تعديل قواعد إلحاق الطلاب الوافدين والمصريين العائدين من الخارج بالمدارس المصرية    «فالكو» الأمريكية تنتهي من حفر 5 آبار بترول في مصر    خبير: الدولة تلعب دور الوسيط العادل في قانون الإيجار القديم لحماية المستأجر والمالك    ترامب: الشرع أبدى تجاوبًا حيال مسألة الانضمام إلى «اتفاقيات إبراهام»    الفاو: منع وصول المساعدات إلى غزة "يُفضي إلى الموت"    حسام البدري يشكر الرئيس السيسي على حل أزمة احتجازه في ليبيا    «شقي العمر ضاع».. نفوق عدد من المواشي في حريق التهم مزرعة بدمياط    «تسبب بوفاة حفيدة رئيس وزراء أسبق».. محاكمة صيدلي بتهمة انتحال صفة طبيب غدًا    ليوناردو دى كابريو وكوينتين تارانتينو وروبرت دى نيرو فى صورة جديدة    «الصحة»: توجيهات رئاسية بالتوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي وجذب الاستثمارات    رفض الإقامة بالقصور وسيارته موديل قديم جدا.. 23 معلومة عن «أفقر رئيس في العالم»    الجريدة الرسمية تنشر قانون تعديل مسمى واختصاص بعض المحاكم الابتدائية (تفاصيل)    تفاصيل الاجتماع الفنى لمباراة مصر والمغرب في نصف نهائي أمم أفريقيا للشباب    ميلان ضد بولونيا.. موعد نهائي كأس إيطاليا 2025 والقنوات الناقلة    قرار التظلمات الحاسم.. لبيب في فرنسا.. مصير رامي ربيعة.. والقبض على رمضان صبحي| نشرة الرياضة ½ اليوم    رئيس جامعة دمياط يُكرّم الطالبات الفائزات في بطولة رفع الأثقال للجامعات المصرية    خاص| بيراميدز يُفكر في تصعيد شكوى بسبب الأهلي    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 الترم الثاني محافظة شمال سيناء    محافظ سوهاج يحيل واقعة مخالفات لأرض بأولاد غريب إلى النيابة العامة    تأجيل محاكمة قهوجي متهم بقتل شخص إلى جلسة 13 يوليو    أحكام رادعة من الجنايات ضد 12 متهم بقتل شخصًا وترويع أسرته في أوسيم    استمرار فعاليات البرنامج التدريبي "إدراك" للعاملين بالديوان العام في كفر الشيخ    الليلة.. محمد بغدادي في ضيافة قصر الإبداع الفني ب6 أكتوبر    استقبالا لضيوف الرحمن فى البيت العتيق.. رفع كسوة الكعبة 3 أمتار عن الأرض    مصطفى كامل.. طرح أغنية «قولولي مبروك» اليوم    "الجبهة الوطنية" تعلن تشكيل أمانة ريادة الأعمال    الجارديان: القصف الإسرائيلي على غزة ينذر بتصعيد خطير يبدد آمال وقف إطلاق النار    تأجيل محاكمة 17 متهما بقضية "خلية العجوزة الثانية" لجلسة 28 مايو    التحفظ على 256 بطاقة تموينية وضبط مصنع تعبئة كلور داخل مزرعة دواجن بالغربية    الثقافة تختتم الأسبوع ال38 لأطفال المحافظات الحدودية بمشروع "أهل مصر".. صور    وزير الإنتاج الحربي يوجه باتباع آليات الرقمنة الحديثة وتطبيق منظومات إدارة موارد المشروعات    البنك المركزي: القطاع المصرفي يهتم كثيراً بالتعاون الخارجي وتبادل الاستثمارات البيني في أفريقيا    اتحاد الدراجات بالإسكندرية يشارك فى البطولة الأفريقية لذوي الهمم بمشاركة 13 دولة    «الشرق الأوسط كله سف عليا».. فتحي عبد الوهاب يكشف كواليس «السيلفي»    النيابة تستأنف التحقيق في انفجار خط غاز بطريق الواحات: 8 ضحايا واحتراق 13 سيارة    لأصحاب برج السرطان.. اعرف حظك في النصف الثاني من مايو 2025    إعفاء وخصم وإحالة للتحقيق.. تفاصيل زيارة مفاجئة إلى مستشفى أبو حماد المركزي في الشرقية    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية الترم الثاني 2025 في محافظة البحر الأحمر    إيتيدا تشارك في المؤتمر العربي الأول للقضاء في عصر الذكاء الاصطناعي    مسئول أمريكي سابق يصف الاتفاق مع الصين بالهش: مهدد بالانهيار في أي لحظة    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    المجموعة الوزارية للتنمية البشرية تؤكد أهمية الاستثمار في الكوادر الوطنية    الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء: 107.5 الف قنطار متري كمية الاقطان المستهلكة عام 2024    توقيع بروتوكول بين المجلس «الصحي المصري» و«أخلاقيات البحوث الإكلينيكية»    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    الرئيس الأمريكى يغادر السعودية متوجها إلى قطر ثانى محطات جولته الخليجية    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    بالصور.. جبران يناقش البرنامج القطري للعمل اللائق مع فريق "العمل الدولية"    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    "معرفوش ومليش علاقة بيه".. رد رسمي على اتهام رمضان صبحي بانتحال شخصيته    «الرعاية الصحية»: توقيع مذكرتي تفاهم مع جامعة الأقصر خطوة استراتيجية لإعداد كوادر طبية متميزة (تفاصيل)    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    بيان عاجل خلال دقائق.. معهد الفلك يكشف تفاصيل زلزال القاهرة    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإيجارات الزراعية تأكل عرق الفلاح
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 06 - 2014

عندما نتحدث عن الفلاح المصرى فنحن نتحدث عن كتلة من البشر تمثل أكثر من 27% من إجمالى العاملين فى مصر. الفلاح المصرى خارج معركة الحد الأدنى للأجور، فقانون العمل ينص صراحة على استبعاد العمال الزراعيين من تحت مظلته. بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تؤكد أن 36% من المشتغلين فى القطاع غير الخاضع لقوانين العمل والتأمينات (القطاع غير الرسمى) يقعون تحت خط الفقر.
الفلاح مستأجر الأرض الزراعية ليس بأفضل حالا. ففى مثل هذا الشهر منذ اثنين وعشرين عاما صدر القانون رقم 96 لسنة 1992 المعروف بقانون تحرير إيجارات الأراضى الزراعية. القانون رفع إيجارات الأراضى بأكثر من 300% فى قفزة واحدة، من 7 أمثال الضريبة على الأراضى كحد أقصى إلى 22 مثلا، على أن يسرى ذلك خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات وبعدها يترك الأمر للتفاوض بين المالك والمستأجر. فى نهاية مدة الخمس سنوات يحق للمالك أن يطرد المستأجر إذا لم يكن راغبا فى تأجير الأرض.
الفلاح مستأجر الأرض كان عليه أن «يدير حالة» خلال الفترة الانتقالية،من كان يملك القدرة المالية منحه القانون الحق فى شراء الأرض بالثمن السائد فى السوق، من يستطيع تحمل الإيجارات المرتفعة الجديدة كانت لديه الفرصة للبقاء فى الأرض إذا وافق المالك على التأجير. أما صغار الفلاحين فكان مصيرهم الطرد من الأرض، مع وعد من الحكومة ظلوا فى انتظار تنفيذه إلى يومنا هذا، بأن يتم تعويض المتضررين من القانون بتأجير أراض بديلة لهم من أراضى الإصلاح الزراعى. أعداد ضخمة من صغار الفلاحين تحولت دفعة واحدة من مزارعين حائزين لأرض إلى عمال زراعيين خارج حماية قانون العمل وأى حماية تأمينية.
نقطة البدء فى الإيجارات الجديدة كانت 22 مثلا للضريبة على الأطيان تسرى خلال مهلة الخمس سنوات، ولنا أن نتصور مدى ارتفاع الإيجارات بعد انتهاء تلك المهلة. القانون يتحدث عن ترك الأمر للتفاوض بين المالك والمستأجر، وكأننا نتحدث عن قوتين متساويتين! الواقع شئ مختلف. الإيجارات ارتفعت بنسبة 500% . النمط السائد للعلاقة بين المالك والمستأجر للأراضى الزراعية صار يتمثل فى العقود غير المسجلة، الفلاح أصبح معرضا للطرد فى اللحظة التى يريدها المالك. لم يعد هناك حد أدنى لمدة الإيجار. عقود الإيجار صارت قصيرة المدة وأحيانا تكون لمدة موسم زراعى واحد بعدها يتم التعاقد على زيادة جديدة فى الإيجار.
قانون تحرير الإيجارات نص على تسجيل الأرض فى الجمعيات الزراعية باسم مالك الأرض وليس باسم الفلاح الذى يقوم بزراعتها فعليا. الأسمدة والمستلزمات الزراعية المدعمة من الدولة صارت تسلم للمالك الذى يقوم فى كثير من الأحيان ببيعها فى السوق، لكى يشتريها الفلاح الذى يقوم بزراعة الأرض فعليا بالسعر المرتفع. الدعم الذى تتحمله الموازنة العامة للدولة، ونتحمله نحن كدافعى ضرائب، صار يذهب للمالك وليس للفلاح.
وما بين الإيجارات المرتفعة للأراضى الزراعية ولهيب أسعار الأسمدة ومستلزمات الإنتاج ارتفعت تكاليف الانتاج الزراعى، وصار على الفلاح أن يتجه إلى زراعة المحاصيل التى يتوسم أن تعطيه عائدا يغطى تلك التكاليف. لم يعد هناك علاقة بين نمط وحجم المحاصيل التى يتم زراعتها وأولويات احتياجات المجتمع المصرى، بعد أن انتهى العمل بنظام الدورة الزراعية الذى كان يتغلب على مشكلة تفتيت الملكية وصغر الحيازات من خلال تقرير زراعة محاصيل محددة فى مساحات كبيرة من الأراضى. نظام الدورة الزراعية كان يحدد ما يتم زراعته فى المناطق المختلفة وفقا لأولويات احتياجات الاقتصاد المصرى ومتطلبات الحفاظ على خصوبة الأرض وعدم إجهادها، ويوفر الشروط المواتية لاستخدام الميكنة ورفع إنتاجية الفدان فى ظل نظام فعال للإرشاد الزراعى. اختفى كل ذلك. صرنا بلدا مستوردا صافيا للغذاء، وتدهورت إنتاجية الفدان من المحاصيل التقليدية، رغم ارتفاع معدلات استخدام الأسمدة والمبيدات إلى مستويات قياسية.
السادة رافعو لواء اقتصاد السوق يتحدثون دائما وكأننا بدعة بين شعوب الأرض. استقرار عقود الإيجارات الزراعية أمر قائم بالفعل فى الدول الرأسمالية العريقة. فى فرنسا تتراوح عقود تلك الإيجارات بين تسع سنوات و18 سنة، فى انجلترا ينص قانون الإيجارات الزراعية على أنه إذا لم يحدد العقد دورية تغيير الإيجار فيحق لكل من المالك أو المستأجر أن يطلب تعديل الإيجار مرة كل 3 سنوات، وإذا رغب المستأجر فى ترك الأرض فعليه أن يخطر المالك قبلها بمدة كافية تصل إلى خمس سنوات ولاتقل فى كل الأحوال عن سنة. ألا يعطينا ذلك كله فكرة عن مدى استقرار عقود الأراضى الزراعية فى انجلترا وطول مدتها؟
الفلاحون يطالبون بعقود إيجارات زراعية مستقرة لا تقل عن خمس سنوات، وبأن تتحدد القيمة الإيجارية بحسب جودة الأرض والعائد الفعلى لها. يطالبون بزيادة المقررات الموزعة بالجمعيات الزراعية من مستلزمات الانتاج المدعمة وبأن يتم تسليمها للمزارعين الفعليين وليس الملاك. باختصار الفلاحون يريدون أن يتبقى لهم بعد دفع إيجار الأرض وتكاليف الإنتاج حد أدنى من الدخل يكفل الوفاء بالاحتياجات الأساسية لهم ولأسرهم.
الاقتصاد المصرى فى حاجة لعودة العمل بنظام الدورة الزراعية وإحياء أجهزة الإرشاد الزراعى والإفادة من علم وخبرة آلاف المهندسين الزراعيين وعشرات المراكز البحثية الزراعية كى ترتفع إنتاجية الأراضى الزراعية ويرتفع دخل الفلاح ونملك قوت يومنا ولا نظل تحت رحمة تقلبات السوق العالمية.
لمزيد من مقالات د. سلوى العنترى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.