منذ أن تناولنا فى العدد الماضى قضية تدنى أسعار السياحة الوافدة الى مصر وطالبنا وزير السياحة بالتدخل لضبطها حتى تصبح مصر كما نريدها «أم الدنيا وأد الدنيا» - ونحن نتلق العديد من الرسائل الألكترونية والتليفونية من أهل الخبرة الذين يتبوأون مراكز رفيعة فى شركات إدارة فندقية عالمية لما لهم من خبرات وتجارب أهلتهم لهذه المكانة وقد كان لهم رأى هام فى هذه الأزمة التى ستؤدى حال استمرارها الى القضاء على هذه الصناعة الواعدة وفقدان شريان مهم يغذى الموازنة العامة للدولة بالعملات الأجنبية ويسهم فى زيادة معدلات النمو الأقتصادي. صفحات «سياحة وسفر» فتحت ملف تدنى الأسعار بعد أن وصلت إلى الخط الأحمر الذى أصبح السكوت عنها جريمة فى حق الوطن وحتى نضع أمام المسئولين آراء أهل الخبرة الذين لهم رؤية وأضحة حول مستقبل السياحة فى مصر ويدركون أنها يجب ألا تكون ضجيجا بلا طحين. وحتى لا تكون كذلك فقد أصبحت جميع الدول السياحية الكبرى الأن لا تبحث عن زيادة أعداد السائحين بقدر اهتمامها بإنفاقهم وما حققته من دخل للبلاد وهذه هى النظرية الاقتصادية التى اعتمدتها دول العالم معتبرين أن السياحة صناعة يجب أن يكون لها مردودها القوى على زيادة القدرة الاقتصادية للبلاد ولهذا السبب تحديدا قامت دول العالم السياحية بتطبيق معايير الجودة على جميع فنادقها ومنشأتها السياحية حتى تجبرهم على البيع بأسعار مرتفعة تنعكس ايجابيا على زيادة الحصيلة الضريبية وتوفير العملات الأجنبية. فعندما تتصفح مواقع الانترنت لحجز رحلتك الى أى دولة أوربية ستجد أن الليلة الواحدة لا تقل عن 150 يورو بالافطار فقط وستجدها فى مصر بأقل من 20 يورو شاملة جميع الوجبات والمشروبات! حتى فنادق القاهرة ذات الخمس نجوم لا تذيد عن 400 جنية فى الليلة. سنوات طويلة ونحن نحاول تطبيق معايير الجودة New Norms والمعروفة اختصارا NN الركود .. فرصة لتطبيق المعايير ولكن للأسف لم تستطع حكومة حتى الأن تطبيقها وبنظرة سريعة على هذه المعايير وموقف وزراء السياحة منها سنكتشف أن منير فخرى عبد النور وبعد تولية حقيبة السياحة عقب ثورة يناير كان من أكثر الوزراء إصرارا على تطبيقها على الرغم من إنحسار الحركة السياحية الوافدة إلى مصر حيث أكد فى مايو 2012 أنة لن يؤجل ولن يتنازل عن تطبيق هذه المعايير فى جميع الفنادق وجاءت تصريحات عبد النور لتعكس حقيقة إدراكة أن الركود السياحى لا يعنى أن نتخلف عن معايير السياحة الدولية بل أن هذا التراجع المؤقت يفرض علينا أن نعيد ترتيب أوراقنا ونحسن الجودة وندرب العمالة حتى نعود الى السوق السياحى العالمى بقوة ونستطيع فرض الأسعار التى نراها مناسبة لمنتجنا السياحي.وبالفعل أمهل الفنادق والقرى السياحية 6 أشهر لتطبيق هذه المعايير. زيارات غير معلنة هذه المعايير أصدرها زهير جرانة وزير السياحة الأسبق فى قرار خلال شهر أكتوبر من عام 2006 بإعتماد تصنيف الدرجات الفندقية وفقا للقواعد التى حددتها لجنة من خبراء السياحة فى مصر والدول الأوروبية ووفقا لهذه المعايير يخضع الفندق الى التقييم على مرحلتين - الأولى منها تتناول البنية التحتية والأجهزة والمعدات اللازمة للتشغيل ويحصل فيها الفندق على نسبة تقييم 80% - والثانية تختص بجودة الخدمة وهو ما يتم من خلال النظام العالمى المعروف باسم «الزيارات غير المعلنة» ويقوم بها مندوبون من وزارة السياحة ومن شركات أجنبية حيث يقيمون بالفندق على انهم نزلاء عاديون لمتابعة الخدمة وتقييمها وتصل نسبتها إلى 20% والاشتراطات الصحية يجب أن تصل إلى 100%. نبدأ الحلقة الثانية من ملف تدنى الأسعار مع مجدى نجيب الخبير السياحى وعضو غرفة الفنادق الكبرى.. مؤكدا أن السياحة فى مصر وصلت الى درجة مخيفة ويجب مواجهتها بشتى الطرق حتى تحصل مصر على الأسعار العادلة التى تتناسب مع مقوماتها السياحية مضيفا اننا منذ سنوات عديدة نقول أن الوقت غير مناسب ونتيجة لهذا الموقف السلبى وصلنا الى هذه الحالة التى أصبحت مخجلة ومضرة لصناعة السياحة. الوقت المناسب وردا على من يقول إن الوقت غير مناسب لتطبيق معايير الجودة لضبط الأسعار قال مجدى نجيب أن هذا الكلام وهذا الموقف السلبى هو ما أدى بنا الى ما نحن فية الأن مضيفا أن جميع عقود شركات الأدارة الفندقية بها بند للاحلال والتجديد ينص على تجنيب نسبة من الدخل والأرباح تصل الى 5% سنويا لصيانة الغرف والمطاعم وجميع مقومات الفندق وأن هذه النسبة يتم إدخارها فى حساب بنكى خاص يتم استخدامه عند اللزوم. وأضاف أنه للأسف القطاع الخاص السياحى الذى يدير فنادقة بنفسة لا يجنب هذه النسبة ويصرفها فى بنود إخرى مما يجعله عاجزا تماما عن إجراء أية صيانات لازمة أو تدريب العمالة فما بالك بتطبيق معايير الجودة التى تتطلب مبالغ طائلة. ويقول إننا يجب أن نستثمر النبرة الصادقة للقيادة السياسية التى تريد أن تنهض بمصر وتضعها فى مصاف الدول الكبرى مضيفا أنة لأول مرة فى مصر توجد قرارات جادة مثل قرارات ترشيد الطاقة التى صاحبها صراحة مطلقة من السيد عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية ونحن أيضا فى قطاع السياحة نحتاج الى قرارات جريئة لضبط الأسعار وإنقاذ سمعة مصر فى الخارج. معايير طواها النسيان ويتسائل مجدى نجيب عن سبب عدم الأهتمام بتطبيق معايير الجودة التى حفظت فى الأدراج وطواها النسيان والمعروفة ب NN. مشيرا الى أن تطبيقها سيعود بالفائدة على الأقتصاد المصرى حيث سيؤدى الى الأرتفاع بالأسعار مما يزيد من الحصيلة التى يوردها قطاع السياحة الى الخزانة العامة للدولة و الى عودة الثقة التى فقدنها على مستوى منظمى الرحلات فى دول العالم المختلفة - كما سيؤدى تطبيقها أيضا الى وجود مصداقية فى الرخصة التى تمنحها وزارة السياحة للفندق وموضح عليها عدد النجوم التى حصل عليها. وفى هذه النقطة يوضح لنا الخبير مجدى نجيب أن العاصمة الفرنسية باريس وهى أكبر مدينة سياحة فى العالم لا يوجد بها سوى 3 فنادق فقط مستوى 5 نجوم وأن فندق جورج الخامس طلب بنفسه تخفيض تقييمه من 5 نجوم إلى 4 نجوم بسبب عدم قدرته على توفير الموارد اللازمة لتطبيق المعايير المطلوبة للحفاظ على النجمة الخامسة فى حين أن مصر كل فنادقها أصبحت 5 نجوم و عندما يحجز السائح ويأتى للفندق يكتشف إنه لا يزيد على 3 نجوم ومن هنا اكتسبت مصر سمعة سيئة لدى السائح الأوروبى لعدم وجود المصداقية لدينا مشيرا الى أن الفنادق ذات الثلاثة والأربعة نجوم فى العالم أجمع عليها اقبال يفوق فنادق مستوى الخمسة نجوم ولكننا هنا فى مصر لم نعد نعى ذلك، مشيرا الى ان فندق ماريوت الشانزلزيه تقييمه 4 نجوم فقط. ويتعجب نجيب من التباين الرهيب فى الأسعار بين فنادق الخمس نجوم على سبيل المثال - فيقول عندما تحاول أن تحجز من خلال شبكة الانترنت ستفاجأ أن هناك فندق 5 نجوم يبيع الليلة الواحدة بحوالى 400 جنيه وأخر بحوالى 500 وثالث بأكثر من 1000 جنيه على الرغم من أن جميعهم 5 نجوم - مضيفا أن العالم كلة أصبح لا يتعامل بنظام السعر المعلن الموجود فى الفنادق المصرية وأصبح يتعامل وفقا لطلبات السوق وفترات الحجز. وأكد أن وزارة السياحة لا تستطيع فرض أسعار على الفنادق حتى لا تصطدم بأتفاقيات التجارة الحرة ولكن لديها أليات وأدوات لضبط الأسعار من أهمها إلزام الفنادق بتطبيق معايير الجودة N N. مشيرا إلى انه على غرفة الفنادق أن تمارس دورها بفاعلية لضبط الأسعار بالتعاون مع وزارة السياحة انتهى تعليق مجدى نجيب على ملف الأسعار- ولكن يتبقى أن نعلم أن مصر بمقوماتها السياحية الفريدة تستحق ما هو أفضل من ذلك.