المتابع لحال الناس يعجب عجبا شديدا، ففى الوقت الذى نعانى فيه من مشكلات طاحنة تسبب فيه فساد عقود طويلة،وتفاقمت خلال سنوات عجاف مرت بعد ثورتنا الاخيرة ففساد أخلاقى وتراجع فى الالتزام الديني، وانقسامات فى التوجهات السياسية فى البيت الواحد، ناهيك عن الإرهاب وارتفاع الأسعار،وانقطاع غير مسبوق للكهرباء والماء، وما ادراك بانقطاع الماء والكهرباء لاسيما فى الصعيد المجنى عليه من جميع الحكومات التى حكمت مصر من قبل عهد الفراعنة الى وقتنا الحاضر، ويكفيكم للوقوف على حجم المأساة ان أقص عليكم واقعة شاهدتها بنفسي،حيث طلب الشباب منى ان اصلى معهم صلاة العيد الأصغر بقريتى شطوره احدى قرى محافظة سوهاج، وتسابقوا فى تجهيز اكثر من ساحة للصلاة ، ووقع الاختيار على ساحة مركز الشباب التى لا تحسب على عائلة من عائلات بلدتى حتى عائلتى فرار من التأويلات ،التى تسبق الانتخابات غالبا، وسهر الشباب يجهزونها حتى صلاة العيد لتستقبل المصلين المتوقع لان يكونوا عدة آلاف وفى الثانية صباحا وبلا مقدمات انقطعت الكهرباء، وتبعها انقطاع الماء لان المرشح على النيل الذى يغزى القرية يعمل بالكهرباء ، مع اننى علمت ان هناك ماكينات تعمل بالديزيل ينبغى ان تعمل عند انقطاع الكهرباء، ولم يتمكن من الحضور للصلاة الا بضع مئات ، حيث لم تأت الكهرباء الا بعد ظهر يوم العيد، وهذا الذى شهدته بقريتى شطوره بوسط الصعيد نعانى منه هنا فى ارقى احياء قاهرة المعز، وعليك بجولة تفقدية بالتجمع الخامس مثلا لتقف على حجم مشكلة المياه خاصة ، وهذه الأمثلة لمشكلات نعانى منها معاناة يومية يمكن من وجهة نظرى حل الكثير منها بالتعاون مع اجهزة الدولة حيث إن الكثير منها يرجع الى إهمال بعض العاملين او فساد بعضهم الآخر ، وهذا يحتاج الى كشفهم وتسليط الضوء عليهم وينبغى ان ينشط الدور الإعلامى فى هذا المجال، ولا مانع على الإطلاق من النقد البناء للمسئولين لإيقاظ الهمم ،لحل تلك المشكلات، او بيان عجزهم ورفع صورتهم الحقيقية امام القيادات العليا لاتخاذ مايلزم حيال تقاعسهم من قرارات تصحيحية، اما قضايانا الخارجية وعلى رأسها ما يحدث من الصهاينة تجاه أطفال ونساء ورجال غزة من اعمال بربرية وسط صمت مخز من المجتمع الدولى ودعاة الحريات وحقوق الانسان، فهذا شأن آخر، وهذه القضايا الداخلية والخارجية التى تستغرق أعمارا بالتحليل ووضع الحلول ابعد ما تكون عن التناول الإعلامى، فلم نر من اقترح حلولا ولو لمشكلة واحدة من هذه المشكلات، وحتى من يتعرض لها يتناولها كوسيلة للتنكيل ببعض الأشخاص وليس للمساعدة فى حلها، فمن مثلا اقترح حلا لمشكلة الغش المسلح فى الامتحانات، ومجابهة الوسائل والتقنيات التى استنزفت المال والجهد وأضرت بمستويات التعليم ضررا بالغا؟ بدلا عن انتقاد إلغاء الامتحانات ونتائج لجان الغش الجماعي، واتهام القائمين بذلك بعظائم الأمور؟ ومن من الإعلاميين انتقل بكمرامته الا من ندر الى سكان العشوائيات ووعشش الصفيح واكوام القمامة، والقرى الغارقة فى الظلام الدامس لا للتشهير وإنما للبحث عن حلول؟ لم يفعل ذلك معظم الناس وإنما ينشغل الناس هذه الأيام ببعض مقدمى البرامج الذين تركوا كل هذا وغيره كثيرا ولبسوا عباءة علماء الدين وأخذوا (يفتنون)ولا يفتون، وانشغل الناس (بنخعهم ) وطريقة أدائهم مابين محل لدمائهم، أو ناقم على موقف الأزهر منهم، وبين مدافع عن حرية الرأى والتعبير، والسؤال الملح لكل هؤلاء: ما الأثر المترتب مثلا على إثبات عذاب القبر الثابت رغم أنف منكريه او إنكاره على فرض التسليم به؟ هل ينكر احد من هؤلاء ان بعد الحياة موت،وان بعد الموت حساب فى القبر او فى الآخرة، وان بعد الحساب ثواب او عقاب، وان الثواب فى الجنة وان العقاب فى النار؟ فلنسقط فترة القبر المختلف فيها من تناولنا الجدلى ولنلتفت الى قضايانا المعاصرة التى قد يعجل اهملنا لها وتفاقمها بذهابنا الى القبر لنرى بأنفسنا عذابه ونعيمه، فافيقوا يرحمكم الله، فلقد كدرتم علينا صفو العبادة حتى فى رمضان. لمزيد من مقالات د. عباس شومان