالإنسان غائبون وتتناقض أوضاع الكثير منهم مع ما يعيشه المواطن من ظروف صعبة أو مع ما يطالب به من صبر ومشاركة فى حواره المهم بصحيفة الوطن أشار وزير الأوقاف د.محمد مختار جمعة إلى أن غالبية الجمعيات الأهلية ظهير لوجستى للإخوان والسلفيين وبوابة الخلايا النائمة إلى البرلمان! هل على كل أم ملتاعة فى مرض ابنائها أن تصل الى العاشرة مساء أو مانشيت، وماذا عمن لايعرفون كيف يصلون الى البرامج التى تهتم بالبعد الانساني، ماذا تفعل أم مثل نسمة عبدالحميد من السويس التى فقدت زوجها مع من فقدوا على السفينة بدر منذ سبتمبر 2008 »نسمة« بعد أن فشلت جميع محاولاتها للعثور على زوجها، لم يعد أمامها إلا أن تعمل وتتحمل مسئولية ابنها وابنتها فشلت فى أن تعمل كأبناء العاملين بشركة النصر للأسمدة حيث كان يعمل والدها وفشلت فى الحصول على الشقة التى سدد زوجها جميع المطلوب منه قبل أن يخرج دون عودة نقلت سطور العدد الماضى مشكلتها إلى محافظ السويس واتصل مشكورا بى وبها ووعد بانهاء معاناتها وتعيينها وتسليمها الشقة حتى كتابة هذه السطور نسمة مازالت تتوسل وتستجدى العمل والشقة والنجدة.. ونسمة واحدة فقط من عشرات الملايين!! ما نشر منذ أيام عن اللائحة المقترحة للمحليات التى يراجعها مجلس الدولة الآن.. توفر فيها الانتباه لكل شيء إلا الإنسان.. إلا كيفية الإنصات والاتصال بأسباب الألم.. إلا فريضة إيجاد حلول للمشكلات المزمنة والمستجدة.. إلا الشروط التى يجب أن تتوفر فى المسئولين، الذين يحملون مهمة من أخطر وأهم مهمات الحاضر والمستقبل، وهى الحفاظ على أرصدة الذهب التى يمثلها حب المصريين لبلدهم واستعدادهم لتلبية جميع نداءاتهم واستدعاءاتها وتعزيز إحساسهم بالعدالة والكرامة وسد الفجوات اللا أخلاقية بين المسئولين واستحاقات المواطنين. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد