بين الزواج والطلاق هناك - للأسف - منطقة وسطى تعرف ب «هجر الزوجات» والضحية امرأة مهجورة مقهورة ، الجانى رجل قرر فجأة ودون مقدمات الهروب من البيت ، والتحلل من المسئولية ، تاركاً وراءه زوجة وأبناء يواجهون مصيراً مجهولاً وضياعا أكيداً ، الا من رحم ربي. مع هذا الوضع الشائك أحيانا تنهار المرأة عمود الأسرة، فيتشرد الأبناء وينحرف الجيل وتضيع الآمال والأحلام لتواجه الزوجة المهجورة وحدها مصائب الدهر ومصاعب الحياة، فلا هى متزوجة لها من يرعاها ولا هى مطلقة يمكنها بدء حياة جديدة.. وعليها شاءت أم أبت أن تقوم بدور الأب والأم معاً دون سند أو عائل. قد يفاجيء الزوج أسرته بالزيارة فقط لينغص عليهم الحياة..وقد يظل بعيداً يراقب ويحاصر الزوجة المعلقة فلا هو تركها وذهب الى حال سبيله، إعمالا بمبدأ «لا ضرر ولا ضرار» ولا هو أمسكها بمعروف أو سرحها باحسان. بل تركها معلقة ونسى قول الخالق عز وجل: «ولاتذروها كالمعلقة ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه» لكن لا حياة لمن تنادى ..وبالطبع يلوم البعض المرأة على قبولها لهذا الوضع المهين ، مؤكدين أنه يتوجب عليها الحسم ووضع النقاط فوق الحروف حتى وإن كان البتر هو الحل الوحيد . لكن سؤالا مهما يطرح نفسه : ماذا عساها أن تفعل فى مواجهة جبروت وتسلط وافتراء واستقواء الجبهة الأخرى التى لا ترحم؟ هل عليها الا أن تندب حظها العثر بعد أن نسيت أنها امرأة لها حق فى الحياة وأن تردد بصوت مكتوم بينها وبين نفسها قائلة: يا معشر الرجال المتحللين من المسئولية نسألكم الرحيل الى أجل غير مسمى بعد أن فقدتم أهم سمات الرجولة والشهامة والمسئولية تجاه أهل بيتكم وفلذات أكبادكم. لكم الدنيا وللمرأة الذليلة المعيلة الآخرة فيحكم الله وهو خير الحاكمين. للأسف الشديد لا توجد أرقام دقيقة حول عدد الزوجات ضحايا تحلل الزوج من المسئولية وهو ما دعا بعض المحللين لدراسة مضمون شكاوى المرأة بالمجلس القومى للمرأة فى عام التى أكدت أن شكاوى الأحوال الشخصية تحتل مركز الصدارة على قائمة شكاوى المرأة بنسبة 76% موزعة بين طلب طلاق ونفقة واثبات نسب، الى جانب مشكلة هجر الزوجات التى طفت على السطح أخيرا فى محاولة جادة لمعرفة الأسباب التى تدفع الزوج لهجر الزوجة دون اللجوء الى الطلاق.. وكذلك معرفة الدوافع النفسيية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الكامنة وراء المشاكل الأسرية التى منها هجر الزوجة. اعتمد الباحثون على عينة من شكاوى المرأة التى تعرضت للهجر وعددها 30 حالة وقاموا بعمل دراسة ميدانية عليهن وفقا للعناوين وووسائل الاتصال المدونة بالشكاوي.. الدراسة أجرتها الباحثة الدكتورة إيمان شريف قائد والدكتورة أمال هلال اللتان ألقتا الضوء على مشكلة خطيرة تستحق مزيدا من الدراسة والتدقيق وايجاد حلول جذرية لها حتى لا تنهار الأسرة خلية المجتمع الأولى وما يترتب على ذلك من تهديد لأمنه وسلامته. فقد كشفت البيانات فى الدراسة أن عدد سنوات الزواج بين الزوجات المهجورات وأزواجهن بلغت ما بين (16 20 سنة) فى 6 حالات وما بين (21 30 سنة فى 6 حالات أخرى بينما قلت عدد سنوات الزواج الى 5 سنوات فى ثلاث حالات وارتفعن الى أكثر من 35 سنة فى واحدة فقط. وقد يفسر ذلك أن عدد سنوات الزواج مع وجود المشكلات سواء كانت اقتصادية أو خلافات شخصية وعدم وجود حلول لهذه المشكلات قد يؤدى الى تصدع فى الحياة الزوجية واستقرارها، الأمر الذى يؤدى الى لجوء الكثير من الأزواج الى الهجر دون الطلاق، نظراً لضعف الحالة الاقتصادية مع وجود أبناء وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات للأسرة، وما يترتب على الطلاق من التزامات مما يدفع الزوج الى تفضيل الهجر هروبا من هذه الالتزامات. تبين أيضا من البيانات الميدانية غلبة نمط الأعمال الحرفية لدى أزواج النساء المهجورات حيث مثلت 11 حالة. وتنوعت المهن لباقى الأزواج بين الأعمال التجارية 3حالات والوظائف الحكومية 4 حالات وحالتان فقط رجال أعمال التى قد يكون الهجر لديهم لأسباب أخرى لا تتعلق بالجوانب المادية. ويعد عدم توافر احصاءات دقيقة لحالات الهجر من المشكلات التى تواجه البحوث العلمية، وربما يرجع ذلك الى أن كثيرا من الزوجات لا يبلغن عن هجر الزوج حفاظا على أسرار الأسرة وخاصة اذا كانت الزوجة تعمل ولها دخل ووضع اجتماعى ومهنى مرموق، فعينة الدراسة المنتقاة تعبر عن أنماط من النساء المهجورات والتى ليس لهن عمل أو دخل تتعايش منه أو لديها عمل بسيط لا تستطيع الوفاء بالتزامات أولادها.وبالتالى يكون الدافع من الشكوى هو المساعدة فى طلب الحصول على الطلاق كى تحصل على معاش ضمانى أو معاش الأب أو تلقى المساعدات الخاصة بالزوجة المطلقة أو ربما الزواج من شخص آخر يتحمل مسئوليتها ومسئولية أبنائها، ويشبع احتياجاتها النفسية لوجود زوج وسند لها فى الحياة. على أرض الواقع التقت «الأهرام» بعض النماذج الصارخة للمرأة المهجورة المقهورة التى لا تملك من أمر نفسها شيئا بعد أن طرقت كل أبواب التسامح والتصالح أو التسريح ودوت صرخاتها مدوية علها تجد من يسمعها وفى حالات كثيرة لجأت الى القضاء بعد أن فاض بها الكيل لعله يمد لها يد العون فكن منصفاً يا سيدى القاضى واحلل عقدة الزواج. بداية تقول ن.ا: أنا أم لثلاثة أطفال أعمارهم اثنان وأربع وست سنوات. قام زوجى بطردى دون سبب من مسكن الزوجية فى الثالثة بعد منتصف الليل وأنا بملابس النوم ولا أرتدى حذاء فى قدمي. لدى ما يثبت ذلك بالأوراق الرسمية وبشهادة موقعة من شهود عيان تلك الواقعة. لم يكن لدى بد من السكن لدى أبى المريض بالكبد والسكر والذى يعول إخوتى ويعولنى وأولادى الآن. حاول الوسطاء تقريب وجهات النظر والتصالح معه لكنه أخبرهم بأنه سيتركنى معلقة وعلى أن أقبل بشقة أعدها للسكن لا تصلح للعيش الآدمى ومبلغ خمسائة جنيه شهرياً لى ولأبنائى الثلاثة. أما منقولاتى فقد بددها ولم يتورع عن التحايل على القائمين على تنفيذ القوانين الذين تمادوا فى ضربى ضربا مبرحا كى لا أحاول المطالبة بحقوقي. واليوم فوجئت به وقد تحايل على القانون وادعى أمام النيابة أنه لا يملك شقة زوجية وأن والده كان قد استضافنا فى مسكنه طيلة مدة الزواج. وبالطبع أتى بشاهد زور لم أره من قبل. توجهت الى جيرانى لأسألهم هل أدليتم بشهادتكم أمام النيابة ؟ فقالوا : لم نتلق استدعاء من أحد ولم يقم أحد بتحريات ولو كان قد حدث لشهدنا بما يرضى الله. وأضافت: «لم يكن منى سوى أن أحرر محضرا بالتدليس والشهادة الزور، علاوة على عدد من القضايا كطلب الطلاق والنفقة». أما تقى ل آ.ع فتقول: أنا أم أيمن كما ينادينى المقربون (37 سنة) لدى ابنتان فى سن الزواج وطفل جاوز ثمانى سنوات. أعيش وأولادى فى أحد الأحياء العشوائية منذ ذلك اليوم الذى تركنا فيه رب الأسرة وذهب الى حيث لا ندرى دون سبب أو مبرر. يفاجئنا أحيانا بالزيارة ، لكن لينغص حياتى على وعلى بناتي. أذكر ذلك اليوم الذى تقدم عريس للزواج بإحدى بناتي، فذهبت الى أهل زوجى الهارب من المسئولية لابلغهم بأمر العريس حتى لا أتعدى القواعد والتقاليد. فاذا بهذا الأب الهارب يظهر فجأة يوم حفل الخطوبة ويقلب الفرح الى مشاجرة وشقاق ينتهى بهروب العريس بجلده من تصرفات ذلك الأب البلطجي. منذ ذلك اليوم وأنا أدعو عليه لأنه أطفأ قنديل ابنتى وحطم قلبها. تضيف: لا يهمنى ما أقاسيه كمريضة بمرض مزمن، ولا مصاعب الحياة، ولا عملى بالخدمة فى بيوت الناس، ولا بمد يدى أطلب الاحسان من الجيران، ولكن ما يوجعنى حقا هو أنه لا يرحمنا ، فحسبى الله ونعم الوكيل. لم اتقدم بدعوى للطلاق لأننى بالكاد أسد جوع أولادى ولا أملك تكاليف الدعوي. وتقول ل. م: لا يمكننى أن أذكر اسمى حرصا على وضع عائلتي، فلم أكن أتصور يوما أن هناك من المصاعب والهموم التى تحيل حياة الانسان الى جحيم مطلق. أقبلت على الزواج من شاب يفترض أنه واع ومستنير ومتحضر ومتدين سيعاملنى بما يرضى الله، لكننى وللأسف فوجئت بالواقع المؤلم والمزعج منذ اللحظات الأولى التى تلت «كتب الكتاب». فاذا به يأمر وينهى ولايمكنه اتخاذ أى قرار صغر أو عظم دون الرجوع لأهله الذين تفننوا فى افساد حياتنا. لم أكن أصدق نفسى لكننى راهنت على الوقت وأننا عندما نستقل بحياتنا يمكننا العيش فى سرور وهناء. لكن هيهات، فها هى أمه تعلن الحرب على وأنا جالسة فى الكوشة وتقول له «خللى بالك من فلوسك» أقسم لو لم تكن صدمة لأبى وأمى لتركته وقتها، لكنى تحاملت على نفسي. بعد الزواج لم يتورع فى اهانتى وتهديدى بالطلاق كل لحظة ان لم أرضخ لأوامره، تحملت طوعا وكرها بعد أن علمت أننى حامل فثابرت وصبرت حتى يصلح الله حاله أو يجعل لى من أمرى مخرجا. تمادى فى اهانتى ولعنى وهجرى فى فراش الزوجية لمدد طويلة وصلت الى شهر واثنين الى أن اصبحت لقاءاتنا عابرة، ثم انقطعت ليصبح زواجا على الورق ونعيش الآن غرباء تحت سقف واحد. نؤدى تمثيلية سخيفة أمام الناس بأننا زوجان فى غاية السعادة ، وواقع الأمر أنه لا يربطنا سوى أطفالى الصغار. طلبت الطلاق أكثر من مرة الا أنه بدأ يماطل ويتحايل على الوقت بعد أن كان فى الماضى يهدد به طوال الوقت وانتزاع أطفالى الصغار منى فعرفت أنه ينتقم منى بهذا الوضع المعلق حتى يتمكن من تدميرى فلا أستطيع النجاح فى عملى أو بيتي. وتساءلت بالله عليكم كيف يقيدنى ويحاصرنى ويلومنى على التقصير فى حق أولادى وأنا المطحونة داخل وخارج البيت، وهو لا يراعى لى حقوقا خاصة أو عامة. بالله عليكم كيف اتحمل اهماله وتجاهله لى وهو لا يألو جهدا فى اظهار علاقاته المتعددة أمامى ويصل الأمر الى استضافة صديقاته غير الملتزمات فى بيت الزوجية وعلى أن أقوم بتقديم واجب الضيافة وهو يضحك ويقهقه معهن بصوت عال فى الصالون. تقدمت بدعوى للقضاء لعلى أحصل على حقى فكن منصفا يا سيدى القاضى واحلل عقد الزوجية. تأنيث الفقر تقول فريدة النقاش الكاتبة الصحفية: هذه ظاهرة مرتبطة ارتباطا وثيقا بمسألتين أساسيتين: الأولى انتشار الفقر على نطاق واسع فى مصر، وانتشاره بين النساء على نحو «خاص تأنيث الفقر». المسألة الثانية تتعلق بقانون الأحوال الشخصية الذى جعل المرأة بمجرد ان تتزوج تصبح رهينة لدى الزوج ليس لها الحق فى التصرف فى شئونها ولا تستطيع السيطرة على مصيرها ومصير أولادها خاصة فى حالة الانشقاق بين الزوجين. وللأسف لا يوجد حل جذرى لهذه المشكلة دون القضاء على الفقر. ولابد من الجهاد والنضال الطويل للحركة النسوية لتغيير قانون الأحوال الشخصية. فالقانون الذى صدرت نسخته الأولى 1907 لا يزال سارياً رغم بعض التغييرات الجزئية التى حدثت هنا وهناك. لهذا لا بد أن تحتشد الحركة النسوية ضمن حركة ديمقراطية واسعة لعرض مطالبها على المصريين ونطالب الاعلام والمجتمع المدنى مع صاحبات المصلحة أنفسهن للمطالبة بحقهن فى المسكن والملبس، وهى أمور لا بد أن تتوافر للأسرة كى تعيش حياة كريمة. وتوضح النقاش للأسف هناك مشكلة الثقافة الذكورية، الأبوية المتجذرة فى حياة هذا المجتمع وتجعل من الصعوبة بمكان تغيير الثقافة السائدة. وهذه الثقافة سائدة أيضاً فى أوساط النساء. المرأة المهجورة تريد المحافظة على أبنائها حتى لو كان الثمن الصمت عن المظالم التى تقع هنا وهناك. وهذه المعضلة لا يمكن لحزب أو منظمة مواجهتها، لكن لا بد من الحشد المجتمعى حتى لو حققنا انتصارات جزئية تمكننا فى المستقبل من القضاء على الفقر بدءا بالتخفيف من حدته. ويقول د.حسنين كشك استاذ علم الاجتماع: هذا النوع من النساء المهجورات تسمى فى الشارع والحياة اليومية المرأة المنفصلة دونما طلاق وللأسف الشديد تتعرض هذه المرأة لقهر شديد ومضايقات المجتمع، فهى متزوجة «شكلا» وغير متزوجة «فى الواقع». الزوج لا ينفق عليها وهى تنفق على الأسرة. ولا يمكننا أن نختزل أسباب هروب الزوج من المسئولية فقط فى البعد الاقتصادي، فهناك أسباب أخرى غيره، كالخيانة الزوجية وسوء العلاقة بين الطرفين وبعض الخصائص الفردية لكلا الطرفين كالعنف والضرب. ويحتكر الرجل العنف. على الجانب الآخر نجد المرأة تكرس العبودية لهذا الزوج ما من شأنه اعادة انتاج المجتمع الذكوري. وهناك أيضاً امرأة عنيفة حمقاء تدفع بالرجل الى الهروب الى حيث اللاعودة ..والبحوث الاجتماعية فقط هى التى تلقى الضوء على أسباب الهجر. وللأسف تعانى المرأة من اضطهاد اقتصادى واجتماعى فى هذا المجتمع فعندما تقوم المرأة بنفس الأعمال التى يقوم بها الرجل قد لا تحصل الا على نصف الأجر، ما أدى الى انتشار الفقر بين قطاع كبير من النساء أى تأنيث الفقر. ثورة تشريعية ويضيف كشك: نحتاج الى ثورة تشريعية تحتشد فيها الحركة النسوية من أجل المرأة مهدرة الحقوق، تلك المرأة التى لا توجد أرقام دقيقة بشأنها سوى أن الباحثين يعتبرونها ضمن شريحة المرأة المعيلة التى تشير الأرقام غير الرسمية بأنها جاوزت 30% من تعداد الأسر التى تعولها امرأة بالرغم من أن أرقام الدولة الرسمية تقول انها حوالى 16%. لهذا لا بد من لفت نظر الجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء الى أن هناك عجزا فى الاحصاء خاصة وأن هجر الزوجات يعد ظاهرة اقتصادية، اجتماعية ونفسية. ويؤكد د.يسرى عبد المحسن استاذ الطب النفسى أن هذا نوع من العدوان ضد الأسرة وقد يكون انتقاما من الزوجة والأولاد نتيجة وجود مشكلة بين الزوجين. ينتقم الزوج من الزوجة فى أبنائها خاصة أنه شخص فاقد الاحساس بالمسئولية لأنه عدوانى وشرير بطبيعته ويعالج الخلافات الزوجية بصورة فيها غباء شديد وغير متحضرة تنافى الأعراف الاجتماعية والأسرية والأخلاقية والدينية. هناك أكثر من طريقة لعلاج المشاكل مهما استفحلت بحيث لا يصيب الأسرة بهذا الخلل ولا يصيبها بحالة التفكك وتعريض أمن الأسرة للضياع والانحراف وخصوصا مستقبل الأولاد، لأن المرأة مهما كانت قدراتها النفسية والمالية، الا أنها تكون وحيدة فى ادارة شئون الأسرة. ووضعها كمعلقة يختلف تماما عن أن تكون أرملة توفق أوضاعها وترتب أمورها التربوية والمعيشية وتستعين ببديل عن زوجها كأخوتها ووالديها. ويرى د.يسرى عبدالمحسن أن روشتة العلاج تكون بمحاولة التقارب وتدخل المسئولين من الأقارب..وان فشلوا فى الحل فالقانون كفيل بحل الخلافات الزوجية وعلى الزوجة أن تعرف أن البتر هو الحل وأن عليها أن تتجرأ ولا تخاف من الشوشرة وتفضيل اللجوء الى الكتمان والسكوت وقبول الأوضاع غير المرضية، لأن هذا الزوج يؤذى كيان الأسرة. ولابد من الإعلان ووضع النقاط فوق الحروف. لابد ايضاً أن يكون هناك استعداد للتضحية والحسم لأن ذلك أفضل بكثير من وقوع البلاء ولا انتظاره ويعد تفشى موضوع الهجر ظاهرة معدية ينتشر فيها التقليد بالعدوي. فلانا يقلد فلان الذى يلجأ لذلك تحت دعوى الضغوط الاقتصادية. وهؤلاء شخصيات موتورة غير ناضجة أنانية وعدوانية، والمرأة التى تؤثر السلامة لا تلومن الا نفسها. الزواج تضحية، صبر، تحمل مسئولية وليس زواجاً للهوي. وهذا الوضع المهين سببه ضعف الزوجة وعليها أن تستعين بشخصيات تقف وراءها تكون على مستوى القوة والشجاعة فى مواجهة الجبهة الأخرى التى تمارس الافتراء والجبروت والسيطرة والحصول على كل المكاسب فى معركة لا يصح فيها الا الصحيح ان كان هناك عدل. رأى الدين يقول د. اسماعيل شاهين استاذ الشريعة والقانون ونائب رئيس جامعة الأزهر سابقا: اهتمت الشريعة الاسلامية بالعلاقة بين الرجل والمرأة وجعلت هذه العلاقة من أسمى العلاقات الانسانية لأن الزواج عبارة عن ارتباط رجل بامرأة على وجه شرعي. وقد حض الاسلام على الزواج للتوالد والتكاثر واعفاف كل من الزوجين للآخر حتى لا تكون العلاقات الزوجية ضرباً من العبث ويكون التوالد والتكاثر بصورة مشروعة. ومن أهداف الزواج أن يعرف كل من الزوجين حقوقه وواجباته قبل الآخر حتى تستقر العلاقات الزوجية وتسود المودة والمحبة ومن هنا قال الله عز وجل «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة». فالزواج مودة ورحمة بين طرفين ومن أهدافه قضاء الوطر الجنسى بطريقة مشروعة بينهما. فهجر الرجل لزوجته وتركها معلقة لا هى متزوجة ولا هى مطلقة يؤدى الى الاضرار بالمرأة اضرارا بالغا وينفى عن الزواج أهدافه وقد نهى الاسلام عن هذا الهجر ونهى الرجل عن أن يعلق المرأة فاما امساك بمعروف أو تسريح باحسان كما ذكر القرآن الكريم. فاذا استحالت العشرة واستنفدت الطرق لاصلاح العلاقة الزوجية كان الطلاق والتسريح باحسان ومن ثم تذهب المرأة اما أن تتزوج واما أن تبقى تسهر على أولادها وترعاهم. فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا ضرر ولا ضرار». وقواعد الشريعة الاسلامية تحث على عدم الاضرار بالغير وتعليق الزوجة يمثل اضرارا بالمرأة نهى عنه المولى عز وجل فى كل نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأحكام الفقه الاسلامى وكما قلنا فامساك بمعروف حتى تسود المودة والرحمة، واما تسريح باحسان حتى يذهب كل انسان ويقرر مصلحته فى الاتجاه الذى يراه. ويلاحظ أن الشريعة الاسلامية لم تبح هجر الرجل لزوجته فى حالة وجود شقاق أو عدم توافق فحدد القرآن طريقة العلاج وأمر الزوج أن يعظ زوجته بأن تعامله المعاملة الحسنة والا هجرها فى الفراش فقال عز وجل: «وعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فان أطعن فلا تبغوا عليهن سبيلا». وقال الفقهاء أن المقصود بالهجر هو أن يكون ليالى بسيطة ومدة قليلة وتكون الزوجة فى حجرة واحدة فى فراش الزوجية، الا أنه لا يقربها كل الفترة حتى تعود الى رشدها. هذه هى الحالة الوحيدة التى يجوز فيها هجر الرجل لزوجته..ومسألة هجر الرجل لزوجته بدون سبب أو مبرر يحمل الرجل الاثم والذنب ومن حق المرأة اذا أصابها ضرر أن ترفع دعوى أمام المحاكم تطلب الطلاق للضرر. والضرر يتمثل فى الهجر وفقا للشريعة الاسلامية. وعلى المرأة أن تطالب القضاء بحل عقدة الزوجية.لكن هناك سيدات مقهورات يخشين الذهاب الى القضاء، فهذه المرأة لا تلومن إلا نفسها.