طالما تفنن النظام القديم بإلهائنا عن المطالبة بحقوقنا من خلال إغراقنا فى مباريات كرة القدم، حتى نجح فى تقسيم الدولة الى فصيلين قويين من مشجعي الفرق الرياضية، وقد أنعكس الأمر الآن، حيث حاول إلهائنا عما حدث من مجزرة لفريق الألتراس فى بورسعيد بأحداث أخرى وجثث جديدة، وكر وفر لثوار يتضح أنهم ليسو ثوار، ولا هم ألتراس، وجلسنا أعلى الكنبة مرة أخرى شأن مرات كثيرة سابقة، لنطرح تساؤلات بلا إجابة، ونشكو جميعا من عدم الفهم، وتتضارب الآراء حول جلسات مجلس الشعب.. هل هى ناجحة مقارنة بما سبق، ونسير بمنطق الرضي بأخف الأمرين، أم ناجحة باعتبارها بذرة لبرلمان جديد على الأقل يمكن انتقاده؟، وضاع حق شهداء الألتراس فى هذا الصخب والتيه، وتركنا الساحة لكل من هب ودب يسلبهم حقوقهم بدماء باردة، فمنهم من شبههم بعبده الشيطان وأن فكرة الالتراس بدعة من الغرب اعتنقوها، وما حدث لهم كان جزاء منكرهم! ومنهم من أفتى بأن موتهم لا يرقى لمستوى الشهادة، ولا يصح أن مقتلهم يتسبب فى إيقاظ الثورة من جديد، والحل من وجهه نظره ببساطة هو محاكمة أهاليهم لأنهم السبب فى تركهم "على حل شعورهم" يسودوا فى الأرض خرابا! إذن يؤول الحل الى إعدام أهاليهم أيضا لكى تبرد دماء الشعب، ونبقى خلصنا من آلاف العصافير بحجر واحد، فلو حسبنا الأمر هكذا سوف نفوز بتصفية عدد لا بأس به من الأسر التى سوف تزن فى المطالبة بحقوق أبناءها، وبالطبع سوف ينضموا لصفوف الثوار، فلابد من التخلص منهم شأنهم شأن ذويهم من أسر شهداء 25، 28 يناير، وموقعتى الجمل ومحمد محمود، حيث كشف لنا النظام القائم انتمائهم الى عديمي الحسب والنسب، وأنهم فى الأساس بلطجية، ليسو ثوارا، فهل هم هجين من عشوائيات تنصلت من زرعها، وتأسيسها، و تجاهلها الحكومات السابقة؟ أما شهداء الألتراس فأغلبهم من خريجى المدارس الأجنبية، وذويهم من عليه القوم، وليس هناك مخرج من هذا المأزق، وليس هناك فرصة لنعتهم بالبلطجية، لذا كان الأنسب هو الإلهاء عنهم، بقتل آخر من مجهولين، وإلقاء اللوم على ذويهم، وحقيقة يتركنا هذا الأمر لتساؤل يظل مطروحا بلا إجابة.. من هم الثوار الحقيقيين أذن؟ وهل لهم مواصفات خاصة، أو علامة مميزة؟ وأخشى أن يكشف لنا النظام القائم قريبا عن طبيعة من نعتقد أنهم ثوار التحرير، ويثبت أنهم هم الطرف الثالث، أو اللهو الخفى - اللى دوخنا وراها، وعندئذ تسقط الثورة، لأن بالطبع سينقلب الأمر، لأن الثورة المضادة هى التى ستفوز وتفلح، حتى إن لم تنكشف طبيعة عناصرها!، إذن الأمر أكبر من مجرد إلهائنا هذه المرة، وإنما الغرض الأكبر هو تشتيت عقولنا، حتى يفيض الكيل ونستغيث، أو نتقبل المر، نتناوله ونبلعه الى أن نعتاد عليه، فيلكم أفواهنا ويكممنا. المزيد من مقالات ناهد السيد