هل هناك تعارض بين تحقيق الديمقراطية الكاملة والعلمانية والدين؟ من المؤكد أن الإجابة لا خاصة أن جميع الأديان السماوية جاءت بدستور حياة أفضل للبشرية وكان للأسف مع انطلاق ربيع الثورات العربية في تونس وانطلاق شرارتها إلي مصر وليبيا واليمن وسوريا... الخ وسيطرت التيارات الإسلامية علي مقاليد الحكم بعد إزالة الحكام الديكتاتوريين الذين حاربو التيارات الإسلامية بمختلف توجهاتها بقوة علي مدي سنوات طويلة من حكم الطغاة السابقين. ومع النجاح النسبي الذي حققته ثورة الياسمين بتونس مع احتفالها بالعام الأول لانطلاقها إلاأنها تواجه حاليا صراعا بين العلمانية والدين علي الرغم من المرونة الكبيرة التي أظهرها حزب النهضة الإسلامي ونجاحه في مشاركة جميع أطياف المعارضة بالحكم إلاأن ماأظهرته أخيرا محاكمة مدير محطة تليفزيون نسمه لإذاعته فيلما فرنسيا يتناول حياة فتاة خلال الثورة الإيرانية والذي وجهت له تهمة الكفر بعد مهاجمة مجموعة من السلفيين منزله وضربه وسحله ثم تقديمه للمحاكمة بتهمة إزدراء الأديان وهو ماأدي إلي إنطلاق مظاهرات غاضبة تطالب المجتمع بالوقوف صفا واحدا ضد التعصب. هذه المحاكمة فجرت الصراع الدائر حاليا في المجتمع التونسي بين الهوية العربية الإسلامية والعلمانية التي كرسها النظام السابق خاصة بعد إعلان الإسلاميين المتشددين ومن إمارتهم في عدد من المدن النائية بعد إعلانهم الإمارة وخروج المظاهرات في الجامعة التونسية تعلن رفضها إلزام الطالبات بإرتداء النقاب لتأدية الامتحانات. هذه الممارسات لتأكيد الهوية العربية الإسلامية ليس وقتها خاصة أن غالبية مجتمعاتنا عاشت من خلال وسطية الإسلام السمحة والأهم هو التوجه المجتمعي لتحقيق الأمن المفقود وإصلاح الاقتصاد المنهار ومشاركة جميع أطياف المجتمع في صياغة دستور جديد يحقق المبادئ السلمية الثلاثة التي انطلقت منها جميع الثورات العربية وهي الحرية والعدالة والتنمية.. مايحدث في العديد من المدن التونسية من مخاوف مماستأتي به ثورتهم من الإسلام السياسي المتشدد هو صورة طبق الأصل من المخاوف التي يحملها المواطن في العديد من دول الربيع العربي خاصة أمام حريات التعبير والإبداع والفكر والتي لايمكن أن تكون مناهضة للإسلام بأي صورة ولكن للأسف بعض الفصائل الإسلامية في تونس جعلت قضية الهوية الإسلامية حصان طروادة يستخدمونها ذريعة لحماية هويتهم وتدمير كل ماحققه المجتمع التونسي المدني من إنجازات. المزيد من أعمدة أمين محمد أمين