إنني لا أستطيع أن أخفي إعجابي الظاهر بالمجلس الأعلي للقوات المسلحة و الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء اللذين أعلنا أن مصر لن تغير موقفها في قضية منظمات المجتمع المدني, وأنها لن تتراجع بسبب معونة أو غيرها, وأن مصر لن تركع أمام الضغوط في تلك القضية, وأن مصر إستخدمت حقها في إحالة المخالفات إلي القضاء المصري الشامخ, وكشف الجنزوري النقاب عن أن الدول الغربية ودولة عربية كبري ربطت مساعداتها الإقتصادية لمصر بالإتفاق مع صندوق النقد الدولي, ومحذرا أن ما يحدث في مصر أكبر من نكسة1967. جاء ذلك بعد تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي جاءت بمثابة الصدمة للرأي العام المصري, حول قضية التمويل الأجنبي عندما أعلنت علي هامش مؤتمر الأمن في ميونخ بألمانيا عقب لقائها بوزير الخارجية محمد عمرو أنه لا يوجد أساس للتحقيقات في أنشطة تلك المنظمات أو دهمها ومصادرة ممتلكاتها, وأنه من المؤكد أنه ليس هناك أساس لقرار منع أعضائها من السفر, وزادت بالتهديد بإعادة النظر في المساعدات الأمريكية لمصر. إن خطورة ظاهرة التمويل الأجنبي أنها تشتري إرادة الدول, لأنه إذا سيطر حزب أو جهة معينة علي الإنتخابات وكانت ممولة من جهة خارجية, وسيطرت علي مقاليد الحكم فسوف تعمل ببساطة لصالح الدولة الممولة لها.. لذا كانت المطالبات المستمرة بتجريمها ومقاومتها وضرورة الكشف عن هوية الدول الممولة والمنظمات التي تتلقي هذا التمويل ومحاكمتها وفقا لقانون العقوبات.. خصوصا مع تحذير الكثير من المراقبين من أن الأيام المقبلة سوف تشهد أكبر تمويل خارجي لصالح أجندات معينة مثل دعم بعض المرشحين لرئاسة الجمهورية. والأخطر أن التمويل الخارجي يكون مصحوبا بأجندات خاصة لجهات التمويل, وأن هناك فاتورة واجبة السداد مقابل هذا التمويل, فتلقي الأحزاب السياسية تمويلا سريا من الخارج سيكون الطامة الكبري لأنه سيأتي بحكومة تدين بالولاء لدولة أجنبية! الأشد خطورة ما كان قد أعلنه الدكتور سامي الشريف رئيس اتحاد الإذاعة و التليفزيون السابق من أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تمول الكثير من الفضائيات المصرية والعربية لأن لها أجندات خاصة في المنطقة تريد تحقيقها خاصة بعد الثورات العديدة التي شهدتها المنطقة في الفترة الأخيرة. في النهاية نؤكد وبدون تجن علي الحقيقة أن أخطر أنواع التمويل هو التمويل السياسي, الذي أصبح يتفشي حاليا في مصر لإفساد الحياة السياسية عن طريق محاولة تحديد مصير من يجلس علي كرسي البرلمان و كرسي الرئاسة! المزيد من أعمدة محمود المناوى