لم أجد كلمات تعبر عما تستحقه. صدقك، طيبة قلبك، حبك للجميع، فقد كان مجلسك ساحة للزملاء حالات الفرح وحالات الأنين. صعب رثاؤك ياسعدنى ولكن نقول قول النبى صلى الله عليه وسلم عند وفاة ولده ابراهيم «ان القلب ليحزن وان العين لتدمع وانا لنقول ما يرضى ربنا وإنا لفراقك ياإبراهيم لمحزونون» ولا نجد ما نقوله وإنا لفراقك ياسعدنى لمحزونون. عبد الهادى تمام ----------------------------------------------------------------------------- حين يرحل الذين نحبهم، يتركون لنا قلوبهم، تلك القلوب التى أحببناهم من أجلها، بعد أن أعطتنا بلا حدود، وغمرتنا بمشاعر إنسانية نبيلة، أضفت على حياتنا دفئا وسلاما ومذاقا طيبا، ولولا مثل هذه القلوب النادرة لزادت أيامنا مرارة وأسى، وأصبحت الحياة بلا «ملاذات» إنسانية آمنة، نلجأ إليها هربا من جحيم العلاقات التجارية، التى أصبحت سائدة بين الناس. الأسبوع الماضى رحل رجل من أصحاب هذه القلوب الكبيرة، غادر الصديق محمد السعدنى الحياة، إثر أزمة صحية لم تدم طويلا، وكأنه قرر أن يتقاعد عن الحياة، بعد إحالته إلى التقاعد عن العمل بأيام قليلة، بمجرد بلوغه الستين، وهو الذى لم يكن يفعل شيئا طوال عمره سوى أن يعمل بجد وإخلاص، ملتزما بتقاليد وقيم إنسانية ومهنية، كان لا يدرى أنها أخذت فى الاندثار، فهو رغم خبراته الطويلة وسعيه المتصل، وتقلده عدة مناصب تنفيذية فى العمل، فإنه لم يفقد «طيبته»، ولم يكتسب مهارات «الارتزاق» والوصولية والانتهازية، وكثيرا ما كان يشعر بالصدمة والأسى من تصرفات بعض أصحاب النفوس الصغيرة والقلوب المريضة، وكان لا يرى مبررا على الإطلاق فى أن لا يكون الإنسان شريفا ومترفعا، فى خصوماته وصراعاته وتطلعاته. عندما دخلت عليه غرفة العناية المركزة قبل رحيله بيومين، هالتنى حالته، فقد كان شبه غائب، وكانت «خراطيم» التنفس والتغذية تتدلى من جسده، وعندما اقتربت منه وقبلت جبينه، فتح عينيه، فقلت له بصوت «مخنوق»: أيام قليلة وتشفى بإذن الله وتعود الى بيتك، فما كان منه إلا أن هز رأسه، بما يعنى أن كل شيء انتهي، ولم أكن أتخيل أن تأتى النهاية بمثل هذه السرعة. رحل الصديق محمد السعدنى أحد القلائل الذين كنت تستطيع أن تأتمنهم على أسرار وكرامات البشر، لم يغلق قلبه يوما أمام أحد، كان قلبه مثل مكتبه، مفتوحا دوما للجميع، دون أن يطرقوا الأبواب، أو يستأذنوا. رحمك الله يا صديقى الجميل صاحب القلب الكبير، الذى أعطى بلا حدود، ودون سؤال، ولم يعرف التعالي، وكان فى كل أحواله متواضعا، تواضع نباتات الأرض الطيبة. رحمك الله، ورحم أيام «الشهامة» معك، هذه الشهامة التى كنت تمارسها كما تتنفس، فى زمن أصبح يتنفس خسة ونذالة ووضاعة. رحمك الله أيها الصديق. فى الختام.. يقول محمود درويش: «على قلبى مشيت، كأن قلبى.. طريق، أو رصيف، أو هواء». محمد حسين -------------------------------------------------------------------------------------- منذ أيام غيب الموت الزميل والصديق والمعلم عاشق القلم الكاتب الصحفى محمد السعدنى مدير تحرير الأهرام السابق بعد حياة حافلة من العطاء فى بلاط صاحبة الجلالة، ويشهد له الجميع بمهنيته واخلاصه وحبه وتفانيه فى العمل وفى نفس الوقت كان ودودا مع الزملاء وتشعر معه بدفء العلاقة لما يتميز به من دماثة الخلق، وعفة اللسان وحلو الكلام عندما تتجاذب معه أطراف الحديث ومع بداية عملى بالأهرام تزاملت معه فى قسم الأخبار حيث كان محررا لشئون النقل والمواصلات وكنت حريصا أن أعمل بجواره للاستفادة من خبراته الطويلة ولم يمل يوما من كثرة أسئلتى له حول المهنة وكان خير مرشد وناصح لى بالاستمرار والاجتهاد والمثابرة بعد أن ثاورنى الشك فى عدم الاستمرار بالعمل فى المؤسسة وأخذت بالنصيحة وزاد حماسى فى ذلك الوقت، ورغم مرور أكثر من 20 عاما على هذه الواقعة فإننى كلما رأيته اذكره بها ومع تسارع الأحداث والانهماك فى العمل اليومى فوجئت بغيابه وعلمت أنه احيل الى المعاش لبلوغه سن التقاعد وعلى الفور اتصلت به هاتفيا، فجاءت نبرات صوته حزينة على خروجه فأكدت له إذا كنت قد خرجت على المعاش، لكنك لم تخرج من قلوبنا وبحلول عيد الفطر المبارك اعتدت تبادل التهنئة معه ولكن هذه المرة لم يرد! رحم الله السعدنى وأسكنه فسيح جناته يوسف عبده