لا بأس ونحن نعيد بناء بلادنا ونطهر ثوبها من الجهل والفساد أن نستفيد من تجارب الآخرين وخبراتهم , وأود أن أطرح هنا مثالا على قدرة الدول المتقدمة على الحفاظ على الوجه الحضارى للمدن مع عدم المساس بأرزاق المواطنين أو الحركة التجارية. فأثناء زيارة سابقة لبكين حيث قلب الصين التجارى النابض بالنشاط، ، يقع المركز التجارى «شيو شوي» أو «سوق شارع الحرير» ، راعيا لأكثر من 1700 محل تجارى صغير يستقبل المتسوقين من مختلف أنحاء العالم، ويعكس صورة تعبر أفصح تعبير عن أصالة الصين الثقافية، والتاريخية، الأمر الذى يجعل من زيارته جزءا ثمينا لاستكشاف مذاق الحياة الصينية. ويعود تاريخ هذا الشارع إلى ثمانينيات القرن العشرين، حين كان مجرد سوق ضيقة، تعج بباعة منتجات الحرير بأسعار رخيصة،وحرصا على الوجه الحضارى للعاصمة وخشية تعرض السوق للحريق اتخذت السلطات قرارا بنقله إلى مبنى أنيق من ستة طوابق عام 2005. السوق بثوبها الجديد الذى يتجاوز طبيعته التجارية ليجسد أيضا متحفا للثقافة الصينية يزوره نحو 20 ألف متسوق يوميا يتضاعف عددهم ليتجاوز 60 ألفا فى أيام العطلات يتهافتون على شراء المعروضات التى تبدأ بالشاى الصينى الشهير ونهاية بأحدث الأجهزة الإلكترونية إلى جانب متابعة حية لعملية إنتاج الحرير وعرض الحرفيين لفنونهم أمام الزبائن ومنها التماثيل الصلصالية واللوحات الفنية. وتضم السوق خدمات أخرى مثل مكتب للبريد، وفروع للبنوك. واللافت أننى لم ألحظ اختلافا كبيرا بين المتجر ومتاجر الخمس نجوم فى مصر وربما يتفوق الصينى برخص الأسعار وجودة المنتجات ولم أعلم بأنه كان سوقا شعبية سوى بعد مغادرته وكانت دهشتى كبيرة! تجربتى الشخصية تدفعنى لطرح اقتراحين للتخلص من صداع البائعين الرافضين لتجربة سوق «الترجمان» , أولهما تمليك المحلات الشاغرة فى داخل مول الترجمان ذاته لمن يرغب بنظام الإيجار التمليكى وإعادة الحياة للمول وتحويل المنطقة إلى وجهة تسويقية حضارية كما سوق الحرير بالصين , أو بناء «مول» من 6 أدوار مثلا فى جراج «وابور الثلج» بشارع الجلاء دون الاكتفاء بسوق تقليدية وتأجير محلاته بسعر معقول. لمزيد من مقالات شريف عابدين