فى محاولة لتهدئة الوضع المتفجر فى غزة طالبت فرنسا إسرائيل باحترام القانون الدولى ووقف الاعتداء على المدنيين. واعرب وزير الخارجية الفرنسى لوران فابيوس عن شديد قلقه من الوضع فى غزة، مشيرا الى ان الأولوية القصوى الآن هى «الوقف الفورى لاطلاق النيران». وفى اتصال هاتفى ناقش الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند مع نظيره التونسى منصف المرزوقى الوضع المتأزم فى غزة والارتفاع المتتالى فى اعداد الضحايا المدنيين، حيث اعرب الرئيسان عن مخاوفهما من تطور الأحداث على الارض وطالب الطرفان بضرورة الوقف الفورى لاطلاق النار.. وتعهد الرئيسان بان تترجم مخاوفهما الى مجهودات تطوع فيها كل السبل للتدخل لمنع هذه التطورات والأحداث الدامية. اما على المستوى الشعبى الداخلى فقد نظم ابناء الجاليات العربية بالتضامن مع جمعيات حقوق الإنسان عدة مسيرات ومظاهرات منها ما كان فى قلب العاصمة باريس والبعض فى المدن الفرنسية الكبرى كما حدث فى مدينة «ليل» حيث خرج المئات للتنديد بالعنف وقتل المدنيين فى غزة مطالبين بالوقف الفورى لما وصفوه بالإبادة العرقية للشعب الفلسطيني. وبالرغم من ان فرنسا ترفع شعار العلمانية فإن نسيج مجتمعها المتعدد الانتماءات العرقية والدينية ينذر بقنبلة موقوتة ويفرض عليها التدخل لوقف أى اعتداءات من شأنها إثارة الفتن مثل استهداف اماكن العبادة من الجوامع أو المعابد اليهودية فى الداخل أو أى تهديدات إرهابية قد تنال اراضيها ومواطنيها. وتزايد المخاوف من التعرض لهجمات إرهابية فى ظل التطورات المتلاحقة على المستوى الدولى دفع قوات مكافحة الإرهاب الفرنسية الى إعلان حالة التأهب القصوى، وكان آخر نتاج هذا التأهب والعمل المتواصل الكشف عن شبكة تخطط لاقتحام اهم المعالم والمزارات بباريسوفرنسا بصفة عامة مثل برج ايفل أو متحف اللوفر. كما كشفت شرطة مكافحة الإرهاب ان الإرهابيين كانوا يخططون لاصابة اكبر عدد ممكن من الضحايا عن طريق اختيار الاماكن التى تكتظ بالجمهور سواء كانوا فرنسيين أو اجانب بغية ضرب السياحة فى آن واحد.. وقد كان مهرجان «افينيون الثقافى» واحدا من ضمن أهداف الإرهابيين الذين يطلقون على انفسهم جهاديين الا ان قوات الأمن احبطت خططهم. وفى نفس الوقت تقوم قوات الأمن بمراقبة التليفونات والتحركات للاشخاص المشتبه فيهم من قريب أو بعيد. وتم تشديد اجراءات المراقبة خلال شهر رمضان حيث يستغل الارهابيون والمتطرفون المسلمين من الشباب أيا كان من أبناء الجالية العربية أو المسلمين الجدد من الفرنسيين ممن اعتنقوا الإسلام حديثا الذين يبدون أكثر تشددا فى تطبيق تعاليم الإسلام، الأمر الذى يجعلهم فريسة سهلة فى أيدى المتطرفين لتطويعهم لما يطلقون عليه الجهاد مستغلين عدم درايتهم الصحيحة والكاملة بالدين الإسلامى. ويقول عبدالله زكرى رئيس المرصد الوطنى لمناهضة الاسلاموفوبيا ان شباب المسلمين من ابناء المهاجرين الذين يستهدفهم الإرهابيون لتجنيدهم ضحايا الظروف الاجتماعية التى يعيشونها هم وذووهم فى الضواحى الفقيرة بما يعانونه من نقص فى العدالة الاجتماعية حيث ان 45% منهم يعانون البطالة فى الوقت الذى تسجل البطالة 10% فقط فى صفوف ابناء الفرنسيين الاصليين. ويرى الكثير من المراقبين ان الأحداث الجارية تلقى بظلالها على امن فرنسا الداخلى وهو ما ظهر فى حوادث اعتداء بعض المتطرفين من اليهود أو المسلمين على أماكن العبادة كان آخرها إلقاء قنبلة حارقة مصنوعة يدويا على معبد يهودى فى ضاحية «أولنيه سو بوا» الواقعة شمال باريس.. وبالرغم من ان الحادث لم يسفر عن أى خسائر فإنه يفاقم من العداء والضغينة فى نسيج المجتمع الفرنسى. والواقع ان فرنسا معنية بما يحدث فى غزة حفاظا على أمن مجتمعها الداخلى من ناحية وعلى رعاياها الفرنسيين اليهود المقيمين بداخل اسرائيل من ناحية اخرى والذين يقدر عددهم بنحو 1200 فرنسى إسرائيلى ونتيجة لذلك تزايدت الدعوات التى تطالب فرنسا بضرورة ادراج منظمة حماس على قائمة الإرهاب الدولى، مشيرة الى انه ينبغى على فرنسا الوقوف الى جانب إسرائيل على غرار ماحدث فى مالى حيث شاركت القوات الفرنسية الى جانب القوات الإفريقية فى مالى لمحاربة الإرهاب.