عادة ما يتناول الصائمون وجبات غذائية غنية بالدهون والسعرات الحرارية على الإفطار، معتقدين أنّهم بحاجة إلى كمية أكبر من الوحدات الحرارية لكونهم صائمين، ممّا يدفعهم إلى استهلاك كمية أكبر من الطعام الغنيّ باللحوم والدهون والسكريات، وبالتالى يؤدى ذلك إلى سوء الهضم و الشعور بالانتفاخ غير المريح. د.محمد صلاح عبد البارى أستاذ الكبد والأمعاء بكلية طب جامعة القاهرة وعضو الجمعية الأوروبية لمناظير أمراض الجهاز الهضمى يصحح ذلك الاعتقاد الخاطئ ويقول: فى الحقيقة إننا بحاجة إلى وحدات حرارية أقل فى شهر رمضان، حيث أن الجسم يخفّض من معدل الحرق الاجمالى له كوسيلة للتأقلم على الصيام، وبالتالى يؤدى إلى احتياج أقل للطاقة، هذا بالإضافة إلى أن بعض الصائمين ينامون لساعات طويلة فى أثناء النهار أو لا يقومون إلا بالنشاطات الجسدية الضرورية، كما إننا غالباً ما نترجم تقلصات المعدة حين تكون فارغة إلى وهم الشعور بالجوع أو الحاجة إلى الطاقة، لكن جسم البشر قادر على تلبية احتياجاته بالسكر لمدة أيام عديدة من الصيام التام عبر استعمال المخزون السكرى فى الكبد والعضل وكذلك المخزون الدهنى المنتشر فى الجسم كله، وتقلصات المعدة حين تكون فارغة هى تذكير بالوجبة القادمة المعتادة وليست تعبيراً عن حاجة الجسم للطاقة أو للطعام، ولذلك فقد تخفّ هذه التقلصات قبل وقت الطعام المعتاد مباشرة لأنّ الجسم يعلم توقيت الأكل، ونفس الشئ يحدث بعد أيام قليلة من شهر رمضان فالوجبة الأساسية تصبح في آخر النهار وليست في منتصفه وبالتالى فالجسم يتكيف على ذلك النظام بمنتهى السهولة. ويرجع د.محمد الشعور بالانتفاخ وعسر الهضم إلى الإفراط فى تناول وجبة الإفطار، ونوعية الطعام الذى يتميز باحتوائه على كثير من الدهون المشبعة كالسمن والزبد والأطعمة المحمرة خاصة وأن المعدة طوال النهار تظل فارغة وغير مستعدة لاستقبال تلك الكميات الكبيرة من تلك الأطعمة. وينصح بإتباع بعض الإرشادات لصحة الجهاز الهضمى فى هذا الشهر مثل تقسيم وجبة الإفطار إلى وجبتين تفصل بينهما ساعة على الأقل، وتحتوي الوجبة الأولى على التمر واللبن بالإضافة إلى الحساء والسلاطة الخضراء، ثم الوجبة الثانية والتى تحتوي على المقبلات والطبق الرئيسي، ومن الأفضل تقليل تناول السوائل كالعصائر فى أثناء تناول الإفطار لأنها تخفف من عصارة المعدة، يسبب عسر الهضم والشعور بالتخمة، وأيضا التقليل من الأطعمة الدهنية والمقليات في وجبة الإفطار، مع مضغ الطعام جيداً والأكل ببطء لتسهيل الهضم وتقليل ابتلاع الهواء مع البلع، كما أن تناول كوب من النعناع أو اليانسون مفيد جدا لتخفيف أعراض الانتفاخ، مع ممارسة بعض أنواع الرياضة كالمشى بعد وجبة الإفطار. ولا ينصح باللجوء إلى المشروبات الغازية فى حالة الشعور بعسر الهضم حيث قد تتسبب فى حدوث الغازات التي توسع المعدة، كما أن احتواءها على الكافيين يعمل على إدرار البول ويتسبب فى التخلص من السوائل والحوامض مثل السيتريك والفوسفوريك التي تمنع امتصاص الكالسيوم، بالإضافة إلى أنّ كمية الطعام المتناول تزيد عند شرب المشروبات الغازية. كما أن تناول بعض الوجبات الصغيرة ما بين الإفطار والسحور يؤدّى إلى سوء فى الهضم والانتفاخ، فمن المعروف أن الجهاز الهضمى بحاجة إلى من 4-8 ساعات كى يتخلص من وجبة الإفطار قبل التحضير لوجبة السحور، وعلينا أن نكتفي بالسوائل والفواكه ما بين الوجبتين كى نتجنب مشاكل الجهاز الهضمى، وفى وجبة السحور يجب الحرص على عدم تناول كميات كبيرة من الطعام، وإنما من الأفضل أن تكون وجبة خفيفة، مع أهمية تناول الزبادى بعدها لأنه يعمل على تنظيم حركة الأمعاء فى أثناء الصيام. ولتجنب الإمساك يفضل الاعتماد على الخضراوات والحساء كأساس للوجبة، والتقليل من اللحوم والنشويات الخالية من الألياف، مع الإكثار من السوائل ما بين الإفطار والسحور مع الحرص على تناول اللبن الذى يحتوي على البكتيريا المفيدة ونقصها يتسبب تناول أغذية غير صحية أو كبسولات المضادات الحيوية، ويعتبر من الأسباب الرئيسية للإمساك، والذى يمكن تجنبه أيضا بالامتناع عن تناول الخبز الأبيض واستبدال الخبز الأسمربه ، وتناول الفاكهة المجففة مثل القراصية والمشمشية الغنية بالألياف.