أصبح واضحا أن المنطقة العربية مقبلة على تطورات كارثية ، وأنها إزاء مخططات شيطانية لتقسيمها، تفوق ماتم عام 1916 فى إطار إتفاقية سايكس- بيكو، التى تم بموجبها التفاهم سرا بين فرنسا وبريطانيا لاقتسام المنطقة العربية بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية. ومنذ ذلك الحين ظل طموح أبناء المنطقة كلها تجاوز ذلك التقسيم ، والوصول إلى وحدة عربية شاملة. أما الآن فأقصى مايطمحون اليه أو يحلمون به، هو المحافظة على "سايكس بيكو" ذاتها، وعلى الحدود التى تركها الاستعمار، حيث أصبحت دولنا جميعا الآن فى مهب ريح مسمومة عاصفة، تقودها تنظيمات متطرفة تريد السطو على بلداننا ، ويمسك بمقاليد الأمور فيها ميليشيات مسلحة أو مجموعات قبلية ، وتشتعل فيها النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية، وهو مايجعلها عرضة للتمزيق والتفكيك وللفوضى الشاملة، وهو مايستوجب الآن تحركا جادا للحفاظ على حدود الدول والتصدى للإرهاب، وقبل كل ذلك معالجة الاختلالات والتناقضات الداخلية، التى أفقدت شعوبنا ودولنا المناعة تجاه مؤامرات الخارج ، فالحقيقة أن المظالم الداخلية والتهميش وعدم تحقق العدالة الاجتماعية والتراجع الثقافى، كل ذلك وغيره هو الذى مهد الطريق أمام المؤامرات وساعد المتآمرين لتنفيذ مخططاتهم بكل سهولة ويسر فى الجسد العربى الذى أنهكته الأنظمة الديكتاتورية والفساد السياسى والاقتصادى وانسداد الأفق .