لم يكن اعلان رئيس الاجتماع الوزاري الخليجى الاخير بجدة انفراج العلاقات بين السعودية والاماراتوالبحرين من جهة وقطر من جهة اخرى مفاجئا على الرغم من عدم اعلانه تحديد موعد لعودة سفراء الدول الثلاث الذين سحبوا في مارس الماضي الى الدوحة. لكن مصادر مطلعة كشفت عن ان عودة هؤلاء السفراء ستكون في اكتوبر او نوفمبر المقبلين قبل اجتماع القمة الخليجية السنوية في شهر ديسمبر وتصادف ان يكون مكان انعقادها في قطر! واضافت المصادر المطلعة ان عودة سفراء كل من السعودية ودولة الاماراتوالبحرين يرجع الى عاملين الاول يتعلق ببعض القضايا الخلافية المتبقية ومنها موضوع التجنيس حيث تعهدت قطر بعدم تجنيس اي جنسيات خليجية (مثلما حدث مع بعض المعارضين في البحرين) والثاني لوجيتسي نظرا لعقد اجتماعات وزارية تحضيرية قبيل عقد القمة الخليجية في المجالات الامنية والدفاعية والاقتصادية لذلك لابد من عودة السفراء ليكونوا موجودين خلال الاجتماعات المقبلة التي ستعقد في اكتوبر ونوفمبر المقبلين بالدوحة. موضوع العلاقات بين السعودية وقطر وانفراجه بدأ منذ قرابة الشهرين اي منذ توجه الامير تميم بن حمد امير قطر في شهر يوليو الماضي ( اواخر رمضان الماضي) الى جدة واستقبله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والامير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد وكبار الامراء والمسئولين السعوديين ثم توجه الامير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز رئيس الحرس الوطني الى الدوحة في 11 اغسطس الماضي واستقبله امير قطر واقام له مادبة غداء تكريما له .. هذه المباحثات اعقبتها زيارة قام بها الامير سعود الفيصل وزير الخارجية بصحبة رئيس الاستخبارات السعودية وايضا وزير الداخلية السعودية الى الدوحة حيث استقبلهم امير قطر ثم واصلوا جولتهم بزيارة كل من ابوظبي والمنامة. كل هذه الزيارات التي تمت وسط تكتم شديد ادت في النهاية الى اعادة المياه الى مجاريها والامور الى طبيعتها ولم يتبق الا عودة السفراء. السعوديون اعدوا بعد ذلك من خلال وزير خارجيتهم الامير سعود الفيصل المخضرم سلسلة خطوات مهمة للغاية مدروسة بعناية لتحقيق التقارب واذابة الجليد لمواجهة القادم وماهو اصعب ( تهديدات داعش في العراقوسوريا ) وهذا له اولوية قصوى في المرحلة الحالية سواء على الصعيد العربي اوالاقليمي او الدولي . فقد تم عقد اجتماع خماسي على مستوى وزراء الخارجية بجدة في 24 اغسطس الماضي برئاسة الامير سعود الفيصل ومشاركة سامح شكري وزير خارجية مصر لاول مرة بحضور خالد العطية وزير خارجية قطر على طاولة واحدة ووزير خارجية دولة الامارات الشيخ عبدالله بن زايد ومستشار وزير الخارجية الارني باعتبارهم الدول الاعضاء في محموعة الاتصال الخاصة بازمة سوريا. ولكن مالم يطرح اعلاميا انه وبالاضافة الى بحث حل الوضع المتأزم في سوريا واعلان طرح الازمة على اجتماع وزراء الخارجية العرب الموسع بالقاهرة فقد كانت هناك ايضا مشاورات تجرى في ذات الاجتماع غير معلنة تهدف لتكريس محور عربي جديد يضم مصر والسعودية ودول الخليج بمافيها قطر والاردن لمواجهة الازمات التي تلحق بالدول العربية وخاصة سوريا وليبيا وبطبيعة الحال جماعة داعش الارهابية. واعقب الاجتماع الخماسي اجتماع ثلاثي مغلق انفردت بنشره الاهرام آنذاك بين وزراء الخارجية الثلاثة السعودية ومصر وقطر بهدف ترطيب الاجواء بين مصر قطر بعد تسوية الخلافات بينهما بوساطة سعودية. هدف المحور الجديد حل الازمة السورية من خلال افكار تطرحها مصر وكان الرئيس عبدالفتاح السيسيي قد اعلن في 25 اغسطس عقب انتهاء الاجتماع الخماسي بجدة بيوم واحد ان مصر تلتزم بموقف محايد بشأن الازمة في سوريا فهي لاتقف مع النظام ولا المعارضة وفسر البعض ذلك بانه تمهيد للعب دور مصري مهم في حل الازمة السورية التي مازالت تراوح مكانها منذ اكثر من ثلاث سنوات . وايضا في العراق وفي ليبيا وفي لبنان.. وكانت الاهرام قد وجهت سؤالا لرئيس الاجتماع الخليجي وزير خارجية الكويت خلال المؤتمر الصحفي عقب اختتام الاجتماع الوزاري الخليجي بجدة حول وجود مبادرة خليجية مصرية تمت مناقشتها خلال الاجتماع فلم ينف الوزير ذلك.. وقال ان موضوع سوريا بند مهم وسيتم بالفعل مناقشة الازمة السورية في اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة وان مصر دولة مهمة ولها رؤيتها المعتبرة لحل كافة الازمات في المنطقة. السعودية رأت اهمية مساهمة قطر في هذا المحور العربي ولاتريد ان تبتعد الدوحة عنه او على الاقل تقف على الحياد دون مزيد من تصعيد الامور خاصة في ظل القضايا الساخنة التي تواجهها الامة العربية. فهل تشهد الفترة المقبلة ملامح تشكيل المحور العربي الجديد بقيادة مصر والسعودية وايضا تقارب مصري قطري بوساطة سعودية بعد ازالة القضايا الخلافية العالقة بين البلدين.. هذا مايمكن ان تبدأ ملامحه من خلال اجتماعات وزراء خارجية الدول العربية المقبلة بالقاهرة.... واخيرا فالحديث الشريف ((استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان)) يطبقه وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بحذافيره وبنجاح يهدف لردم هوة الخلافات ومواجهة القضايا الساخنة الحالية ومحاولة استعادة تحقيق التضامن العربي بمعناه الحقيقي بكلام قليل وعمل كثير من داخل الكواليس الدبلوماسية!