لم أكن أبدا من أنصار المعونة الأمريكية لمصر; ولم يكن ذلك لأنني أكره الولاياتالمتحدة فقد كنت دائما من أنصار علاقات مصرية- أمريكية وثيقة طالما أن ذلك يقوم علي قاعدة من المصالح المشتركة. كما أن ما لا يحتاج إلي تذكير فإنه ليس من الحكمة أن تكون هناك علاقات متوترة مع القوة العظمي الوحيدة في العالم. ومهما قيل عن القوة الصاعدة للصين, فإن الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي هو ثلاثة أمثال مثيله الصيني تقريبا; ومن الجائز بالطبع أن تلحق الصين بالولاياتالمتحدة عام2050 كما يذاع, فهنا يحيينا ويحييكم الله حتي هذا التاريخ. ولكن المعونة كانت دائما مفسدة للعلاقات حيث صار هناك تصور أمريكي أن مصر لا تستطيع العيش بدونها; وتصور مصري أننا سوف نكون أحسن حالا طالما العالم يعطينا ويمنحنا فنعيش بالمجان. مثل هذه الحالة لا تليق بدولة كريمة وعريقة مثل مصر أن تعيش علي عطايا الآخرين; ولأننا قمنا ببعض الإصلاحات الطفيفة في العهد البائد فقد تدفقت الاستثمارات الخارجية علي مصر بما فيها الأمريكية حتي وصلت إلي14 مليار دولار, وبلغ الاحتياطي القومي43 مليارا, ومن السياحة كان العائد متجاوزا13 مليارا, أما العاملون المصريون فقد كانوا يرسلون لبلادهم أكثر من10 مليارات دولار. قارن ذلك فقط, دون حساب الموارد الأخري من صادرات وقناة السويس وغيرها من الموارد بما مقداره150 مليون دولار من المعونات الاقتصادية و1.3 مليار دولار من المعونات العسكرية تنفق في إطار المصالح الإستراتيجية' المشتركة' في الشرق الأوسط. قارن المعونة بالموارد المصرية التي أتيحت فعلا; وقارنها الآن بعد الثورة التي يمكنها بما فيها من طاقات وعنفوان أن تحقق بالتأكيد ما هو أكثر مما فعل نظام قطعت بفساده وضعف قدراته. النتيجة التي نودها هي أن نقطع من جانبنا المعونات الأمريكية لمصر لأننا سوف نعمل ونشمر عن سواعدنا وسنجعل بلادنا مفتوحة للاستثمارات المصرية والعربية والعالمية بما فيها الأمريكية حيث نكسب ويكسب الآخرون معنا دون حديث عن منح أو عطايا. ولا تنسوا توجيه خطاب شكر وتقدير للولايات المتحدة علي ما منحت وأعطت في السابق, فنحن لا نريد عداء مع أحد, وإذا كانت واشنطن تريد علاقات قائمة علي المصالح المشتركة والاحترام المتبادل الذي يتضمن احترام قوانين كل دولة لقوانين الدولة الأخري فمرحبا بها, أما إذا كانت تريد معاملة خاصة, بل وحتي تسهيلات سياسية ومالية لا تسمح بها القوانين الأمريكية داخل أراضيها, فمعذرة فإن كرامة مصر ليست للبيع. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد