الزيارة التى قام بها وزير الخارجية الإسرائيلية أفيجدور ليبرمان لعدد من الدول الافريقية فى العاشر من يونيو الجارى وشملت كلا من اثيوبيا، وكينيا، وغانا، وكوت ديفوار، ورواندا واستغرقت عشرة أيام ليست الأولى من نوعها. ففى سبتمبر عام 2009 قام ليبرمان بجولة إفريقية شملت خمس دول أيضا هى كينيا، وغانا، ونيجيريا، واوغندا، واثيوبيا. ومن العاصمة الاثيوبية أديس أبابا قال فى ذلك الوقت إنه من المهم ومن خلال الاتحاد الافريقى أن تعكس قرارات وأنشطة الدول الافريقية تناولا إيجابيا ورفضا للقرارات المنحازة ضد إسرائيل . وفى الزيارة الأخيرة اصطحب ليبرمان 50 من رجال الأعمال ومسئولى شركات ومؤسسات تصنيع وتجارة الأسلحة خاصة مسؤلى مؤسسة التصنيع العسكرى «البيت معرخوت». وهدف زيارة ليبرمان كما تقول صحيفة معاريف هو فتح أسواق للمنتجات الإسرائيلية لمواجهة مخاطر التهديد بمقاطعة دولية لتلك المنتجات، والبحث عن صفقات اقتصادية لشركات تعمل فى مجالات مختلفة مثل إنتاج معدات الرى، والزراعة، والكيماويات. وكما يقول ترانس كلينجمان رئيس شعبة الأبحاث فى هيئة الاستثمار الإسرائيلية فهناك مخاوف لدى الشركات ولدى السياسيين الإسرائيليين أيضا من عزلة دولية تؤثر على حجم صادراتها للخارج. لذا تسعى إسرائيل إلى فتح أسواق لمنتجاتها فى دول افريقيا بعد النجاح الذى أحرزه الفلسطينيون فى مساعيهم لفرض عقوبات ومقاطعة اقتصادية على إسرائيل خاصة منتجات المستوطنات. وأيضا بعد تجاوب عدد من الدول الغربية مع هذه المساعى وتقليلها لحجم التعاون الاقتصادى مع إسرائيل. ووصلت قيمة الصادرات الإسرائيلية للدول الافريقية العام الماضى 4ر1 مليار دولار، وهو مبلغ يزيد أربع مرات عما كان عليه عام 2003 حيث وصل فى ذلك الوقت إلى 374 مليون دولار على حد قول شاؤل كتسنسلون المسئول بمعهد التصدير والتعاون الدولى بتل أبيب. وتقول صحيفة معاريف إن هناك نقطة إيجابية حققها ليبرمان أمام المقاطعة لإسرائيل من جانب مؤيدى الفلسطينيين. وتتخذ إسرائيل موقفا عدائيا من منظمة BDS التى تقف وراء حملة المقاطعة للمنتجات الزراعية الإسرائيلية فى أوروبا وايضا المقاطعة الأكاديمية فى أوروبا وأمريكا. ووضعت هذه المنظمة فى مقدمة أولوياتها مقاطعة الصناعات العسكرية الإسرائيلية. وما يحدث فى إفريقيا يعتبره الإسرائيليون هجوما مضادا تجاه ما تقوم به منظمة BDS تجاه الصناعات الإسرائيلية. وكانت هذه المنظمة قد بدأت نشاطها فى 9 يوليو عام 2005 بنداء من 171 منظمة فلسطينية غير حكومية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وتطبيق العقوبات ضدها، حتى تنصاع للقانون الدولى، والمبادئ العالمية لحقوق الانسان، وإنهاء الاحتلال، واحترام حقوق الفلسطينيين. ويشكل كل ما سبق الجانب المعلن أو الهدف من الزيارة أما الجانب الخفى وغير المعلن فهو مصر فإسرائيل تهدف ومنذ خمسينيات القرن الماضى إلى محاصرة مصر من خلال تغلغلها فى دول القارة الافريقية فقد كشف كتاب أصدره مركز ديان لابحاث الشرق الاوسط وافريقيا التابع لجامعة تل أبيب تأليف العميد متقاعد موشيه فيرجى ان الانتشار الاسرائيلى فى قلب افريقيا نجح فى الفترة من 1957 إلى 1977 فى إقامة علاقات مع 32 دولة افريقية لكى يحيط بالسودان، ويخترق جنوبه. ويشرح كيف وسعت إسرائيل علاقاتها مع دول حوض النيل للضغط على مصر. وفى محاضرة لوزير الأمن الداخلى الإسرائيلى آفى ديختر فى 30 أكتوبر عام 2008 قال إن استهداف السودان يرجع لكونه العمق الاستراتيجى لمصر. فبعد حرب يونيو 1967 تحول السودان ومعه ليبيا إلى قواعد تدريب وإيواء لسلاح الطيران المصرى، وللقوات البرية. كما شارك السودان ببعض القوات اثناء حرب الاستنزاف التى شنتها مصر على إسرائيل فى الفترة من 68 وحتى 70 لذلك, وكما يقول ديختر كان لابد من إضعاف السودان وتقسيمه. إذا فليبرمان يسير على خطى قادة إسرائيل الأوائل بمحاولة وضع قدم إسرائيل داخل معظم دول القارة وتشجيع دول حوض النيل خاصة إثيوبيا على إقامة السدود لحجز المياه. كما تسعى إسرائيل للحصول على تأييد افريقى لضمها كعضو مراقب فى الاتحاد الافريقى. وأثناء زيارة كينيا، افتتح ليبرمان خط طيران مباشر بين تل أبيب ونيروبى. وافتتح مركزا لعلاج سرطان الأطفال قامت بترميمه السفارة الإسرائيلية. وفى رواندا، افتتح مركزا للتدريب الزراعى. وشارك فى مراسم أقامها ملك الاشانتى أوتومفواوسى الثانى. أما فى ساحل العاج فقد افتتح مصنعا لزيت النخيل يمتلك إسرائيليون جانبا من اسهمه. ولا يقتصر الأمر على الدول سالفة الذكر. ففى شهر مايو الماضى، وخلال محادثة هاتفية بين رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، والرئيس النيجيرى جودلاك جوناثان تم الاتفاق على أن تساعد إسرائيل نيجيريا فى حل أزمة اختطاف 200 فتاة على يد جماعة بوكو حرام، وان ترسل خبراء فى مجال مكافحة الإرهاب، وتزويدها بطائرات بدون طيار لجمع المعلومات المخابراتية، ومساعدة أجهزة الأمن النيجيرية فى تحليل ما يصلها من معلومات حول الفتيات. وأدى هذا إلى قلق الشركات الإسرائيلية التى تعمل فى نيجيريا من مخاطر استهداف جماعة بوكو حرام لها. إن إسرائيل لا تضيع فرصة للتقرب إلى الدول الافريقية، فماذا فعلنا نحن؟.