البنوك المصرية أصبحت في مرمي الخطر فخلال الأيام الماضية, حدثت أكثر من واقعة سطو علي بنوك, وسيارة نقل أموال, منها السطو المسلح علي مصرفHSBC في منطقة التجمع الخامس, ثم السطو المسلح علي سيارة نقل أموال في منطقة التبين بحلوان! والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: من يتحمل المسئولية عن هذه الجرائم... أجهزة الأمن؟ أم البنوك ذاتها التي تتقاعس في تطبيق إجراءات التأمين؟... وكيف يمكن تأمين هذه المؤسسات المالية ضد جرائم السطو المسلح؟ البنوك آمنة من الناحية النظرية, ولكن التأمين غير موجود علي المستوي العملي, هكذا قال لي أحمد قورة الخبير المصرفي وعضو الاتحاد العام لبنوك مصر, مشيرا إلي وجود جرسي إنذار تحت قدم الصراف في البنك, الجرس الأول عبارة عن خط تليفوني متصل بين البنك والشرطة, فإذا قام الصراف بالضغط علي الجرس بقدمه, تتوافر معلومات لدي قسم الشرطة عبر شاشة إلكترونية عن خطر معين في البنك, وهنا تقع علي فرد الأمن مسئولية الاتصال بالبنك, أو التحرك إليه فور تلقيه إشارة الإنذار, وقد يتلقي الإنذار ولايتحرك... أما جرس الإنذار الثاني فعند إطلاقه يتم غلق أبواب البنك مباشرة, بحيث يكون الجميع في حالة استنفار تام, ومن ثم يقوم الموظفون والصرافون, بإغلاق الخزن, وإخفاء الأوراق, والدفاتر, والمستندات الموجودة بحوزتهم, ووضعها في مكان آمن... يضاف الي ذلك, كاميرات المراقبة المثبتة فوق الباب, والصالة, وكوانتر العملاء, والصرافين, والموظفين, والخزينة, وقد تعمل الكاميرات, وقد تتعطل ولا ينتبه أحد إلي أهميتها في رصد أية حركة أو اعتداء علي البنك... وبالرغم من وجود هذه الوسائل التأمينية, فإن بعض هذه الأجهزة قد يكون معطلا, أو مهملا, وقد لاتعيرها البنوك أي اهتمام, وبهذه الطريقة فإنه يمكن القول إن البنوك مؤمنة علي المستوي النظري, لكنها ليست آمنة علي أرض الواقع. التأمين يحمي البنوك سألته: وما موقف التأمين الخارجي؟ قوره: في السابق, كانت وزارة الداخلية تتولي التأمين الخارجي, لكن بمرور الوقت, كنا نواجه أزمة في عساكر الداخلية, فإذا طلبنا3 أفراد, يتم توفير اثنين فقط, أو جندي واحد, وقد لايكون مسلحا, وفي المقابل كانت البنوك تقوم بتخصيص أفراد أمن من البنك لتأمين المبني من الخارج, وكان البديل الآخر, هو شركات الحراسة الخاصة, التي كانت تضغط علي البنوك, وتضع شروطا لكل نوع من الخدمة, ففرد الأمن المسلح بسلاح حي له سعر, والذي يحمل مسدس صوت له سعر وغير المسلح له سعر مختلف, في النهاية كله بثمنه. قلت لماذا لا تلجأ البنوك للتأمين ضد السطو, والحريق, وغيرها من الحوادث التي يمكن تغطيتها من الناحية التأمينية؟ قورة: من حيث المبدأ, تتهافت شركات التأمين علي البنوك, للتأمين لديها, فإذا لجأ البنك إلي شركة تأمين, تقوم الأخيرة بإرسال مندوبها إلي البنك, قبل إصدار الوثيقة لمراجعة الحالة الأمنية بالبنك, وإجراءات التأمين المتبعة فيه, وفي حالة وقوع حادث تقوم شركة التأمين بمراجعة شروط التأمين المتفق عليها, فإذا كان الحادث قد وقع بسبب إهمال من مسئولي البنك, أو لخطأ منهم, تتلكأ الشركة, وتتقاعس عن صرف مبلغ التعويض.. وفي كل الأحوال يجب التأمين علي الأموال ضد السطو والسرقة وخيانة الامانة والحرائق, كما أنه قد حان الوقت للتوسع في عمليات إعادة التأمين, بحيث يقوم البنك بالتأمين لدي شركة محلية, فتقوم الشركة بدورها بالتأمين علي البنك لدي شركة أخري, ثم تقوم الاثنتان بالتأمين علي البنك لدي شركة عالمية, وهكذا يمكن ضمان تعويض البنك عن الخسائر التي تقع بسبب السطو, أو الحرائق, دون أن تتحمل شركة تأمين واحدة تعويض البنك عن خسائره. مشكلة أمنية والحال كذلك, فإن حوادث السطو علي البنوك كما يقول الدكتور ياسر حسن رئيس مجلس إدارة البنك الوطني هي مشكلة أمنية في الأساس, وتؤدي إلي حدوث قلق في المجتمع بأسره, موضحا أن البنوك تتبع إجراءات التأمين المختلفة, كالحراسات الداخلية والخارجية أمام المقر, وكاميرات المراقبة, وأجهزة الإنذار, والزجاج ضد الرصاص, وغيرها, لكن مثل هذه الإجراءات لا تقوي في الحقيقة علي مواجهة حالات السطو المسلح التي قد يتعرض لها أي بنك. انعدام دور الدولة في المقابل, يري اللواء محمد عبد الفتاح عمر مساعد وزير الداخلية الأسبق أنه ليس بالسطو علي البنوك, وشركات الصرافة, ومكاتب البريد يتم تقييم الجهاز الأمني, بل يجب أن يتم تقييم حالة الأمن علي مستوي الجمهورية, ووفق تصدي الجهاز الأمني لمختلف الجرائم, كالقتل, وحوادث الاختطاف, وقطع الطرق, والسكك الحديدية, والخروج عن القانون, ولا شك أن ما يقع من جرائم, يرجع إلي انعدام دور الدولة, وإذا استمرت الأمور علي هذا النحو, فإن دور الدولة سوف يتلاشي تدريجيا. الحراسة مقابل أجر ومنذ قديم الأزل, كانت محلات الذهب, والبنوك, تحصل علي تأمين من وزارة الداخلية في مقابل أجر تدفعه للوزارة عن تلك الخدمات الخاصة, وكانت المؤسسات أيضا تستعين بشركات الأمن الخاصة, لكن بمرور الوقت لم تعد تلجأ البنوك إلي الوزارة للحصول علي خدمة التأمين لتوفير النفقات, ومن ثم أصبحت البنوك ومختلف المؤسسات التي تتعامل مع الأموال في مرمي الخطر, وبعد الثورة والكلام مازال للواء محمد عبد الفتاح عمر فقد فرد الأمن قوته, بعد أن تحللت وزارة الداخلية.., وقد شجع هذا الكم الرهيب من الأسلحة المنتشرة في الشوارع, والتي أصبحت في حوزة أرباب السوابق, والمسجلين خطر, بعد أن تم السطو عليها من السجون, أو دخلت البلاد بطريق التهريب عبر الحدود إبان ثورة25 يناير, علي ارتكاب الجرائم بمختلف أنواعها.. ولا شك أن انتشار جرائم السطو علي البنوك, وشركات الصرافة, ومكاتب البريد, وسيارات نقل الأموال في الآونة الأخيرة, يرجع في رأي اللواء فاروق المقرحي مساعد وزير الداخلية الأسبق إلي إحساس اللصوص, وأرباب السوابق, والمسجلين خطر بأن الأجهزة الأمنية لن تصل إليهم حال ارتكابهم للجريمة, بسبب ضعف جهاز الشرطة, وحالة الانفلات الأمني التي شهدتها البلاد بعد الثورة, فضلا عن اعتقادهم بأنهم سوف يفلتون بجرائمهم, وأن يد العدالة لن تصل إليهم.. وعلي الجانب الآخر, يحمل اللواء المقرحي مسئولي المؤسسات المالية والبنوك بعض المسئولية عن حدوث مثل هذه الجرائم, بسبب عدم استعانتهم بإدارة التأمين والحراسات في وزارة الداخلية, والتي يمكن أن تقوم بتأمين هذه المؤسسات, في مقابل رسوم محددة تسددها للوزارة, إلي جانب لجوئهم إلي شركات حراسة خاصة تزودهم بأفراد غير مؤهلين للقيام بمثل هذه المهمة, ومعظمهم لا يحملون سلاحا, ولا يجيدون استخدامه!! تقصير مزدوج ومن أجل مواجهة مثل هذه الجرائم, يري اللواء المقرحي أهمية لجوء البنوك والمؤسسات المالية إلي وزارة الداخلية التي يمكن أن تزودهم بأفراد مؤهلين للقيام بمهمة الحراسة والتأمين, فضلا عن التوسع في نشر كاميرات المراقبة في مختلف الأماكن داخل وخارج البنك, وفي اتجاهات مختلفة, مشيرا إلي أن هذه الحوادث تعكس تقصيرا مزدوجا من الجهاز الأمني من ناحية, ومن البنوك, والمؤسسات المالية, الشركات من ناحية أخري, فالجهاز الأمني يجب أن يمنح الجميع الإحساس بالأمان, ولكي يقوم بهذه المهمة لابد أن يشعر أفراده بالأمان.. أولا.. وكيف يؤدون دورهم وهم خائفون من المساءلة والمحاكمة؟.. أما البنوك والمؤسسات فتتحمل مسئولية التقصير لأنها تتقاعس عن الاستعانة بأفراد الداخلية المؤهلين, في حين تستعين بشركات حراسات خاصة لاتستطيع القيام بهذه المهمة! [email protected]