مأساة حقيقية تعيشها قرية غربال بالبحيرة, وتوشك أن تتسبب في تفشي الأمراض الوبائية بين سكانها بعد أن اقتحمت مياه المجاري منازل المواطنين, والمحال التجارية. وارتفع منسوبها في شوارع القرية لأكثر من40 سم, فحولت حياة مواطنيها إلي جحيم لا يطاق. والزائر للقرية يصاب بالصدمة من هول ما يري في شوارعها من سدود علي النواصي تشبه تلك التي كان يقيمها الشباب قديما أثناء محاولتهم صيد السمك في الترع بتقسيمها إلي أحواض تحجز المياه, ناهيك عن الرائحة العفنة التي تزكم الأنوف, والويل لمن قاده حظه العثر إلي أن يمشي في القرية دون أن يحضر البوت فالمياه العفنة لا محالة متسربة إلي حذائه وعليه أن ينقع قدميه في محلول مطهر لمدة يوم كامل حتي يتخلص من الرائحة الكريهة. هل يرضي أي من مسئولي المحافظة أن يستيقظ من النوم ليكتشف اقتحام مياه المجاري غرفة نومه ومحاصرتها للسرير الذي ينام عليه؟ بهذا السؤال الاستكاري بدأ جهيد محمد(26 سنة عامل) حديثه معنا خلال زيارة الأهرام للقرية. ويقول علي الرغم من كون قرية غربال لا تبعد عن العاصمة دمنهور سوي2 كيلو متر, إلا أنها سقطت تماما من حسابات المسئولين, ويوضح أن القرية التي يقطنها أكثر من15 ألف نسمة تعاني ارتفاعا كبيرا في منسوب المياه الجوفية, ولما بح صوتنا إلي المسئولين دون مجيب وفقدنا الأمل في ادراج القرية ضمن مشروعات الصرف, اعتمدنا علي أنفسنا وقمنا بعمل شبكة للصرف الصحي بالجهود الذاتية, بعد سداد كل منزل مبلغ حوالي500 جنيه, والتي ساهمت وقتها في حل المشكلة جزئيا. ويكشف جهيد أن عدم صيانة المشروع تسبب في تعثره, لتطفح مياه المجاري في شوارع القرية من جديد بعد5 سنوات من اقامة المشروع. ويشير سامي عبدالجواد صاحب محل دواجن إلي معاناة أهالي القرية فيوضح أنه يستحيل علي الأهالي السير في شوارع القرية بدون ارتداء البوت الحذاء ذي الرقبة الطويلة, والذي يستخدم لتخطي مياه البرك ثم نتركه لدي أحد أقاربنا بمدخل القرية, ونرتدي الحذاء العادي ويقول لك أن تتخيل معاناة أولياء الأمور خاصة الأمهات في توصيل أطفالهن الي المدرسة صباحا والعودة بهم في الظهيرة, خشية أن يسقط أحدهم في برك المياه. ويشير علي محمد شيخ البلد بالقرية الي أن الأهالي يضطرون الي نقل موتاهم عن طريق الجرارات بوضع النعش في المقطورة الخلفية لإستحالة حمله والسير به في الشوارع, كما أن السيارات الأجرة هي الأخري تمتنع عن دخول القرية خشية التعثر في السير بين الاوحال مما جعل القرية تعيش في عزلة تامة رغم قربها من دمنهور, كما يشير الي تكرار نفس مشاكل الصرف في عزبة الكومي وقراقص المجاورتين لقرية غربال. ويؤكد أن العشرات من أهالي القرية أصابتهم أمراض التليف الكبدي, والفشل الكلوي والسرطان وغيرها من الأمراض الخطيرة, بسبب تدهور الوضع البيئي والصحي في القرية.