تشير قاعدة معلومات التشريعات والقوانين المصرية إلى أنه حتى عام 2014 وصل حجمها إلى أكثر من ستين ألف قانون وقرار (60896 قانونا وقرارا) وتشمل الدستور الحالى (والدساتير الملغاة) والإعلانات الدستورية، وعشرين ألف قانون (منها 12702 قانونا ساريا)، و398 أحكام المحكمة الدستورية العليا و11906 قرارات لرئيس الجمهورية و2322 قرار الرئيس مجلس الوزراء و23272 قرارا وزاريا وغيرها من أوامر عسكرية وقرارات محافظين واستدراكات وغيرها، ووصل عدد القوانين والقرارات الاقتصادية إلى 27206 (أكثر من سبعة وعشرين ألفا)... ولدينا 10738 تشريعا مرتبطا بالدولة (منها 9520 ساريا)، و14292 تشريعا يخص الخدمات الإنتاجية والاجتماعية (منها 11222 ساريا) و2924 تشريعا مرتبطا بالأمن (منها 2366 ساريا. المعلومات السابقة أوردها د. هشام الشريف من خلال متابعته الدقيقة للإصلاح التشريعى فى مصر، حيث رأس أول لجنة للإصلاح التشريعى فى مصر منذ عشرين عاما. الآن تُرى ما هى القوانين والتشريعات التى تم إعدادها و«سلقها» خلال العشرين سنة الماضية، مؤكدا هى كثيرة جدا وتحتاج جهد محاربين فى معركة. المؤكد الآن أن قرار الرئيس السيسى بتشكيل هذه اللجنة له أهمية كبري، حيث فضل أن تبدأ الجمهورية الثالثة على “ نضافة”، فيكون لديها قوانين تناسب العصر، وتشجع الاستثمار، وتعطى الحقوق وتسد الثغرات. القرار الجمهورى لاقى ارتياحا كبيرا وأثلج الصدور العديد من الأوساط القانونية والسياسية، فى انتظار حلم الدولة القانونية والشريعية واحترامهما. هذا القرار المهم دعا الدكتور شوقى السيد الفقيه الدستورى إلى طرح سؤال مهم، وهو: هل نحن فى حاجة إلى قرار للإصلاح التشريعى أم لا؟ وأجاب: منذ أكثر من عشرين سنة ونحن نعيش حالة من العشوائية فى التشريعات، وجدنا تشريعات هى بنت اللحظة أوناتجة عن ردود أفعال، تأتى دائما من الحكومة زاهية بعلمها وحدها دون مشاركة أحد، وتعرض على المجالس النيابية للموافقة فقط، ولا تخضع حتى المناقشة. منذ زمن بعيد ود. شوقى السيد يقول إن صناعة التشريع فى خطر، حيث تصدر باستعجال ولا تُراجع من مختصين وخبراء مثل قسم التشريع فى مجلس الدولة، ومن ثمّ أسهمت هذه التشريعات العشوائية فى عرقلة التنمية وفى تكاثر عدد القضايا والمنازعات أمام المحاكم، لأنها كانت تتسم بالغموض أحيانا، بالتصادم مع التشريعات أحيانا أخري. فالتشريعات السابقة – حسبما يقول – هى فى أغلبها ترقيع ولا تتبع تأسيسا أومنهجية فى المعالجة، بل هى تصدر لمعالجة قضايا وقتية، وكأن التشريع هو العصا السحرية لحل هذه المشكلات، فحل القضايا لا يأتى بتشريعات وإنما يأتى بمقترحات لجان فنية وعلمية تطرح الحلول والبدائل لحل هذه القضية، ثم يأتى التشريع فى النهاية لأنه ألأسهل. ويثنى د. شوقى على اللجنة بقوله: يُحمد لقرار تشكيل اللجنة التنوع فى الخبرات بإعداد التشريعات وإصلاحها، فأهم ما نحتاجه هو أن كل القضايا لدينا تحتاج تجميع تشريعاتها وإزالة التعارض القائم وإصلاحها برؤية واقعية، فكل القضايا فى مصر مرجعها إلى الاضطراب فى التشريع وكثرة المنازعات واختلاف الأحكام ويؤكد أنه ينبغى التفريق هنا بين عمل هذه اللجنة ودور مجلس النواب، فهى لجنة خبراء متخصصين على مستوى رفيع يحسنون إعداد التشريعات وصياغتها وتعيد منهج إصلاحى ومشروعات بطريقة علمية تحال بعد ذلك إلى السلطة الشريعية، فبدلا من استئثار الحكومة واستحواذها لإعداد التشريع أصبحت هناك لجنة من الخبراء، فليس هناك تعارض أو تعد على اختصاص بين هذه اللجنة وبين مجلس النواب. بدوره يرى د. إبراهيم درويش أستاذ القانون بجامعة القاهرة والفقيه الدستورى أنه كان الأفضل من رئيس الجمهورية أن يطبق المادة 62 من قانون مجلس الدولة والتى تنص على قيام المجلس بإعداد ومراجعة مشروعات القوانين والعقود إلى آخره، فمجلس الدولة أقدر من غيره على الصياغة السليمة والبحث الفنى الدقيق، باعتباره قاضى المشروعية، فهو المختص بالنظر فى القوانين والقرارات واللوائح. وبرغم ذلك يرى درويش أنه ينبغى النظر إلى أن لدينا ترسانة من الشريعات والقوانين واللوائح عفا عليها الزمن ولم تعد تصلح للتطبيق إطلاقا فى ظل التطورات الحديثة لدولة القانون، من أمثلة ذلك قانون الطواريء وقانون منع التظاهرات الصادر فى سنة 23 وجميع قوانين الضرائب وغيرها، فيجب أن تقوم هذه اللجنة بمراجعتها وتحديثها، فهناك قوانين توصف بأنها مسلوقة أو تم تشريعها لأغراض محددة ولأهداف معينة وهى كثيرة جدا فى ترسانة التشريعات المصرية فيجب إعادة النظر وإلغاؤها، فالقانون عبارة عامة مجردة لا تتسم بالشخصنة على الإطلاق. مؤكدا أن المنظومة القانونية كلها فى مصر يجب أن توضع أمام بصر اللجنة المقترحة لتنسيقها وتحديثها بشكل إجمالي، فنحن لدينا قوانين صدرت فى عهد الإخوان وقوانين أخرى أصدرها الرئيس السابق عدلى منصور يجب إعادة النظر فيها كلية لأنها تتصادم مع الدستور القائم، مثل قانون مجلس النواب وممارسة الحقوق السياسية وقانون التظاهر. ويتذكر د. درويش شيئا لافتا حين كان أحد أعضاء لجنة تنسيق القوانين سنة 59 فى ظل الوحدة المشتركة مع سوريا، ووجدنا فى مصر بالذات أن الموضوع الواحد يحكمه أكثر من قانون، ومن ثم يجب إلغاء القانون السابق باللاحق، أى يلغى الأحدث الأقدم، وهذا يناط بأعمال اللجنة، ومن الجدير بالذكر أن أحد أعضاء لجنة التنسيق المرحوم المستشار على بكر وقتها اكتشف أن مصر تدفع جزية لتركيا قبل انفصال مصر عن تركيا فى 1914 واستمرت فى الدفع حتى سنة 1958.