من حق الدولة المصرية فى عهد السيسى أن تسمع كلمة حق بكل مفردات التحية والاعتزاز لمنهج الاعتدال والحكمة والعقلانية الذى تدير به ملف مياه نهر النيل بعد أن كانت مصر متجهة دون وعى للتصعيد والتهديد الذى كان عنوانا لخطاب إعلامى سطحى يستهدف مخاطبة المشاعر ولا يدرك مخاطر اللعب بالنار فى مثل هذه القضايا الحساسة والمصيرية. والحقيقة أن منهج الاعتدال والحكمة والعقلانية فى التعامل مع نهر النيل يعكس جانبا كبيرا من فهم المصريين لأهمية النهر والدور الكبير الذى يلعبه فى صنع الحياة على طول أرض الوادى منذ فجر التاريخ. ومن يقرأ بدقة كل سجلات التاريخ يزداد يقينا بأن سلاح العقل كان دائما هو أقوى سلاح تتعامل به مصر فى الدفاع عن النهر وعن حقوقها التاريخية فيه .. فبالعقل والهدوء بعيدا عن التشنج أو الانفعال استمرت رحلة الحب والعشق بين الشخصية المصرية الهادئة والرزينة وبين نهر النيل الهائج الهادر بفيضاناته دائما وبانحسار مياهه فى بعض سنوات القحط والجفاف وذلك من خلال القدرة على ترطيب علاقات الود مع دول حوض النيل لتجنب كل محاولات الدس والوقيعة التى كانت تثار بين الحين والحين بهدف الضغط على مصر لحساب القوى الدولية المتضررة من استقلالية القرار المصرى. وربما يفسر هذه الفلسفة والحكمة النابعة من الذكاء الفطرى للعقل المصرى اهتمام قدماء المصريين منذ عهد الملكة حتشبسوت ببناء الأساطيل التى تحمل السلع المصرية «ذهابا» إلى الحبشة وأوغندا وتعود بالذهب والفضة «إيابا» فى عمليات تبادل تجارية تسهم فى توطيد العلاقات قبل أن تعرف البشرية مثل هذه المصطلحات! ويخطيء من يظن أن منهج الاعتدال والحكمة والعقلانية عند التعاطى مع الأزمات والمشاكل الحادة يعنى استبعاد أية خيارات أخرى عند الضرورة واستنادا لحسابات دقيقة.. وساعتها لا يمكن أن يلومنا أحد لأن الكل سيشهد ويقر بحسن النيات وسلامة المقاصد ومشروعية الدفاع عن الحق... وظنى أننا لن نضطر إلى ذلك ولن يدفعنا الآخرون للصدام بعد أن أبدينا تفهمنا الكامل لحقهم المشروع فى التنمية دون المساس بحصة مصر من مياه النيل. خير الكلام: الأصدقاء كالذهب.. الأصيل تزداد قيمته بمرور السنين والخبيث يفسد بمرور الزمن! لمزيد من مقالات مرسى عطا الله