نجاح وزارة الداخلية فى القبض على ست خلايا تستهدف أبراج الكهرباء كشف النقاب عن مخطط الجماعة الارهابية فى استهداف هذا المرفق الحيوى وفى هذه الفترة بالتحديد خلال شهر اغسطس الذى يعتبر ذروة الصيف، حيث ارتفاع درجات الحرارة لكى يعانى المواطنون من انقطاع التيار الكهربائى لساعات طويلة وتشتد حالة السخط لديهم تجاه الحكومة والنظام الحالى . وكما أكد المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء فإن 300 حادثة تخريبية وقعت خلال شهر واحد فقط ، ووفق تقديرات وزارة الكهرباء فقد كبدت هذه الحوادث الدولة 33 مليون جنيه قيمة تكلفة الاصلاح فقط . والآن بعدما تم القبض على الخلايا المتورطة فى هذه الاعمال الارهابية ومن يساعدونهم داخل وزارة الكهرباء .. هل ستتوقف هذه الاعمال الخسيسة ؟ وما هو المطلوب لمواجهة الارهاب فى هذه المرحلة؟ يؤكد الدكتور محمد اليمانى «المتحدث باسم وزارة الكهرباء» وجود تنسيق مع وزارة الداخلية التى نجحت فى الكشف عن الخلايا المتورطة فى هذه الاعمال التخريبية وتم تحديد العناصر التى تساعدهم داخل الوزارة التى تعرف مكان أضعف نقطة فى البرج ، وتحدد لهم الابراج الاكثر تأثيرا ليتم استهدافها وتفجيرها ، وللاسف فإن هذه العناصر تعمل فى غرفة التحكم ومحطة الكريمات وسربت المعلومات للمخربين ومن يخططون لهم . وتم الاتفاق مع وزارة الداخلية على تسيير دوريات بشكل منتظم لمراقبة الابراج وتعيين خفراء من الكهرباء لحراسة الابراج المهمة ، وننتظر اصدار تشريع لتغليظ العقوبة على كل من يقوم بهذه الاعمال التخريبية ، والمطلوب من المواطن ان يكون له دور فى الابلاغ عن اى شخص يشتبه فيه او يكون موضع ريبة وذلك بالاتصال على رقم الكهرباء «121» أو النجدة «122» لان هذه المرافق ملك للشعب وهو المتضرر من استهدافها . ويرى الدكتور اليمانى انه من الصعب حراسة او مراقبة 140 ألف برج على مستوى الجمهورية منتشرة بطول 40 ألف كيلومتر بعضها داخل زراعات ومن هنا يأتى وعى المواطن ومشاركته فى الكشف عن اى مخرب . وعن تأثير تفجير الابراج والاكشاك والمحطات يقول : هذه التفجيرات تؤثر على حجب القدرات المولدة للكهرباء عن الوصول للمواطنين فى حدود 15% لان الابراج بمثابة شريان نقل الكهرباء وتفجيرها يؤثر على التيار فى اطار المنطقة الموجود بها حتى يتم اصلاحه ، وقد بدأ مخطط استهداف الكهرباء من شهر مايو الماضى وحتى هذه اللحظة وتم تفجير عدد كبير من الابراج فى محافظات عدة فى القاهرة والجيزة وسوهاج ومنطقة مصر الوسطى ، والكريمات وغرب الدلتا ، النوبارية ومحافظة المنوفية ومنطقة القناة والصالحية والدلتا وبلغت تكلفة اصلاح هذه الابراج 33 مليون جنيه . الأمن وحده لايكفي يقول اللواء فؤاد علام «وكيل جهاز أمن الدولة الاسبق»: العمليات الارهابية مهما تكن صغيرة فهى تمثل خطورة على الامن القومى المصرى وتثير الرعب لدى المواطن وبالتالى فمواجهة الارهاب ليس قضية أمن فقط بل دور جهات اخرى فى الدولة ، فالأمن يقوم بدوره ويضبط الخلايا المتورطة لكن مطلوب التعامل بالطريقة الصحيحة للقضاء على أسباب الارهاب وتجنيد عناصره ، واذا لم يتم تطبيق هذا فلن يحقق الامن المرجو منه . وأقول هذا الكلام من واقع خبرتى على مدى نصف قرن ومن خلال ارهاب الفترة السابقة والذى توقف لاننا كدولة نجحنا فى التعامل معه ليس بالامن فقط ، فالارهاب كالشجرة لها فروع واوراق وجذور ودور الامن هو قطع الاوراق والفروع لكن ذلك لن يكون فعالا الا بالقضاء على الجذور وهنا مسئولية رئيس الحكومة المهندس ابراهيم محلب واطلب منه ان يعود للدراسات السابقة لمواجهة الارهاب وهى تطرح 6 محاور او حلول للقضاء على الارهاب. وتشمل المحور السياسى والاقتصادى والثقافى والاجتماعى والدينى والاعلامى ومعهم الامنى ويجب على الحكومة ان تطبق المحاور ويتطلب ذلك تكاتف كل مؤسسات الدولة، على سبيل المثال الازهر منوط به مواجهة الافكار المتطرفة من خلال علمائه للرد على المخربين وفتاوى المتطرفين ، والاوقاف عليها دور من خلال مسئولية الدعوة الاسلامية ولديها 52 ألف مسجد على مستوى الجمهورية من خلال هذه المنابر وخاصة فى الريف والمناطق التى يستشرى فيها الفكر المتطرف ويتم تجنيد عناصره تقام ندوات فى المساجد بالقرى لتصحيح المفاهيم . وزارة الثقافة ايضا لها دور من خلال الكتب والاعمال الادبية والفنية ، ووزارة الشباب من خلال مراكزها المنتشرة على مستوى الجمهورية تقوم بتوعيتهم فى مواجهة الفكر المتطرف . ويرى اللواء فؤاد علام ان عدم تحرك كل هذه الجهات وترك المسئولية على عاتق الامن وحده يعتبر جريمة فى حق الوطن وستكون العواقب وخيمة . وعن دور الامن يقول: الامن ناجح حتى الآن فى مواجهة الارهاب وتوجيه ضربات استباقية له واختراقه وتحقيق نجاحات تحسب له لكن فى موضوع الابراج من المستحيل تأمينها ولو وجدت حراسة فلا تمثل اكثر من 20% ولا يستطيع الامن حراسة كل منشآت الدولة ، ولذلك يجب على الامن اختراق هذه المنظمات الارهابية وأن يوجه لها الضربات الاستباقية . التطهير من الداخل أما اللواء سامح سيف اليزل «مدير مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية» فيرى ان مواجهة مخطط تدمير مرافق الكهرباء يتطلب تطهير وزارة الكهرباء من داخلها من العناصر الاخوانية التى زرعت فى الاماكن الحساسة والمهمة فى الوزارة تحسبا لهذا اليوم خلال الفترة التى حكم فيها الاخوان ، ويمكن القول إن هناك بعض الكوادر داخل وزارة الكهرباء ساهمت فى تسريب معلومات ورسومات تحدد اماكن الابراج والمحطات لاستهدافها من العناصر المخربة بهدف رئيسى هو زيادة الاحتجاجات وتهييج الرأى العام ضد الدولة والرئاسة والقيادة الحالية . ولابد من التحرك فى عدة محاور للوصول الى الساعين والمخططين للمؤامرة والقبض عليهم قبل تنفيذ عمليات جديدة ، وعمل دوريات امنية متحركة دائمة فى الاماكن المعرضة للاستهداف التخريبى وفى نفس الاطار الامنى عمل دوريات بطائرات دون طيار فيما يعرف باسم «جام كوبتر» والمستخدمة بشكل واسع فى العديد من الدول خصوصا انها ليست باهظة الثمن وتعطى الانذار المبكر عند محاولة الاقتراب او تنفيذ الاعمال التخريبية بالذات فى الاماكن الخالية . توعية المواطن ضرورة قصوي وعن دور الاعلام فى مواجهة أعمال التخريب يقول الدكتور صفوت العالم «استاذ الاعلام بجامعة القاهرة»: بالطبع الاعلام عليه مسئولية فى هذه المرحلة فى توعية المواطن بأهمية الابلاغ عن اى شخص له موقف مريب او مشبوه ومساعدة الامن فالتعاون هنا ضرورى خاصة ان بعض الابراج موجودة فى اماكن سكنية ووسط زراعات ويجب ان نكون كمواطنين حراسا عليها فهى ممتلكات الشعب ومن منطلق المسئولية يجب ان نحرص على معاونة الداخلية والتشكك قد يكشف عن خلايا ارهابية ويجهض مخططات كبيرة. مطلوب من الاعلام الرسمى والخاص طرح هذه المشكلة وربطها بانقطاع التيار لحلقات نقاشية فى وجود متخصصين وفتح حوار مع المشاهدين يتم فيه الاستماع الى ارائهم ومقترحاتهم على اعتبار ان الكهرباء مرفق مملوك للشعب وقد يؤدى طرح الموضوع للنقاش لطرح حلول وترشيد الاستهلاك وتقليل تخفيف الاحمال او على أقل تقدير وعى المواطن بما يدور حوله من مخططات تستهدف اسقاط الدولة . المؤبد عقوبة المخربين وعن التوصيف القانونى وعقوبة من يستهدف مرافق الدولة سواء ابراج كهرباء او شبكات مياه او طرق يقول الدكتور سيد عتيق «رئيس قسم القانون الجنائى بجامعة حلون» إن اتلاف مرافق الدولة ومنها ابراج الكهرباء يندرج تحت طائلة قانون العقوبات وتصل عقوبتها الى السجن المؤبد لأنها اعتداء على حرمة المال العام وتخريب واعتداء على المجتمع كله ، ولانه يجب حماية المجتمع من مثل هذه الجرائم فقد وضع المشرع هذه العقوبة لمواجهة كل ذلك . والحقيقة فإننى مندهش من التصريحات التى تطالب بقوانين جديدة أو تغليظ العقوبة لمواجهة الاعمال التخريبية فلدينا قانون العقوبات وهو من القوانين الجنائية الكافية لمواجهة هذه النوعية من المخططات والعقوبة المؤبد ، إذن فالمطلوب هو تفعيل القانون الموجود وتطبيقه على من تثبت عليه التهمة ولسنا بحاجة لمزيد من التشريعات. لدينا ترسانة قوانين لكن ينقصنا التطبيق . وحتى على مستوى الدين فكل الاديان خاصة الدين الاسلامى يعتبر تخريب المال العام وقطع الطرق من الاعمال التى تستوجب حد الحرابة على مرتكبيها ، وقد قال الله عز وجل فى كتابه الكريم فى سورة المائدة « إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع ايديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم » .