عندما تذهب لتشترى فانلة فإنك تقوم بقياسها أولا لتعرف هل هى مقاسك؟ وهل هى من النوع الذى تحبه؟ فتختار مقاس الفانلة الذى يريحك كما تختار لونها الذى يروق لك، وتختار أيضا الماركة التى تفضلها. ثم تقوم بارتدائها ومن هنا تتعود عليها ثم تفقد الشعور بها و تنسى أنك ترتديها، ولا تتذكرها إلا عند تغيرها أو لأنك قررت أن تجرب نوعًا آخر. فالمرأة فى حياتك كالفانلة لاتشعر بها إلا عندما تختارها لتكون شريكة حياتك وتدقق فى صفاتها، ووصفها .حتى تتزوج بها وتتعود على وجودها فتنساها كما تنسى الفانلة عليك ولا تتذكرها غير وقت الخلافات والمشاجرات والمناورات بينكما فتقرر خلعها والتخلى عنها ..ومن ثم تحتاج اليها ثانية لأهميتها فى حياتك كأهمية الفانلة لجسمك النحيف أو السمين.. ( أنت لا تحس بالفانلة على جسمك إلا في اللحظة التي تلبسها .. و في اللحظة اللي تخلعها .. أما في الساعات الطويلة بين اللحظتين.. و هي على جسمك فأنت لا تحس بها... تلامس جلدك و تلتف حول صدرك و ظهرك و ذراعيك و لكنك لا تحس بها و لا تشعر بوجودها ) بتلك الكلمات وصف الراحل دكتور مصطفى محمود علاقة الزوج بزوجته فى كتابه عن الحب والحياة. و تظل المرأة منسية كالفانلة .. حتى تأتي اللحظة التي يدب فيها الخلاف بينك و بينها و يتأرجح الزواج على هاوية الطلاق وتبدأ في خلعها كما تخلع فانلتك.. و في تلك اللحظة تعود للشعور بها بعنف و يرتجف قلبك من خشية فراقها. والسر فى هذا النسيان يقول مصطفى محمود :إن اعصابنا مصنوعة بطريقة خاصة.. تحس بلحظات الانتقال و لا تحس بالاستمرار.. حينما تركب الأسانسير تشعر به في لحظة تحركه.. و في لحظة توقفه.. أما في الدقيقة الطويلة بين اللحظتين فانت لا تشعر به لأن حركته تكون مستمرة…و حينما تعيش متمتعاً بصحة مستمرة لا تحس بهذه الصحة.. و لا تتذكرها إلا حينما تمرض فإذا دام شيء فى يدنا فإننا نفقد الإحساس به. و لم يكن مصطفى محمود هو السباق لهذا الوصف فقد وصف الله تعالي في قوله(هن لباسا لكم و انتم لباسا لهم) فالرجل و المراة سواء فاحتياج الملبس ..انت تحتاجه لستر العورة و الاحتماء من الحر او البرد و هو نفس احتياج الطرفين بعضهم لبعض. فالشعور متبادل . . فكلا الطرفين يألف الآخر: صفاته، طباعه، طبيعته. العلاقة المتبادلة بينهما تصبح بعد فترة عادية..كما تألف العين الجمال الشديد بعد فترة وتراه عادي. ..الحب والمشاعر في الأول تكون شديدة وقوية ،ويتفنن كلا الطرفين في التعبير عنها ،ولكنها بعد فترة تستقر وتزداد عمقا بنا، وتأخذ أشكالا أخرى في التعبير عن المشاعر قد تختلف كثيرا عن فترة التعارف والخطوبة واللقاءات الأولى. ولهذا فإن على كلا الطرفين أن يحاولا كل فترة أن يحدثا نوع من التغيير في علاقتهما وحياتهما.. والا يستسلما للظروف المحيطة والضغوط الحياتيه ليغرق كل منهما في تفاصيله، هي في البيت والأولاد، وهو في عمله وسهراته فيعيش كل منهما في فلك لا يلتقيان الا على فترات.