الأطفال زينة الحياة الدنيا، وهدية الله على الوالدين، ومنحته لهما، وهم ثمرة الأسرة وأملها فى المستقبل قال تعالى: "المال والبنون زينة الحياة الدنيا"وقد أولى الإسلام الطفل عناية فائقة قبل أن يولد وهو ما زال جنينا فى بطن أمه، وحتى يبلغ سن الرشد. وأوجبت له الشريعة الإسلامية السمحة حقوقا تدل فى مجملها على اهتمام الإسلام بالطفل لما له من دور فى إعمار الأرض وبناء المجتمع الإسلامي. ورغم المحاولات العديدة من أجل حماية الطفل والدفاع عن حقوقه من خلال الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية والمحلية إلا أن ظاهرة التشرد تمددت فى كل المجتمعات البشرية الحديثة . لم تكن زجاجات المولوتوف التى ضجت بها شوارع المحروسة سوى تفجيرات لعبوات أخطرها على الاطلاق أطفال الشوارع ..وكأنما أرادوا على غير دراية أو رغبة منهم أن يكونوا قضية كل العصور وأحد أهم التحديات التى تواجه الرؤساء والحكومات المتعاقبة التى دائما كانت تعد بالحلول من واقع دراسات وأبحاث ظلت أسيرة النظريات وأدراج المسئولين ولم يجدوا نهاية لطريقهم سوى الانخراط فى عالم الإدمان أو الجريمة..ويبقى مصيرهم النهائى خلف القضبان بدلا من أن نتعامل مع قضيتهم بوعى يتحولون معه إلى قوة فاعلة وطاقة منتجة..السطور التالية تحمل شكواهم من خلال حوارنا معهم الذى وضعناه تحت مجهر الطب النفسى وعلم الإجتماع ليتناوله بالتحليل , دعوة إلى أهمية إحتوائهم يطلقها أيضا رجال الدين فالقانون وحده رغم أنهم مهمشون لن يكفل لهم الحياة الآدمية فتظل أمنياتهم معلقة على أعتاب العهد الجديد . حياتهم حواديت مؤلمة تحقيق:أمل عوض الله
م-ع بسنواته التى لم تصل الى الثانية عشرة من العمر وقد تلطخت ثيابه بالزيت ورائحة البنزين المحترق قال «تركت أسرتى منذ شهر تقريبا واعانى من مرض السكر وقد اعتدت الهروب منذ عام, تركت المدرسة العام الماضى علشان كنت "باسقط كتير فبقيت أكبر من زملائى بالفصل والمدرسين اعتادوا اهانتى وسبى.وايضا ابى كان بيضربنى علشان باسقط فهربت وتركت البيت واشتركت فى المظاهرات واتقبض على وبعدين تركونى ورجعوا قبضوا على تانى وانا عايش فى الشارع", اما الطفل «م. ك» من محافظة الفيوم فيقول "عندى 13 عاما تركت أسرتى منذ أكثر من عام وكمان تركت المدرسة وانا فى ثالثة ابتدائى بسبب كثرة الضرب والإهانة من قبل المدرسين مما أدى لكراهيتى للمدرسة، وانا فى الشارع كنت بأبيع المناديل فى إشارات المرور وواحد صاحبى علمنى شرب البانجو والحشيش اتقبض على كذا مرة علشان سرقة موبايلات وكانوا بيضربونى و بنام بالليل على رصيف المترو".. والطفل «خ.ط» من محافظة سمالوط يبلغ من العمر 12 عاما وقع ضحية أب مزواج تزوج للمرة الثانية دون الاهتمام بمستقبل اطفاله ال 8 من زوجتين، نتيجة الإهمال فشل فى استكمال تعليمه وترك المدرسة فى الصف الخامس الابتدائى. قسوة الاب وكثرة استخدامه للعنف معه جعلته يترك المنزل ويهرب الى مصر ليقيم بميدان التحريروهو لا يدخن او يتعاطى اى نوع من المخدرات، و يريد ان يعود الى اسرته مره اخرى لانه خائف على امه، فهل من مجيب؟ هذه بعض حكايات لأطفال لم يقترفوا ذنبا وليسوا أبناء للشيطان ولكنهم ابناؤنا ومن داخل بيوت تشبه بيوت كثير منا ولكنهم للأسف يفتقدون للأسرة التى تربى و تهتم بالأبناء ولمنظومة تعليمية تضع المصلحة الفضلى للطفل نصب أعينها ولمجتمع يتعامل مع أبنائه على أنهم بناة الغد، فنحن فى مصر نضع الأطفال فى ذيل قائمة الاهتمامات . فالاهتمام بالأطفال الذين يعيشون اغلب الوقت او كله فى الشارع بدأت عام 1927 ولكن لم يوجه لها الاهتمام الكافى وظلت المشكلة تكبر وتتفاقم , وتنتشر هذه فى كل انحاء العالم الاانها اوسع انتشارا فى الدول الناميه خصوصا فى تلك الدول التى تعانى من انخفاض معدل دخل الفرد مثل مصر والعراق والهند وامريكا اللاتينيه , اما على المستوى المحلى فيوجد ما يقرب من مليون و600 الف طفل شارع غير انه لا توجد احصائية دقيقه بشأن العدد الحقيقى لانهم دائمو الحركة وليس لهم مقر دائم او اوراق رسمية تثبت هويتهم هذا مااكدته الدكتورة عزة العشماوى الامين العام للمجلس القومى للطفولة والامومة ,حيث أشارت إلى أن قضية أطفال الشوارع باتت قضية امن قومى تهدد امن واستقرار الوطن، وذلك فى اعقاب استغلال الجماعة الارهابية لحالة الضعف والحاجة التى يتعرض لها هؤلاء الاطفال ووسط فشل جميع المؤسسات الحكومية والاهلية فى تحقيق اى نتائج ملحوظة, نتيجة لصعوبة التعامل مع هؤلاء الاطفال وايضا عدم وجود آلية للتنسيق بين الجهات المعنية, تردى وضعف العملية التعليمية التى أصبحت طاردة للأطفال إضافة إلى غياب دور الأسرة فى تنشئة الأبناء. و تجدر الإشارة إلى أن كافة الحلول التقليدية لاعادة تأهيل وجذب هؤلاء الأطفال من خلال مؤسسات الرعاية الاجتماعية التابعة لوزارة التضامن تعد تحديا كبيرا ، حيث تتفاقم المشاكل داخل هذه الدور وتزيد معدلات الاستغلال والجريمة بكافة صورها ومنها انتشار العنف الجنسى والمخدرات ، وفى بعض الاحيان استغلال الاطفال وخروجهم لاعمال خارجة عن القانون والزج بهم فى التظاهرات لتخريب الوطن هذا الى جانب عدم استعداد دور الرعاية نفسها من حيث البنية التحتية والانشطة المفترض ان تسهم فى اعادة بناء طفل الشارع وتحويل الطاقة السلبية بداخله الى طاقة ايجابية بتحفيزه وتنمية مهاراته، وبث روح الانتماء الى الوطن بداخله، ناهيك عن عدم وجود كوادر بشرية مدربه على التعامل مع هؤلاء الاطفال الضحايا، حيث يتعامل معهم الاخصائيون على أنهم أطفال جانحون وليسوا ضحايا. واكدت العشماوى التعليم الفنى احد الخيارات الهامة، وايضا يتعين الاهتمام باكتشاف الموهبة ورعايتها داخلهم ، كما ان التدريب المهنى وربط الاطفال بسوق العمل فى المستقبل سيكون له بالغ الاثر بما لا يخالف قانون الطفل، فمن الممكن ان يتم التنسيق مع مصانع ورجال اعمال لتوفير فرص عمل مستقبلية لهؤلاء الاطفال ليكونوا منتجين فى المستقبل، كذلك اوصت بضرورة انشاء لجنة قومية برئاسة رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء تضم كل الجهات المعنية بحل قضية اطفال الشوارع وذلك لتعظيم الاستفادة من الموارد والمنح المخصصة لهم . القانون أغفلهم والمجتمع أهملهم ! تحقيق:تهانى صلاح
أصبحت تمثل واحدة من أكثر المشاكل تعقيدا، لما لها من تحديات خطيرة على حاضر ومستقبل الأمم وأصبحت ظاهرة لا يخلو منها مجتمع، وللدول النامية نصيب الأسد من هذه الظاهرة ومنها مصر.حيث يشكل الأطفال فى مصر حوالى 38% من السكان و نسبة الأطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر قد ارتفعت من 21 ٪ عام 2000 إلى 23.8٪ عام 2008، الأمر الذى أدى إلى تنامى العديد من الظواهر الإجتماعية والثقافية السلبية التى تنتهك فيها حقوق أطفالنا فى الحماية والرعاية. مسئولية مشتركة يقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر:أولت الشريعة الإسلامية الأطفال والصبيان عناية فائقة ،فأوجبت لهم حقوقا على الأسرة وعلى المجتمع وعلى الحاكم. الحقوق على الأسرة حق الإرضاع يقول سبحانه وتعالى فى سورة البقرة" وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ"،واوجبت لهم حق النفقة على المولود له سواء كان الأب أو الجد أو الأخ إلى آخر عمود النسب قال تعالى" لينفق ذو سعة من سعته"،كما أوجبت على الأسرة كذلك الرعاية والتعليم والحضانة والملبس والمسكن وكلها أمور واجبة شرعا. أما ما يجب على المجتمع فهو عدم تعريض هؤلاء للإضرار أو الإيذاء ،وتوفير كل أنواع الحماية اللائقة بهم كآدميين مكرمين قال عز وجل "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا". ومن الشواهد المضيئة فى الشريعة الإسلامية أن هؤلاء الأطفال أولى بصدقة الإنفاق فيما يعرف بالكفارات من غيرهم ، روى أن رجلا أفسد صوم رمضان فأمره النبى بالكفارات وهى معروفة من العتق والصيام والإطعام ،وفى نهاية المطاف عندما عجز الرجل عن ذلك أهداه الرسول كمية من التمر فقال الرجل: إن أهل بيتى – الزوجة والأولاد – أحق الناس بهذا ،فضحك النبى وقال : أطعم به أهلك وعيالك. ومما يدل على الرعاية المشتركة فى المجتمع بهؤلاء قول النبى : ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ،وقوله عليه الصلاة والسلام" كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول". وأوجبت الشريعة أيضا على ولى الأمر القيام بالرعاية الكاملة والعناية الفائقة فى حفظ أموالهم وأجسادهم وأعراضهم ،ومن أدلة ذلك أن الإنسان إذا فقد أباه حفظا لأمواله يعين له القاضى قيما على امواله حتى لا يساء إستخدامها . وظاهرة اطفال الشوارع المجتمع كله مسؤل عنها، فالمسئولية مشتركة وقال النبى صلى الله عليه وسلم" كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"فيجب على ولى الأمر إتخاذ التدابير اللازمة لمنع تشرد هؤلاء الأطفال فى الطرقات ويوفر لهم المأوى والغذاء والكساء والدواء،ويجب على مؤسسات المجتمع المدنية والأهلية وضع الخطط لإكرام هؤلاء الأطفال والقيام على شئونهم ولو من الصدقات المفروضة، فهم يجمعون بين الأسباب فى مصارف الزكاة"الفقراء والمساكين وابن السبيل "والمسئولية كما أسلفنا مشتركة وهى من أعلى الواجبات ومن أولى المسئوليات التى يسأل عنها الفرد والمجتمع . تفعيل القوانين ويؤكد الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة ان الدستورالمصرى كفل حقوق الطفولة والأمومة سيرا على نهج الدساتير السابقة ، ويرى أن أطفال الشوارع هى حالات لا يمكن وضع نصوص خاصة بها رغم أنهم قنبلة موقوته لأن الحل لا يكمن فى إصدار القوانين ، ولكن على الدولة ان تضمن بمقتضى القانون رعاية هؤلاء الأطفال عن طريق السلطات التنفيذية التى تحدد كيفية الرعاية من تعليم وتربية ،فالقضية ليست فى إصدار القوانين ولكن فى تفعيلها. قضية مجتمعية وتوضح فاطمة المعدول رئيس لجنة ثقافة الطفل بالمجلس الأعلى للثقافة، أن قضية أطفال الشوارع قضية مجتمعية أكبر من أى لجان ، ووزارة الثقافة بكل لجانها ثقافية واجتماعية لجان استشارية ولا تقدم حلولا مجتمعية ،ولابد من وضع خطة خمسية للقضاء على هذه الظاهرة ، فمنذ قيام ثورة 25 يناير لم يلتفت أحد لهذه القضية الخطيرة ،ولم يتذكر أحد قانون الأحوال الشخصية الذى يظلم الجميع ولابد من تعديل هذا القانون لحماية الأطفال ، ولهذه المشكلة أسباب متعددة منها الفقر وعدم وجود المسكن المناسب والحد الأدنى من العيشة الكريمة ،وفى ظل غياب الدولة لتوفير هذه الاحتياجات يزداد أطفال الشوارع ، بالإضافة إلى تراجع دور المركز القومى للطفولة والأمومة بعدما أصبح تابعا لوزارة الصحة بعد انفصاله عن مجلس الوزراء،ولابد من تضافر كافة الجهود لحل هذه الظاهرة والقضاء على أسبابها وتوفير الحياة الكريمة لهؤلاء الأطفال وأسرهم . التسرب من التعليم والفقر يشكلان85٪ من الدوافع السلوكية تحقيق:نهاد صالح
وتحت مجهر الطب النفسى والاجتماعى وضعنا حالات الأطفال الذين التقيناهم لنتناولها بالتحليل ونرى انعكاسها على المجتمع، حيث يمثلون عينة من الظاهرة...حيث يقول دكتور أحمد فخرى استشارى علم النفس وتعديل السلوك بجامعة عين شمس .. بالنسبة للشخصية الاولى وهو الطفل المصاب بمرض السكر.الذى عادة ما يؤثر على الحالة المزاجية والانفعالية للمريض وخاصة عند صغار السن مما يجعلهم يشعرون بالمفاهيم الخاطئة تجاه مرضهم ويعتبرونه "عقابا" من خلال شكل الحقنة التى يأخذونها يوميا ، وغالبا ما يصابون بالعدوانية بسبب طبيعة هذا المرض بالإضافة إلى أنه يتكون عند هذا الطفل نوع من التمرد على الأوضاع الاجتماعية وعلى كل سلطة واى قواعد او قوانين ، أما حالة طفل محافظة القليوبية فإنه يتمرد من اجل التمرد فقط وهو لا يعرف معنى الانتماء لانه لاينتمى الى مدرسة او أسرة او وطن فهو لديه نازع قوى لخرق القوانين والنظم والقواعد الاجتماعية ولديه أسلوب عدوانى تجاه المجتمع يجعله شخصا "انسحابيا" يشعر بالوحدة وهوما يزيد من عدوانيته تجاه المحيطين به من رفقاء "الشلة" ويطبق مبدأ البقاء للأقوى ويجعله يلجأ الى العنف. اما الحالتان الأخريان فيرى د. فخرى أن التسرب من التعليم والفقر يكونان اكثر من 85٪ من النوازع السلوكية والتصرفات لدى هؤلاء الاطفال ، والأسرة هنا تتمتع بالإهمال الشديد وبالتالى يلفظونها وتصبح أسرا طاردة لهم، فيتركونها ويفرغون الكبت الذى يعانون منه ويلجأون الى السلوكيات الادمانية فالبعض يدمن الطعام والآخر يدمن الأفلام الإباحية والجنسية والبعض الاخر يدمن المقامرة واللعب بالفلوس والبعض يدمن العلاقات الاعتمادية على شخص واحد وبشكل ادمانى والبعض يدمن المخدرات .. نتيجة لأن البيئة المحيطة تلفظهم خارج الرحم الاجتماعى للأسرة وبالتالى تأخذ سلوكياتهم الشكل الانحرافى. وعن أسلوب معالجة ظاهرة أطفال الشوارع يرى دكتور فخرى ان هناك ثلاث مراحل هى الوقاية والتدخل المبكر والعلاج ويرى ان الوقاية ارخصهم وأهمهم ، لذلك يحتاج هؤلاء الاطفال الى أساليب للتوعية وورش عمل فى المؤسسات الايوائية تتعامل مع الجانب النفسى لهم، وأنشطة جماعية لاستقطابهم من الشارع تتمثل فى إقامة المهرجانات الفنية لجذب انتباههم وإقامة المحاضرات السلوكية لتعديل سلوكهم بأسلوب يتناسب مع المرحلة العمرية التى يمرون بها ..كذلك الاهتمام بدور المؤسسات التى تدعم هؤلاء الاطفال من خلال الألعاب الرياضية وتهذيب الأخلاق وتنمية المهارات والهوايات الفنية والموسيقية لتنمية الشق الإبداعى لديهم ، بالإضافة إلى إنشاء مصحات لعلاج الاطفال نفسيا واجتماعيا على يد متخصصين فى هذا المجال. اكتشاف المواهب ضرورة يقول دكتور ابراهيم عيد أستاذ الصحة النفسية والتربية بجامعة عين شمس ورئيس اللجنة الثقافية لنقابة المؤلفين والمبدعين المستقلة ان هؤلاء الاطفال يعانون من أمرين أساسين : الاول .. ان لديهم حساسية مفرطة تجعلهم يأخذون مواقف مضادة لاسرهم بداية من الطفل الاول والثانى والثالث مما يجعلهم يهربون ويتركون المنزل ويخرجون إلى الشارع الأكثر سكينة وأمانا فلم يعد المنزل مصدرا للامان بالنسبة له. الامر الثاني.. لم يسأل هؤلاء الأطفال من لدية القدرة على جذبهم والتقاطهم وإخضاعهم لإرادتهم وتعليمهم كيف يدمنون، وبالفعل هناك قوة تلتقط هؤلاء الاطفال وتعودهم على كثير من انواع الانحرافات ويجعلوهم خاضعين ومسلوبى الإرادة وأدوات طائعة لكل ما يؤمرون به. المفروض ان تتشكل من داخل المجتمع مجموعة او قوة لحماية هؤلاء الاطفال والذين يمثلون قنبلة قابلة للتفجير فى اى لحظة، وقد يمثلون اداة من أدوات فقدان الأمن المجتمعى فلابد من مؤسسات الدولة ان تأتى بهؤلاء الاطفال وتدرس الأسباب الرئيسية التى جعلتهم يتمردون على أسرهم ثم يهربون من منازلهم ومؤسساتهم الايوائية ويلجاون الى الشارع . يجب ان يكون هناك أيضا فريق لاكتشاف المواهب الكامنة لديهم لعل من هؤلاء الاطفال من لديه قدرة وإبداع وهناك مثالان الاول " جان جنيه" وهو ابن لقيط وليس لأب شرعى وقد عجزت أمه ان تجد رجلا يمنحه اسمه فمنحته اسمها حتى كبر وتعلم السرقة وكثرت سرقاته ، فكانت تلتقطه الشرطة وتضعه فى السجون وهناك تمت اعادة تأهيله واكتشاف موهبته فى الكتابة حتى اصبح من أشهر الكتاب المسرحيين الفرنسيين ..والثانى " جان جاك روسو" صاحب كتاب "العقد الاجتماعي" والذى سمى بإنجيل الثورة الفرنسية .. فكان طفلا لقيطا وعاش حياته فى الإصلاحيات الايوائية وكان محبا وعلى درجة كبيرة من الولع بالقراءة ، وكان يعرضون صفحات من الكتب المنشورة فى الفاترين بدلا من الأحذية ، فكان يقف ويقرأ هذه الصفحات وعندما شاهده صاحب المكتبة اصبح يقلب له الصفحات كل يوم ، وطلب منه بعد ذلك العمل معه بالمكتبة فوافق ووجد نفسه فى مكتبة عامرة بالكتب فانكب على قراءتها وأصبح بعد ذلك جان جاك روسو العالم الكبير سبب الثورة الفرنسية. هنا نستطيع ان نقول ان المجتمع منح هؤلاء الاطفال الفرصة لكى يبدعوا وهذا ما علينا ان نفعله داخل مجتمعنا ، وعلى الدولة ان يتراحموا من اجل هؤلاء الاطفال، بالاضافة الى ضرورة أعداد المعلم ولاسيما معلم المرحلة الابتدائية ليكون قادرا على تحويل التعليم من اداة للضغط والهروب الى وسيلة للاستمتاع ببهجة الحياة، وعلى الآباء ان يكونوا اكثر رحمة وان يتركوا لأبنائهم فرصة للتعبير عن ذواتهم وألا يعاملوهم بقسوة للدرجة التى تجعلهم يفضلون الشارع على الحياة بين والديهم ، وعلى جهاز الشرطة اذا ما اكتشف هروب طفل من أسرته ، أن يأتوا بأولياء أمورهم ويضعونهم تحت المساءلة القانونية .