لا تحدثنى عن الوطنية والنضال والقومية والاستقلال ولا تدغدغ مشاعرى بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية عندما تسود ثقافة التطرف التى تتستر بالدين وترتفع رايات الثورة وهى حبلى بجنين يراد له أن يكون نموذجا جديدا للحكم بحيث يصبح التطرف الدينى نظاما ودولة. إن إسرائيل على سبيل المثال بسلوكياتها العدوانية والتوسعية والاستيطانية والإقصائية المتوحشة لا يمكن تصنيفها وفق أى مقياس دقيق على أنها دولة مدنية ديمقراطية كما يدعون فى الغرب وإنما هى النموذج الفج للتطرف الدينى عندما يصبح نظاما ودولة فإسرائيل من بداية الفكرة ومرورا بخطوات الإنشاء ووصولا إلى جبروت القوة المعتدية اليوم يمثل العنوان الصحيح للتطرف الدينى عندما يصبح نظاما ودولة. ونفس الشيء يمكن أن يقال بشأن حركة حماس التى تقود مقاومة مشروعة ضد الاحتلال لكنها فى جوهرها ومنذ بداية نشأتها ومرورا باستيلائها على غزة وفصل القطاع عن السلطة الوطنية الفلسطينية فى رام الله ووصولا إلى الثمن الباهظ الذى يدفعه سكان القطاع من دماء الأبرياء نتيجة غياب الحساب السياسى الصحيح لا تختلف كثيرا عن مرجعية التطرف الدينى الشبيهة بمرجعية التطرف الدينى فى إسرائيل كركيزة لبناء نظام ودولة على أرضية وثقافة التطرف. ولأن موازين القوة فى الشرق الأوسط بشكل عام وفى الصراع العربى الإسرائيلى بوجه خاص موازين مختلة وترجح كفتها تماما لمصلحة إسرائيل بفضل الدعم الأمريكى والمساندة الغربية المطلقة على مدى يزيد على 60 عاما فإن لعبة مجاراة التطرف الدينى اليهودى لتطرف دينى معاكس تحت رايات الإسلام تصبح لعبة غير متكافئة وأشبه بمن يقبل على الرقص على أنغام الآخرين دون وعى ودون روية. وأؤكد أن هذا الاجتهاد فى تشخيص المشهد المأساوى الراهن على أرض قطاع غزة لا يغير من قناعاتى بأن إسرائيل دولة عدوانية غاشمة ينبغى التصدى لها وأن المقاومة الفلسطينية حق مشروع يستحق التأييد والمساندة. خير الكلام: لا مستقبل لمغرور يتباهى بالعنفوان أو لمتواضع يتظاهر بالضعف! لمزيد من مقالات مرسى عطا الله