"أضاحي" يختتم موسم حج 1446 بتوزيع أكثر من 360 ألف كيلوجرام من اللحوم داخل المملكة وخارجها    ترامب: توجيه ضربة إسرائيلية لإيران ليس حتميًا ولكنه غير مستبعد في القريب العاجل    ألو مونديال.. "بو شوشة" يكشف ل "الفجر الرياضي" أهمية تعاقد الأهلي مع بن رمضان وحظوظ الترجي في كأس العالم للأندية    بينهم 3 سيدات.. حبس أبطال فيديو مشاجرة السلام    محافظ قنا: وضع لوائح انضباط على مداخل المستشفيات لبيان حقوق وواجبات المرضى    حقوق إنسان النواب تبحث مع وفد الحوار المصري–الألماني سبل تعزيز العدالة والمواطنة    فلسطين تتقدم بشكوى للفيفا بعد ضياع حلم التأهل لكأس العالم 2026    إنتر ميامي في كأس العالم للأندية 2025| الحلم الأمريكي بقيادة ميسي    أحباط زواج قاصر في يوم زفافها بقنا    «مقدرتش أنزل القبر».. أحمد السقا يكشف سبب رفضه دفن صديقه سليمان عيد (فيديو)    الأحد.. ثقافة الفيوم تقيم ورشة مجانية لتعليم كتابة القصة    الجيش الإسرائيلي يوجه تحذيرًا عاجلا لسكان عدة مناطق في غزة    محافظ الدقهلية يشهد مؤتمر وحدات الكلى بنادي جزيرة الورد بالمنصورة    الاتحاد الأوروبي يفرض رسوما جديدة على الواردات الزراعية من روسيا وبيلاروس    تجدد الجدل حول اكتشاف مزعوم بشأن مدينة تحت الأهرامات.. ما الحقيقة؟    لعلاج دهون الكبد- تناول هذه المشروبات على الريق    الداخلية تكشف حقيقة احتجاز «مُسنين» والتعدي عليهما بالضرب في المنوفية    بعد تعرضهما لوعكة صحية.. أحمد زاهر يوجه رسالة مؤثرة لابنته ملك ونجل تامر حسني    دعمهم لا يُنسى.. 3 أبراج لديها قدرة خارقة على مواساة الآخرين    "الشؤون الإسلامية" تكثّف جهودها التوعوية في مسجد التنعيم تزامنًا مع توافد المعتمرين    رسميًا.. جالاتا سراي التركي يعلن التعاقد مع ساني    السفير الأمريكى فى إسرائيل يعلن انحيازه لبن جفير وسموتريتش بعد فرض عقوبات عليهما    متحور كورونا الجديد «NB.1.8.1».. تحت المراقبة العالمية    "أكسيوس": نتنياهو طلب من الولايات المتحدة التوسط في المفاوضات الإسرائيلية - السورية    غودار وفلسطين.. حين عاد التجريبى الأكبر فى تاريخ السينما إلى «القضية» بعد صمت طويل    القصة الكاملة لسرقة الدكتورة نوال الدجوي.. من البلاغ لحفظ التحقيقات    فتح باب التقديم للالتحاق بالمدارس الرياضية للعام الدراسي الجديد بالمنوفية (شروط التقديم)    الأزهر للفتوى يعلق على شغل الوقت باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي    شروط سحب مبلغ جدية حجز شقق (سكن لكل المصريين 5) (التفاصيل كاملة)    عرض مالي ضخم يقرب سباليتي من تدريب النصر    أشرف صبحي: نادي سيتي كلوب إضافة نوعية لخريطة المنشآت الرياضية بدمياط    وزير الاستثمار: الدولة تولي اهتمامًا كبيرا بتطوير قطاع التأمين    كوريا الجنوبية: بيونج يانج تعلق البث المناهض عبر مكبرات الصوت    الأحد 22 يونيو.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن المرحلة الثامنة التكميلية بالعبور الجديدة    ضمن المسرح التوعوي.. قصور الثقافة تختتم عرض «أرض الأمل» بسوهاج    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    وزير الري: مصر تقوم بإدارة مواردها المائية بحكمة وكفاءة عالية    إنارة رافد جمصة على طاولة التنفيذ بتنسيق مكثف بين الجهات المعنية    قافلة جامعة المنوفية توقع الكشف الطبي على 440 من أهالي «ميت أم صالح»    ريال مدريد يحسم صفقة الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو حتى 2031    عبد العاطي يؤكد ضرورة الحفاظ على السودان وصون مقدّراته    انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر لأدنى مستوى في 3 سنوات    حجز والدي عروس الشرقية على ذمة التحريات في واقعة زفاف عريس متلازمة دوان    عبد الخالق فريد مديرًا لمهرجان بورسعيد السينمائي الدولي    محافظ المنيا: إزالة 215 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة والبناء المخالف    وزير البترول: مشروع إنتاج حامض الفوسفوريك تحرك هام لتعزيز الصناعات التحويلية    التحفظ على سلع غذائية ولحوم فاسدة في حملات تموينية موسعة ب قنا    رسميًا.. رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية    مصر تعرب عن خالص تعازيها لجمهورية الهند في ضحايا تحطم طائرة غرب البلاد    "دخل حسابي 1700 يورو؟".. أحمد حمدي يثير الجدل بمنشور جديد    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    إسرائيل.. المعارضة غاضبة لفشل حل الكنيست وتهاجم حكومة نتنياهو    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التراجع الأمريكى ..والضعف البنيوى السياسى
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 07 - 2014

شهدت سياسة الولايات المتحدة منذ احتلالها العراق سلسلة متراكمة من الإخفاقات تشكل إرهاصات التراجع الأمريكى بل حتى الأفول فى هيمنتها الكونية. ويعود
ذلك التراجع لأسباب ذاتية وموضوعية فى آن واحد. فالبعد الذاتى للتراجع فى الأداء السياسى يعود إلى رداءة القيادات السياسية سواء على الصعيد الخارجى أو على الصعيد الداخلي. وسبب ذلك هو طبيعة النظام السياسى القائم فى الولايات المتحدة الذى لم يعد قادرا على استيعاب التحوّلات الداخلية، سواء فى البنية السكّانية أو فى القاعدة الاقتصادية وما تفرزه من تناقضات داخل المجتمع الأمريكي.
والتحوّلات فى البنية السكّانية كما فى القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الأمريكى هى نتيجة قرارات سياسية أخذتها النخب الحاكمة، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية أدّت إلى الواقع المأزوم حاليا. فعلى الصعيد السياسى الداخلى طبيعة النظام السياسى يتحكّم فيه المال. فما يُسمّى بالنظام الديمقراطى القائم على ثنائية الحزبين وتداول السلطة أصبح أسيرا للمجموعات الضاغطة، أى اللوبيات السياسية وغيرها. فالمال يتحكّم فى العملية السياسية التى تأتى بقيادات دورها الوظيفى خدمة تلك المصالح. نذكّرهنا أن الانتخابات الرئاسية الماضية وصلت كلفتها إلى ستة مليارات دولار للمرشحين، الرئيس اوباما ومنافسه الجمهورى ميت رومني. أى بمعنى آخر أن المسؤول السياسى أصبح مدينا بوجوده فى المنصب لمن موّل حملته الانتخابية. وينجر ذلك الأمر على كافة مستويات التمثيل السياسى المبنى على العملية الانتخابية. والأنكى من ذلك هو أن المحكمة الدستورية العليا، وهى من أرقى المؤسسات الدستورية التى أفرزتها الثورة الأمريكية فى القرن الثامن عشر وكرّس استقلاليتها عن السلطتين التنفيذية والتشريعية فى الدستور، اصدرت حكما قضائيا أصبح مرجعية أقوى من القانون، بأن الإنفاق المالى فى العمل السياسى هو نوع من التعبير. وبما أن الدستور ينصّ على حماية وحرية التعبير فلا يجوز عندئذ فرض القيود على الإنفاق المالى فى العمل السياسي.
هذا يعنى بأن مجموعة المصالح الخاصة التى تموّل مختلف الحملات الانتخابية والتى تعمل جاهدة على التأثير فى التشريعات والقرارات السياسية، بل إن هناك من يقول إنها المشرّع الأساسي، وهى التى تتحكّم بالعملية السياسية. فالنظام السياسى القائم تحوّل من نظام ديمقراطى إلى نظام البلوطوقراسية، نظام حكم المال.
وإذا قيّمنا الخط البيانى لنوعية القيادات السياسية التى تصدّرت المشهد السياسى الأمريكى منذ عدّة عقود نرى أنها مصابة بخلل إما فكرى وإما علمى وإما أخلاقى أو بعضها أو جميعها فى آن واحد، لأن الضعف فى الشخص مطلوب لتسهيل عملية الضغط عليه فى الوقت المناسب. نضيف إلى ذلك المأزق البنيوى فى الأداء السياسي. فالاستقطاب السياسى بين الحزبين أوصل النخب السياسية إلى طريق مسدود بسبب قواعد اللعبة الصفرية، أى كل فريق يعتبر أى إنجاز من الفريق الآخر هو خسارة له. وبالتالى أصبح جوهر العمل السياسى لكل فريق داخل الكونجرس الأمريكى تعطيل الفريق الآخر. هذا ما أدّى إلى صدور عام 2012 كتاب لمراقبين مرموقين واحد من الحزب الديمقراطى والثانى من الحزب الجمهورى (توماس مان ونورمان اورنشتين) عنوانه: «الحالة أسواء مما تتصوّرون». بطبيعة الحال المأزق الداخلى ينجر على السياسة الخارجية حيث فقدان التصوّر المشترك لما يمكن تسميته المصلحة الأمريكية العليا يؤدى بطبيعة الحال إلى الإرباك وعدم الوضوح فى رسم السياسة الخارجية. ولقد شاهدنا ذلك فى مختلف الملفات خلال العقد الماضى من أفغانستان إلى العراق إلى جورجيا إلى سوريا إلى ايران إلى أوكرانيا.. إلخ.
النظام السياسى أصبح أسيرا للمصالح الخاصة التى تنجر على المشهد السياسى الخارجي. فالعلاقة العضوية بين القوى السياسية والمجمع العسكرى الصناعى الأمنى (ونضيف هنا المالي) يخضع لتجاذبات داخلية تنعكس على المشهد الخارجي. فشركات التسليح تستوعب بشكل منتظم القيادات السياسية عبر تمويل الحملات الانتخابية والقيادات العسكرية التى تتقاعد عبر فتح مجالس إداراتها أو عبر تشكيل مجموعات ضاغطة تقوم بالتأثير على التشريع لمصالحها. نلفت النظر هنا إلى أن الشركات المنتجة للسلاح متوزعة على مختلف الولايات لاستيعاب أكبر عدد ممكن من السياسيين الذين يدعمون تلك الشركات بحجة الوظائف التى توجدها لسكان الولايات. وينجّر ذلك أيضا على مؤسسات كمعاهد الدراسات وخزّانات الفكر التى تسهم فى توجيه صنّاع القرار الخارجى والداخلي. من هنا نجد أن هذه النخب المرتبطة بذلك المجمع بحاجة إلى «عدو» يبرّر النفقات الهائلة لوزارة الدفاع والتى تسهم فى تشغيل العجلة الاقتصادية فى الولايات المتحدة. نلفت النظر أنه يوجد اكثر من 270 ألف شركة مقاولة تتعامل مع وزارة الدفاع. فإذا ما افترضنا أن متوسط عدد العاملين فى تلك الشركات هو مائة عامل فهذا يعنى أن عدد العاملين فى الصناعات والخدمات المرتبطة بوزارة الدفاع يقارب ثلاثة ملايين عامل والرقم الفعلى هو أكثر من ذلك بكثير. ناهيك أن النفقات على الأبحاث العلمية المرتبطة بالشأن العسكرى، سواء فى الشركات الصناعية أو الجامعات الأمريكية أو معاهد الأبحاث هى التى تشكّل القاعدة العلمية والتقدّم التكنولوجى التى تميّز بهما الاقتصاد الأمريكي.
فمعظم آلات التواصل والاحتساب التى تملأ الفضاء الاستهلاكى فى الولايات المتحدة وفى العالم من إنتاج تلك العلاقة بين البنتاجون والمجمع العسكرى الصناعي. سقوط الاتحاد السوفيتى أفقد الولايات المتحدة العدو الذى كانت تعبّئ حوله وضدّه كافة طاقتها الشعبية والمادية. وبالتالى أصبحت بحاجة لعدو جديد وما نشهده من سياسات مدمرّة فى المنطقة هو من تداعيات ذلك التصوّر الضرورى لاستمرار العجلة العسكرية الصناعية فى الولايات المتحدة.
لكن التحوّلات الديمغرافية التى تحصل داخل الولايات المتحدة وفى المزاج الشعبى الرافض للمزيد من حروب خارجية بينما الوضع الاقتصادى والاجتماعى فى حالة ترهّل، هذه التحوّلات أربكت النخب الحاكمة فى صوغ سياسات خارجية تجمع بين المصالح الخاصة واستمرار تلك النخب. من هنا نفهم الارتباك فى الموقف السياسى الذى عليه أن يأخذ بعين الاعتبار المزاج السياسى الشعبى الرافض للمغامرات العسكرية وبين المصالح العائدة لمؤسسات المجمع العسكرى الصناعي. وبسبب ضيق المساحة لن نسترسل فى شرح تلك التحوّلات، وهذا ما سنقوم به فى وقت لاحق كما سنعالج المشهد الاقتصادى وتداعياته على السياسة الخارجية.
لمزيد من مقالات ◀د. زياد حافظ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.