ليست عالمة مصريات بالمعنى التقليدي.. فقد أثارت الدكتورة سابينا مالجورا ضجة فى وسائل الإعلام الايطالية ودويا فى عالم الأثريات بإعادة اكتشاف الحضارة المصرية القديمة. ما بين معرض و آخر تقيمه مالجورا حول المصرى القديم فى بلادها ايطاليا ينتقل الزائر الأوروبى فى رحلة عبر الزمن ليعيش سحر أرض النيل. ووسط الإقبال الكبير و التهافت الاعلامى و التشجيع الرسمى الإيطالي، أقيم مركز برئاستها فى مدينة ميلانو الإيطالية لدراسة المومياوات المصرية. فماذا تقول مالجورا وما الذى جذبها إلى الحضارة المصرية القديمة؟ - بدأت رحلتى مع مصر فى السادسة من عمرى, حين ذهبت فى زيارة الى المتحف المصرى فى مدينة تورينو الايطالية..وهناك بدأت قصة الحب بينى وبين الحضارة المصرية القديمة. وأكثر ما شد انتباهى المومياوات. ومازلت أتذكر مشهد التابوت وبداخله مومياء نزع عنها غطاؤها. وإلى الآن يظل ذلك أبرز ما يجذبنى رغم اعجابى بسائر ما يتصل بمصر القديمة. - تستضيف مدينة ألبا الايطالية معرضا جديدا حول الشراب فى مصر القديمة وقد حظى باهتمام اعلامى واسع فى إيطاليا,فما سر الاهتمام؟ زراعة الكروم فى مصر القديمة و طريقة صنع شرابها تكاد تكون هى نفسها ما يحدث الآن.. وشراب العنب يمثل مناسبة متميزة للحديث عن مصر القديمة من وجهة نظر غير معتادة ومبتكرة للغاية. فهناك الكثير من الأشياء التى لاتزال غير معروفة للعامة. على سبيل المثال، كرمة العنب وشرابه يمثلان للمصريين القدماء رمزا للبعث بعد الموت ويتصلان بأوزيريس الذى ولد من جديد بعد موته, وهو ما يتجانس مع تجدد الطبيعة كل عام بفضل فيضان النيل. اللون الأحمر لشراب العنب يرمز الى دم أوزيريس إله الموتى وأيضا إله الحصاد ومياه الفيضان (طبقا للأسطورة المصرية القديمة). ويذكر العنب الذى يقطف من كرمته ثم يعصر بموت وتمزيق أوزيريس. أما تحول شراب العنب فيرمز الى قيامة أوزيريس من جديد أو أى من الموتى المؤمنين. شيء آخر مثير للاهتمام شمله المعرض يتناول العلاقة بين الديانة المصرية القديمة والمسيحية، وهو ما يمكن رصده من خلال الشراب. فدائما ما تتم الاشارة فى الانجيل الى الكروم والعنب والخمر، مما يظهر منحنى ثقافيا يسير بالتوازى مع المعتقدات المصرية القديمة. ومع انتشار المسيحية أصبح فيضان النيل الذى اتصل يوما بأوزيريس، رمزا لخير المسيح. والطمى يسبغ لونا يميل للاحمرار على مياه النيل مستدعيا القيمة الرمزية لعودة الحياة بفضل دماء أوزيريس وفيما بعد دماء المسيح. و لم يقض انتشار المسيحية بشكل كامل على الصور والعبادات القديمة ، وانما حدث تأثير متبادل بينهما، فصور العذراء مع المسيح طفلا وجد ما يناظرها من أيقونات لإيزيس. وقد عهد البابا ألكسندر السادس ما بين عامى 1492 و1494 للرسام الايطالى بينتوريكيو برسم نقوش فى مقر اقامته (بالتصوير الجصى أو «الفريسكا») لأوزيريس و مزارع الكروم. - أعددت معرضا سابقا فى إيطاليا حول «عظماء الأطباء فى مصر القديمة» كانت له أصداء واسعة.. هلا ألقيت الضوء على هذا الجانب ؟ الطب فى مصر القديمة يعد احد الموضوعات المفضلة لدي. وقد أعددت معرضا يعد الاول من نوعه يتناول هذا الجانب نال جوائز من رئيس الوزراء ووزارة الصحة و اقليم بيمونته وكذلك جائزة من مستشفى سان رافاييل وخلاله عرضت 150 قطعة أثرية تم نقلها من عدة متاحف هامة ايطالية و دولية . «ور سونو» فى اللغة المصرية القديمة تعنى «كبير الأطباء». وعكس الاعتقاد الشائع، كان الطب فى مصر القديمة متطورا ومزدهرا، حيث أنشئت المدارس له، و شهد الطب حينذاك تدرجا مهنيا و تخصصات. وجاء معرض «ور سونو» متبعا منهجا تاريخيا ثقافيا دقيقا، حيث بإمكان الزائرين الاطلاع على العديد من اكتشافات المصريين القدماء لأمراض اتسمت بأعراض محددة مثل الصدمات والأورام وتسوس الأسنان. ويكشف المعرض عن نصوص طبية كتبت على أوراق البردى تحتوى على دراسة لمختلف الأمراض وطرق علاجها. ولم يغفل المعرض الجانب المتصل بالسحر و المعتقدات الدينية. انتباه خاص نالته آلهة الحماية مثل سخمت، والطبيب المؤله أمحتب. ومن بين موضوعات عدة شملها المعرض هناك الطبيب الصغير فى مصر القديمة الذى تخصص فى علاقات الزواج. ولا ينسى مسار المعرض فى نهايته ما يعتبر هزيمة الطب وهو الموت. وهنا يفسح الأطباء المجال لوزراء «أنوبيس» ( إله الموت ) المتخصصون فى التحنيط لوقف تدهور الجسد ما يضمن للميت حياته فى العالم الآخر. - هل من الممكن تنظيم مثل هذه المعارض فى مصر؟ ولم لا؟ انه حلم بالنسبة لى أن أقوم به فى مصر. - هل مازلت تزورين مصر, و بخاصة الأعوام الثلاثة الأخيرة؟ نعم مازلت أزور مصر، و رأيى أن الناس فى مصر يتسمون باللطف و الطيبة كالمعتاد، وهم يعانون بسبب ما حدث للبلاد. السياحة مهمة لمصر ، تعد مصدرا للحياة مثلما كان النيل فى الماضي. وما نراه على شاشة التليفزيون يعد وجها واحدا للعملة.بالطبع أنا حزينة للغاية بسبب ما تعرضت له الآثار و المتاحف , و لكن علينا دعم مصر. - منذ فترة أعلنت اسرائيل اكتشاف تابوت فرعونى بداخله مومياء وخاتم ذهبى كتب عليه اسم الفرعون سيتى الأول.. هل هناك ما يدل فى التاريخ على دفن أى من الفراعنة فى الأراضى العربية المحتلة؟ علم الأثار قادر على مفاجأة الباحثين . من الغريب أن نفكر فى وجود مدفن فرعونى خارج مصر ولكن الأمر يكون موثقا أكثر إذا تم العثور على المقبرة التى أحتوت على الأثر.