وزير الإسكان: الدولة المصرية شهدت تحولا نوعيا في قطاع الإسكان والتوسع العمرانى    انخفاض درجات الحرارة.. الأرصاد الجوية تعلن عن طقس اليوم الإثنين فى محافظة الغربية    أكتوبر بعيون الشباب.. قطاع المسرح يحتفل بذكرى نصر 73    الوثائقى "السادات والمعركة".. الرئيس الراحل ينعى رحيل جمال عبد الناصر    «طقوس السطوح» عرض مسرحي يعلو القاهرة ضمن مهرجان «دي-كاف»    ندى ثابت: ذكرى انتصارات السادس من أكتوبر ستظل علامة مضيئة في سجل التاريخ الوطني    خبير بالشأن الأفريقي: حكومة آبي أحمد توظف سد النهضة دعائيًا وتتجاهل القانون الدولي    السيسي في ذكرى النصر: من روح أكتوبر نستمد عزيمتنا اليوم في بناء مصر الجديدة لتكون في مصاف الدول الكبرى.. جيشنا يحمي البلد ويحافظ على حدودها ولا يهاب التحديات ويقف كالسد المنيع أمام التهديدات    رئيس الوزراء يتابع مستجدات تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتكاملة والمستدامة    ميناء دمياط يواصل تعزيز حركة التجارة ويستقبل 15سفينة خلال 24 ساعة    الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة: شركات التجارة الإلكترونية ساهمت في تطوير التجارة وأثرت إيجابيًا علي الاقتصاد المصري    متخصصون من معرض دمنهور للكتاب: البحيرة تمتلك مستقبلًا واعدًا في الصناعة    مجلس الوزراء: سيناء.. الإنسان محور التنمية ونهضة عمرانية شاملة تحقق حياة كريمة لأبناء المنطقة    جيش الاحتلال يواصل إغلاق الطرق وتعطيل المدارس لليوم الخامس على التوالي    ذي أتلانتك: نجاح ترامب في "وضع نتنياهو بمكانه" يعزز فرص إنهاء الحرب في غزة    رغم خطة ترامب لإنهاء الحرب.. جيش الاحتلال يواصل هجماته على قطاع غزة    الجامعة العربية وبيرو تتفقان على تطوير التعاون المشترك    الاستخبارات الخارجية الروسية: بريطانيا تستعد لتنفيذ استفزاز جديد ضد روسيا    وزير الرياضة يُنهي الخلاف بين "الأنوكا" و"الأوكسا"، ويؤكد وحدة الصف الرياضي الأفريقي    اجتماع مهم لمجلس الزمالك اليوم لمناقشة ملفات الكرة والأزمة المالية    نجم الزمالك السابق يعتذر لمحمد مجدي أفشة    فالفيردي يغيب عن معسكر منتخب الأوروجواي    رئيس الاتحاد السكندري: نستعد لضم صفقات قوية في الميركاتو الشتوي.. والجمهور درع وسيف للنادى    محافظ المنوفية يضع إكليل زهور على النصب التذكاري للجندي المجهول    الداخلية تكشف تفاصيل القبض على المتهمين بواقعة الفيديو الفاضح أعلى المحور    «الداخلية»: ضبط متهم بالنصب على مواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    المديريات توجه المدارس بمتابعة تسجيل الطلاب على منصة تدريس البرمجة    انقلاب ميكروباص وإصابة 6 أشخاص في الجيزة    ممثلو «خور قندي الزراعية» يشكرون الرئيس لاستكمال صرف مستحقات أبناء النوبة    التوعية والتمكين وتحسين البيئة للعاملين ..أبرز حصاد العمل بالمحافظات    البابا تواضروس: الكنيسة هي السماء على الأرض وسر الفرح في حياة الإنسان    جائزة نوبل في الطب تذهب إلى أمريكيين وياباني، اعرف إنجازاتهم    3 علماء يفوزون بجائزة نوبل في الطب لعام 2025 (تفاصيل)    52 عامًا على ملحمة العبور.. مشاهد لا تنسى عن حرب أكتوبر في السينما المصرية    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025 في المنيا    نائبا رئيس الوزراء يشهدان اجتماع مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية.. تفاصيل    الصحة: إحالة الطاقم الإداري بمستشفى كفر الشيخ للتحقيق وتوجيهات عاجلة لتصحيح المخالفات    «عبد الغفار» يشارك في ختام «مهرجان 100 مليون صحة الرياضي»    وزير الصحة يشارك في ختام "مهرجان 100 مليون صحة الرياضي" لتعزيز الوقاية والنشاط البدني    «الداخلية»: مصرع 3 عناصر إجرامية وضبط مخدرات ب128 مليون جنيه    كجوك والخطيب: القطاع الخاص المصرى مرن وإيجابي وقادر على التطور والنمو والمنافسة محليًا ودوليًا    عالم بالأزهر: سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بأهل مصر خيرا    محافظ البحيرة تضع إكليلًا من الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول بمناسبة انتصارات أكتوبر    شوبير: هناك من يعملون في اتحاد الكرة خلف الكواليس لإعاقة المنتخب الوطني    رئيس الوزراء الفرنسي بعد استقالته: لا يمكن أن أكون رئيسًا للوزراء عندما لا تستوفي الشروط    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو يُظهر اعتداء على مواطن وأسرته بدمياط    نائب وزير الصحة يختتم جولته بالدقهلية بتفقد مستشفيات المنصورة والمعهد الفني الصحي    دار الإفتاء: الاحتفال بنصر أكتوبر وفاء وعرفان لمن بذلوا أرواحهم فداء الوطن    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    جمهور آمال ماهر يتفاعل مع سكة السلامة واتقى ربنا فيا بقصر عابدين    العالم هذا الصباح.. السعودية: جميع حاملى التأشيرات بمختلف أنواعها يمكنهم أداء مناسك العمرة.. تصرفات ترامب الغريبة تفتح الباب حول حالته الذهنية.. وناشطة سويدية تثير الجدل بعد احتجازها فى إسرائيل    الرئيس السيسي يوجه التحية لترامب لمبادرته لوقف إطلاق النار في غزة    ما حكم وضع المال فى البريد؟.. دار الإفتاء تجيب    «العناني» يقترب من منصب المدير العام الجديد لليونسكو    سكته قلبية.. وفاة شخص قبل نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه بمحكمة الإسكندرية    منتخب مصر يودّع كأس العالم للشباب رسميًا    "كيفية مشاهدة مباراة السعودية والنرويج في كأس العالم للشباب 2025 بث مباشر"    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر 2020
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 06 - 2014

قبل ان يحتفل العالم بالألفية الثالثة بأكثر من نصف قرن صدرت مؤلفات عديدة وبمختلف اللغات عن تصور أصحابها لهذه الألفية، وراوحت بين اليوتوبيا أو المدينة الفاضلة وبين الديستوبيا او المدينة الراذلة، وأذكر ان الراحل توفيق الحكيم كان قد استبق عام ألفين بمقالة اودع فيها شيئا من خياله العلمى والأدبى معا، وكان مُتفائلا بخلاف آخرين كانوا متشائمين مما سيؤول اليه العالم فى حقبة ما بعد الحداثة والتى بدت للبعض كما لو انها مرحلة ما بعد الانسان.
وجاء نعى فوكوياما للتاريخ وتبشيره بنظام عالمى جديد بمثابة وداع لعدة ألفيات لعبت فيها الحضارات القديمة منذ ما قبل التاريخ دورا هائلا فى تقدم البشرية وترسيخ منظومة قيمها، وفى مقدمة تلك الحضارات الحضارة الفرعونية. ولكى لا نستطرد فى هذا السياق، نعود الى ما يشبه الانقلاب الكوبرنيكى الذى احدثه علم المستقبليات، وما سماه توفلر صدمة المستقبل
فالقادم من الأيام لا نتوقعه بقراءة الطوالع، او وشوشة الودع ولا بما علق من حثالة القهوة على جدران الفناجين البيضاء، فالمستقبل وفق ادقّ تعبير علمى عنه هو حاصل جمع ممكنات الحاضر، واعترف بأننى ترددت كثيرا فى اختيار عنوان هذه المقالة وهو مصر عام 2020 لسببين على الأقل، اولهما ان هذا الرقم بالتحديد اقترن بفعاليات ومشاريع تتعلق بالعمران والرياضة ومنجزات التكنولوجيا فى ذروة احتدامها مع المفاهيم الكلاسيكية، واذكر ان عددا من الكُتّاب الاسرائيليين اصدروا كتابا قبل عام ألفين بعنوان اسرائيل عام 2020، كما قدّم علماء وساسة وخبراء امريكيون تصوراتهم عن امريكا عام 2020 ايضا، ومنهم مستشار الامن القومى الاسبق بريجنسكي، لكن التاريخ كما يصفه الفيلسوف هيجل ماكر وله كمائنه التى تفاجىء البشر فتأتى العواصف على غير ما تشتهى السفن !.
وللمثال فقط نذكر أحداث سبتمبر (أيلول) عام 2001 التى عبّرت عن ذلك المكر التاريخى وقلبت عدة موائد دفعة واحدة، مما دفع بريجنسكى نفسه الى اصدار كتابين فى نقد الادارة الامريكية، واضاعة آخر ثلاثة رؤساء فرصا تاريخية .
وحين نتحدث عن مصر القادمة وبالتحديد مصر عام 2020، نحتكم الى عدة قرائن منها المحلى والاقليمى والدولي، اضافة الى ما يبدو واضحا من جدية فى استعادة هيبة الدولة الاعرق فى التاريخ، والتى عانت فى العقود الاخيرة عدة شيخوخات مُتزامنة، هى على التوالى : شيخوخة سياسية مثقلة بالبيروقراطية التى اصابت مفاصل الدولة بالصدأ، والشيخوخة المتعلقة بالعمران والبنية التحتية، اضافة الى شيخوخة من نمط عجيب اطلق عليها اسم العشوائيات، مع العلم بان المفهوم المتعلق بالعشوائيات ليست عمرانيا فقط انه قابل للتمدد نحو المفاهيم والثقافة والافكار بحيث يصبح المجتمع كله عرضة لعشوائية تجهز على مجمل منجزاته المدنية والحضارية.
مصر 2020 يفصلنا عنها ستة اعوام بمقياس التقاويم التقليدية لكن الاصرار على مضاعفة الجهد قد يحرق عدة مراحل، فعلى صعيد البنية التحتية الهرمة قد تكفى هذه الاعوام الستة لاعادة تأهيل اهم عناصر هذه البنية، وما اعلن رسميا عن اضافة محافظات وتوسيع اخرى اضافة الى استصلاح مساحات كبرى من الصحراء سيكون بمثابة تجديد صلاحية العديد من العناصر والمكونات التى اصابتها البطالة . وفى حال الحدّ من انتشار الفساد وبائيا وتحوله الى مؤسسة او ثقافة سائدة لن يكون الفارق بين مستوى الدخل للمواطنين كارثيا ويهدد السلم الأهلى .
وما يقال الآن عن تعزيز حصة التعليم بابعاده الثلاثة، وهى المدرس والمنهج والبناء وعن حصة الصحّة من موازنة الدولة يحزم بأن تغيرا سريعا سوف يطرأ على البلاد والعباد، والأهم من هذا كله هو استعادة الروح وما يسمى فى علم النفس الأيميج او صورة المصرى امام نفسه . فهى الرافعة، والشرط البشرى الحاسم لما يسميه المصريون تحويل الفسيخ الى شربات .
وعلى مستوى الاقليم، كان غياب مصر وبمعنى أدق تغييبها قد حوّل العالم العربى الى مريض مسجى على طاولة الشرق الأوسط، وتحيط به السكاكين من عدة جهات، والقيامة القومية التى تشهدها مصر الآن ستحرّض كل خلايا المناعة لدى هذا الجسد، لأنه تماوت كما يفعل البعير ولم يمت .
وما يتعلق بالأمن القومى العربى الذى تصدّع وفقد حدّه الادنى بحيث كان تدويل ازماته بدلا من تعريبها منذ الحرب على العراق، فهو الآن على سطح الطاولة، خصوصا ما يتعلق منه بأمن دول الخليج، التى بدأت تشعر أن القوة العسكرية والنفوذ السياسى لمصر هما من احتياطياتها الاستراتيجية.
فى غياب مصر أو تغييبها عن مسرح الاقليم كان المجال فسيحا امام السينارست لاستبدال البطل بالكومبارس، لأن السيناريوهات كلها لم تكن مكتوبة بالعربية، لكن ما سوف يحدث خلال الاعوام المقبلة هو وضع حدّ لهذه الحفلة التنكرية. وحين يعلن الرئيس المصرى المنتخب صراحة ان تحرك مصر لإغاثة الاشقاء لن يستغرق اكثر من مسافة السكّة، فهذا بحدّ ذاته تدشين لمرحلة طالما راهن البعض على استحالة قدومها لأنهم تتلمذوا على اللورد كرومر ومن بعده على بريمر وتصوروا أن مصر قد سجنت فى غمدها التاريخى واستغرقتها شجونها المحلية ...
وقد لا ننتظر ست سنوات كى نرى عيّنات ميدانية من كفاءة مصر السياسية واعتدادها باستقلالها، بحيث تصبح العلاقات بينها وبين مختلف القوى فى هذا الكوكب نديّة، وقائمة على التناظر، بحيث لا تعود الدولة مجرد وظيفة، فقد جرّبت التبعية بمختلف طبعاتها المزيدة والمنقّحة فى العالم العربى كلّه، وانتهى الأمر الى ادراك حاسم بأن التابع لا يفقد ارادته وكرامته القومية فقط بل يفقد حتى رغيفه وكتابه .
ان الكتابة عن ست سنوات قادمة ليست مجرد تكهنات أو رغائب على طريقة ما يسمىWISHFUL THINKING ، بل هى كما قلت من قبل احتكام الى قرائن وحيثيات ومتغيرات منها ما سيكون دراماتيكيا بامتياز .
ومصر القادمة بشارة ايضا لعالم عربى قادم، بعد ان امتلأ بالاطلال والعشوائيات وفقد فيه الانسان انتماءه التاريخى لصالح انتماءات جغرافية مؤقتة يلخصها مثل شعبى أخرق أفرزته عصور الانحطاط هو «مطرح ما ترزق إلصَق». لكن متطلبات هذا القدوم من المستقبل وبايقاعات غير سلحفائية ليست المال وحده رغم ضرورته القصوى وليست الاحلام وحدها رغم اهميتها، بل هو التشبث بجمرة هذه اللحظة الفارقة، حتى لو احرقت الاصابع . وما أتيح لنا كعرب الآن كان للتو مستبعدا ان لم يكن مدرجا فى خانة المستحيل، لهذا فإن تفويت الفرصة هو بمثابة انتحار قومى .
لمزيد من مقالات خيرى منصور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.