كان الجنود فى عهد الخديو إسماعيل يجربون أحد المدافع الحربية فى شهر رمضان فانطلقت منه عند الغروب قذيفة أحدثت دويا هائلا فاعتقد الناس أن الحكومة أعلنت تقليدا جديدا للإفطار على دوى المدافع وأشاعوا ذلك وعلمت «الحاجة فاطمة بنت الخديو إسماعيل» بذلك فصدقت على الشائعات وأصدرت فرمانا باستخدام هذه المدافع عند الغروب وكذلك عند الإمساك وفى الأعياد الرسمية، ليرتبط ذلك المدفع باسمها حيث أطلق عليه مدفع «الحاجة فاطمة» ووزعت بعضا من هذه المدافع على المدن المهمة فى مصر ومنها مدينة الاقصر . وفى ليلة الرؤية من كل عام يخرج موكب مهيب من أمام مركز الشرطة يتقدمه راكبو الخيل يليهم الموسيقى يتبعهم صفان من الجنود على جانبى الطريق ثم المدفع مزدانا بالورد والأزاهير تجره أربعة خيول حيث يوضع فى المكان المخصص له وكان هذا المكان أمام مدرسة التجارة بالأقصر ثم تغيرت بعد ذلك أماكن انطلاقاته فكان زمنا خلف قسم البوليس ثم بالمنطقة المطلة على معبد الأقصر ولما انتقلت المطافئ الى مبناها الجديد أصبح يطلق من المنطقة المجاورة له، ورغم أن عمره يزيد على 140 عاما إلا أنه مازال يعمل حتى الآن حيث تقوم الإدارة العامة للشرطة وإدارة الدفاع المدنى بالمحافظة علي صيانته بشكل دورى. وللمدافع قصص وحكايات يعرفها أهالي الأقصر فيقول عنها الباحث التاريخي عز العرب عبد الحميد ثابت إنه أحد مجموعة من المدافع التي وصلت إلى مصر في عهد الخديو إسماعيل من إنجلترا حيث صنع بها سنة 1871 م وأنتجته مصانع «كروب» المتخصصة بانتاج المدافع آنذاك حيث كان يستخدم في حروب القرن التاسع عشر. ويضيف عز العرب عبد الحميد انه من الطرائف التى تروى عن هذا المدفع أنه فى عام 1945 م وخلال شهر رمضان جاء إلى الأقصر أحد أصدقاء الملك وأزعجه صوت مدفع الامساك حيث كان يوقظه من النوم فطلب من الملك إصدار أوامره بعدم إطلاق المدفع عند الإمساك وبالفعل طالب الملك وزير الداخلية حين ذاك محمود فهمى النقراشى باستصدار أوامره لمأمور الأقصر بعدم إطلاق المدفع ليلا طيلة بقاء ضيف الملك بالأقصر، إلا أن المأمور رفض تنفيذ الأمر الصادر له فتمت معاقبته بالنقل من الأقصر ليصبح يوم وداعه مشهودا فى محطة السكة الحديد، والغريب هو أنه لم تمر أسابيع معدودة حتى اغتيل وزير الداخلية محمود فهمى النقراشى وهو متجه إلى مكتبه وهو ما اعتبره الأقصريون انتقاما ربانيا لأنه أخرس مدفع الإمساك أربعة أيام مدة بقاء ضيف الملك فى الأقصر .