الإنشاد الدينى هو الفن الغنائى الذى يتناول موضوعات لها سمت دينى كالعشق الإلهي، أو مدح الرسول، أو الوحدانية والملكوت الأعلى وغيرها، وكان الذين يتصدون لهذا الفن من ذوى الأصوات الجميلة الجذابة. من مميزات الإنشاد الدينى هو الإبداع فى الاعتماد على الحناجر البشرية مع محدودية تدخل الآلات الموسيقية التى استعاض عنها المنشدون بجمال أصواتهم وقصائدهم. نبغ شيوخ كانوا أعلاما فى الإنشاد الديني، تسيدوا به هذا الفن فى سائر أنحاء العالم الإسلامي، لهذا كانوا يطيرون كالبلابل من بلد إلى آخر، ينشدون ويهيمون بكلمات صوفية غاية من الرقة والعذوبة فى حب رسول الله، وطلب العفو والغفران من الله. وفى بدايات القرن العشرون أصبح للإنشاد الدينى أهمية كبري، حيث تصدى لهذا اللون من الغناء كبار المشايخ والمنشدين الذين كانوا يحيون الليالى الرمضانية، والمناسبات الدينية، محبى هذا الفن حوله وتطورت قوالب هذا الفن فأصبحت له أشكال متعددة وأسماء كثيرة تمجد الدين الحنيف، وتدعو لوحدة المسلمين، وتشجب الرذيلة، وتدعو إلى الفضيلة، وتمدح رسول الله (صلى الله عليه وسلم). ويقول الدكتور أيمن فؤاد، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن تاريخ الإنشاد الدينى يرجع إلى الأتراك فى العصر العثمانى أمثال جلال الدين الرومى وفى العصور السابقة لم يتوافر إلا الإنشاد الصوفى وتركيا أكثر الدول التى بها نماذج كثيرة للإنشاد الدينى ولذلك فظاهرة الإنشاد الدينى أكثر وضوحا عند الأتراك، فقد أصبح الإنشاد قريب الشبه بالغناء المتعارف من الجنسيات والمرجعيات والأهداف المتباينة، خصوصا مع تزايد جماهيرية الغناء الدينى على مستوى العالم الإسلامي، وفى بدايات القرن العشرون أصبح للإنشاد الدينى أهمية كبري، حيث تصدى لهذا اللون من الغناء كبار المشايخ والمنشدين. ويؤكد الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، عميد كلية أصول الدين بأسيوط، أن موقف الإسلام من الإنشاد الدينى أن الإسلام يبيح هذا الإنشاد الدينى بل ويستحسنه إذا حث على مكارم الأخلاق وتذكير الناس بالمصطفى صلى الله عليه وسلم فما كان عليه من أخلاق عظيمة وأوصاف تدل على الكمال الإنسانى والخلقى الذى وهبه الله عز وجل للرسول صلى الله عليه وسلم ولكن يكون الانشاد الدينى محظورا إذا تناول شئ يخالف الشرع ونمثل بذلك بمثال مشهور عند المصريين وهو ماينشده بعض المنشدين من قصيدة تسمى (العينية) وايضا يكون محظورا إذا كان فيه استغاثة لغير الله عز وجل، فالراجح عندنا أن المؤمن الحق يستغيث بالله تعالى وحده لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا سألن الله وإذا استعنت فأستعن بالله) وخلاصة القول أن الإنشاد الدينى إذا كان الكلام فيه حسنا ويطابق شرع الله ويدعو إلى مكارم الأخلاق ويذكر الناس بمحاسن المصطفى صلى الله عليه وسلم فكل ذلك جائز ولاشئ فيه وقد يرتفع من درجة الجواز إلى درجة الاستحباب، أما إذا خالف ذلك يكون محظورا وننبه على انه قد يصل إلى درجة الحرام فى بعض الأحوال ومنها على سبيل المثال، إذا تغنى المنشد بآية من القرآن الكريم فذلك حرام يجب الإقلاع عنه، وإذا وصل إلى درجة الاستهزاء فصاحبه على خطر عظيم.