ارتكبت الولاياتالمتحدة في قضية تمويل المؤسسات الأهلية والمدنية في مصر عددا من الأخطاء القبيحة تستحق إعتذارا علنيا أمريكيا, عندما سمحت لنفسها بإنشاء تسعة فروع لمؤسسات دولية مقرها الولاياتالمتحدة. هي المعهدين الجمهوري والديمقراطي وفريدم هاوس في خمس محافظات مصرية دون اعتبار لحقوق السيادة الوطنية وأحكام القانون المصري الذي له وحده حق الترخيص بإنشاء هذه الفروع, مستثمرة سيولة الأحداث في شهور الثورة المصرية, وإنشغال البلاد بمشاكل المرحلة الانتقالية! وعندما سمحت لنفسها علي غير سند من القانون بتمويل عدد من مؤسسات المجتمع المدني المصري علي نحو مشبوه, لقاء دراسات وتقارير وأبحاث تتقصي أحوال مصر الداخلية لصالح الجهة التي تتبعها هذه الفروع, التي تستمد تمويلها مباشرة من المخابرات المركزية الأمريكية!.., وزاد الطين بلة أن يتجاوز حجم الإنفاق الأمريكي لهذه الجمعيات الأهلية 138 عي مليون جنيه بينها 108 ملايين جنيه خلال شهر مايو عام 2011, وكانت ثالثة الأثافي التهديد بقطع المعونات المصرية وطلب إخراج الوزيرة فايزة أبو النجا من الحكومة, بعد أن أصر القضاء المصري علي القيام بواجبه, وقام بتفتيش هذه الفروع وضبط أطنانا من الوثائق, وقدم4 3 من العاملين فيها إلي المحاكمة بينهم 19 أمريكيا تم التحقيق معهم في حضور ممثلين عن السفارة الأمريكية. ومع الأسف يبدو أن 40 عاما من العلاقات التي تم إستئنافها بين واشنطنوالقاهرة بعد حرب 73, لم تكن كافية برغم الأبعاد الإستراتيجية الجديدة لهذه العلاقات كي يمتنع الأمريكيون عن تكرار خطئهم الإستراتيجي عندما رفضوا تمويل مشروع السد العالي بطريقة مهينة مست كرامة المصريين.., لم يذعن المصريون لتهديدات واشنطن, وأصروا علي الحفاظ علي كرامة وطنهم ولتذهب المعونات الأمريكية إلي الجحيم, لأنها لا تفيد مصر بقدر ما تفيد الولاياتالمتحدة التي تتحصل شركاتها وخبراءها علي ما يربو علي 35 في المائة من حجم هذه المعونات في صورة عقود نقل وتدريب. وأظن أن واشنطن تعرف جيدا أنها تحصد مقابل هذه المعونة منافع إستراتيجية ضخمة, يصعب أن تتحصل عليها إلا في ظل علاقات صداقة وتعاون مع القاهرة, ولهذا السبب تبقي الكرة في ملعب واشنطن, هي التي اصطنعت المشكلة وهي المسئولة عن نتائجها, خاصة أن أوراق التحقيق تؤكد أن الفروع التسعة للمؤسسات الأمريكية الثلاث لم تهدف إلي تشجيع الديمقراطية أو مساندة ثورة 25 يناير, علي العكس كان الهدف ولا يزال تدجين الثورة المصرية لقبول شرق أوسط جديد يتضمن هيمنة إسرائيل علي أقداره, وبسط احتلالها علي أراضيه تحت الحماية المباشرة للولايات المتحدة, التي جاوز دورها حماية أمن إسرائيل إلي حماية احتلالها للأرض العربية رغما عن الشرعية والقانون الدولي. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد