خرج الأب من بيته بليلة ظلماء، وبكل عناد وإصرار قرر أن يختار الغربة طريقا كى يشق لنفسه ولأبنائه الأربعة درباً سعيدا فى الحياة الصعبة، وقرر أن يحفر الصخر بأظافره ليصنع من نفسه أبا يتباهى به أبناؤه، فحمل حقيبته توجه إلى دولة الكويت كى يعمل سكرتيرا فى إحدى شركات المقاولات، ظنا منه فى توفير حياة كريمة لأبنائه. ومرت السنون سنة تلو الأخرى وهو يعمل وكلما قرر العودة إلى قريته بمحافظة قنا بصعيد مصر تراجع عن قراره، وكلما جنى ثمار عمله كان يراها لا تكفى فيقرر البقاء والعمل أكثر فى الغربة، بعيدا عن زوجته وأبنائه، وقد كان التوفيق حليفه لمدة 18 عاما فى الغربة، ولكن رغم ما صار إليه حاله من غنى ومال مكنه من توفير حياة كريمة لأبنائه الأربعة تتضمن تعليما جيدا فى مدارس لغات وإلحاقهم فى النوادى الرياضية إلا أن القدر أبى أن يسعده طويلا. فمثلما كانت شهوة جمع المال تداعب الأب، كانت أيضا تداعب أناسا آخرين يبعدون عن منزله بمدينة أبو تشت بمحافظة قنا، بعدة مترات لكنها داعبتهم بشكل غير مشروع، حتى أعمت قلوب وعقول جيرانهم، الذين عاشوا معهم فى نفس الشارع سنوات طويلة ولم يتوقعوا منهم فى يوم من الأيام غدرا أو خيانة، إلا أنهم كانوا يتربصون بتلك الأسرة التى غاب عنها الأب تاركا زوجته وأبناءه من أجل تحسين أوضاعهم، حتى دبرهؤلاء الجيران من «خائنى العشرة» و«العيش والملح»، لاختطاف أكبر أبنائه وفرحة عمره يوسف حسين الطفل البريء الذى يبلغ (12عاما). دبروا حيلة ماكرة لا يتوقع أحد أنها نتاج أفكار شباب لا يتعدى عمر أكبرهم (22 عاما)، وأوسطهم (17 عاما)، وأصغرهم طفل حدث عمره (14 عاما)، يعملون جميعا فى فرن تابع لوالد الأكبر ويعمل فيه ابن عمه المتهم الثانى وعامل فى الفرن وهو المتهم الحدث فى القضية لاختطاف الطفل يوسف، حيث استغلوا كون الطفل يوسف لديه خبرة فى الكمبيوترليطلبوا منه ذات مرة أن يتوجه معهم لإصلاح عطل فنى به، وعندما أخبر والدته المريضة بذلك، أخبرته برفضها التام أن يتعامل مع هؤلاء الأشخاص قائلة له: قلبى بينقبض لما بشوفهم. فقام أحد المجرمين بالتنكر وقام بالاتصال بوالدة يوسف وأخبرها بأن يوسف نجح بتفوق فى المدرسة وعليه إحضار ورقة وقلم ويتوجه إليه فورا كى يذهبا إلى المدرسة ويحصلا على درجاتهما. قام المتهمون باستدراج الطفل وقاموا بمنتهى الوحشية بخنق يوسف بسلك «الدش» حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، وانتظروا إلى أن أسدل الليل ستائره بعد صلاة العشاء، ثم حملوا جثة يوسف، وألقوا بها فى إحدى مواسير المصرف ووضعوا على جثته قش القصب وحجرا كى لا تسير الجثة فى مياه المصرف وتظهر فى إحدى الأراضى الزراعية، وتخلصوا منها. وبعد أن قام المجرمون بجريمتهم الشنعاء استولوا على الهاتف المحمول الخاص بالضحية يوسف، وحصلوا منه على رقم هاتف والده فى الكويت، ورقم هاتف والدته، ثم قاموا بالاتصال بوالد يوسف، وعندما شاهد الأب رقم ابنه يتصل به من مصر فكان يعتاد ان يغلق الخط ويقوم بالاتصال من الكويت كى لا يكلف أبناءه شيئا، وعندما اتصل وفتح الخط قال «أيوا يا يوسف إزيك يا حبيبي» ففاجأه الرد بصوت مختلف: «أنا مش يوسف أن خاطف يوسف وعايز فدية 200 ألف جنيه»، فساوم المجرم والد يوسف زاعما أن ابنه مازال حيا، فانهار الأب وقرر على الفور العودة إلى مصر بحثا عن ابنه الذى ظن أنه مختطف ولم يعلم أن المجرمين أنهوا حياته فى الحال. وعندما عاد الأب المكلوم ظل يجوب شوارع القرية وبيوتها على أمل العثور على ابنه، وبدأ القتلة فى تنفيذ حيلة لابعاد الشك عنهم فقاموا بمشاركة الأب رحلة البحث عن الابن المفقود، إلا أن أجهزة المباحث كشفت الجريمة، وتم القبض على المتهمين الثلاثة. وطالب والد الضحية يوسف بالقصاص العادل من هؤلاء المجرمين الذين حرموه من فلذة كبده، وقتلوه بسبب المال.