محطة مصر «باب الحديد» تاريخ وبشر وحديد ودم وجه الناس الغلابة والمرتاحين، احتلت مكانة كبيرة في الوجدان الشعبي العام ليس فقط لأنها الشريان الذي يربط المصريين بجذورهم في الجنوب والشمال ولكن أيضا لكون هذا المكان العريق أحد الشهود على تاريخ مصر ومستقبلها، تغني لها موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب أغنية «يا وابور قلي رايح علي فين ياوبور قولي وجي منين» وأبدع المخرج يوسف شاهين رائعة باب الحديد ولكن كالعادة فمثل كل شيء تغير في مصر فقد نالت يد التغير هذا القطاع الحيوي والمهم، وبعدما كان المصريون يضبطون ساعاتهم على عقاربها لدقتها الشديدة في الإياب والذهاب، أصبحت مثالا لعدم الدقة وتأخر المواعيد، بالإضافة إلى تراجعها في الكثير من النواحي الشكلية والفنية وأصبح خط السكة الحديد مفروشا بدماء الناس الغلابة المطحونين.. تعتبر سكة حديد مصر من أقدم السكك الحديدية الموجودة في العالم حيث تعد سكك حديد مصر هي أول خطوط سكك حديد يتم إنشاؤها في إفريقيا و الشرق الأوسط و الثانية على مستوى العالم بعد المملكة المتحدة حيث بدأ إنشاؤها في خمسينيات القرن التاسع عشر، حيث تمتد عبر محافظات مصر من شمالها إلى جنوبها و بدأ تشغيلها في عهد الخديو إسماعيل باشا ،يبلغ طول الشبكة الحديدية حوالي 9000 كم منها حوالي 4872 كم تشكل مجموع أطوال الخطوط الطولي ويبلغ عدد المحطات والمواقف «الهلتات» ونقط البلوك على الشبكة أكثر من 705 محطات منها عشرون محطة رئيسية في عواصمالمحافظات في الدلتا والقناة والوجه القبلي وبذلك تربط شبكة السكك الحديدية الوادي من اقصاه إلى ادناة على طول أكثر من 1000 كيلو متر وتصل الخطوط الحديدية بين معظم المراكز العمرانية والاقتصادية في البلاد مثل المواني على البحرين الأحمر والأبيض المتوسط ومراكز الشحن الخام والمصانع فضلا عن جميع المدن والمراكز الأخرى، في شبكة هائلة ومتسعة من الطرق الحديدية الحديثة المجهزة لتشغيل جميع أنواع القطارات ذات السرعات العالية عليها ،و تقوم بتشغيل خطوط السكك الحديدية المصرية الهيئة القومية لسكك حديد مصر أو هيئة سكك حديد مصر التي تعرف اختصاراً باسم ( س.ح.م ) و هي شركة قطاع عام تمتلكها الحكومة المصرية بالكامل . مثل لي قطار السكة الحديد طوال حياتي الحصان الأبيض الذي أمتطيه وأنطلق به من قريتي التي تقع علي خط السكة الحديد إلي العاصمة وبرغم ما يمثله لي القطار فإننى أصبت بفوبيا الخوف من المرور علي المز لقان لذلك بعد عملي في الصحافة قررت أن أهزم هذا الخوف وأن أقتحم عالم السكة الحديد ففي عام 2002 قمت بعمل ملف بمجلة نصف الدنيا نشر في 35 صفحة عن سكة حديد مصر وكان بعنوان السكة الحضيض ناقشنا فيه كل مشاكل السكة الحديد بداية من محطة مصر مرورا بالعاملين بالهيئة والورش والصيانة والمزلقانات والناس المطحونة في عربات القطارات التي لا تصلح للاستخدام الآدمي وللأسف بعد نشر هذا الملف وقع حادث قطار الصعيد الذي راح ضحيته المئات من أبناء الصعيد ومنذ ذلك التاريخ لم تطأ قدمي محطة مصر ،ولكن استفزتني تصريحات المسئولين عن التطوير الذي يشهده قطاع السكة الحديد وقررت أن تكون محطتي الأولي من مكتب المهندس رشاد عبد العاطي نائب رئيس مجلس إدارة قطاع المسافات الطويلة والقصيرة. كان السؤال الأول: هل حدث تطوير حقيقي في السكة الحديد؟ بلهجة حازمة وباستنكار لسؤالي قال : طبعا حدث تطوير كبير في قطاع الخدمات في السكة الحديد بعد أن أصبح الحجز عن طريق الكمبيوتر والفيزا كارت مما أدي إلي تقليل الزحام علي شباك التذاكر، تتضمن عملية تطوير المحطة مرحلتين، ضمت الأولى التي أنجزت ترميم واجهات المحطة وصالة كبار الزوار وتطوير الأرصفة والساحة الخارجية للمحطة وفتح عدد من المحلات التجارية ومكاتب لبعض البنوك ومن المتوقع أن تعطي هذه الخدمات عائدا سنويا يبلغ 20 مليونا لتغطية تكاليف التطوير، وهذا بالإضافة إلى بهو رئيسي ومناطق خدمات سيادية وتطوير صالة التذاكر لتصبح صالة إلكترونية، ناهيك عن الساحات الخارجية وإنشاء غرف محطات كهرباء لزيادة القدرة الكهربائية وقد استغرق العمل في هذه المرحلة سنتين، أما المرحلة الثانية للتطوير فمن بين ما تتضمنه تزويد المحطة بماكينات لصرف تذاكر القطارات، من خلال بطاقات الدفع مقدما. وصلت تكلفة تطوير المحطة 160 مليون جنيه وتتضمن تطوير الساحة الخارجية للمحطة بجميع مكوناتها من أرصفة وأسوار وزراعات وترميم الواجهة الرئيسية التاريخية للمحطة وقد تم إضافة نصب تذكاري في البهو الرئيسي للمحطة علي هيئة هرم نصفه ألاعلي مفرغ لرؤية هرم داخلي وآخر بلوري يضم قائمة بأسماء شهداء ثورة 25 يناير كما تم تجديد قاعة كبار الزوار بالمحطة وصالة حجز التذاكر وشرطة السياحة ومكتب الناظر بالمحطة بالإضافة للأرصفة الرئيسية الأربعة ، كما شملت عمليات التطوير إعادة استغلال الدور الأول العلوي بإقامة كوبري معدني فوق المحطة أقيم علي جانبيه مول تجاري عالمي يضم أنشطة تجارية وخدمية وترفيهية واستراحات لكبار الزوار و كافيهات لخدمة رواد المحطة وسوف يتم وضع بوابات أمنية الكترونية حديثة وكذلك شبكة مراقبة بالكاميرات الالكترونية حيث يعد البهو الداخلي نقطة التقاء رئيسية وقد تم عزله بحائط زجاجي مقاوم للصوت هل القطارات عادت للعمل بكامل طاقتها ؟ بعد توقف القطارات في 14 أغسطس إلي 22 أكتوبر 2013 جدول التشغيل لم يعمل بالكامل وقد بدأنا العمل علي مراحل حتى أصبح وجه بحري يعمل بنسبة 90% ووجه قبلي بنسبة 80% ويرجع عدم تشغيل الخطوط بالكامل إلي عدم وجود إمكانية تأمين المسافات الطويلة خاصة في وجه قبلي لان هناك مسافات طويلة بين كل محطة ومحطة فمن الصعب وجود عناصر أمنية منتشرة علي طول هذه المسافات . ماذا عن مزلقانات الموت؟ يوجد لدينا حوالي 1030 مزلقان تقوم الهيئة العربية للتصنيع بتطويرها كما تم تحديد 27 كوبري علوي علي « المزلقانات « ذات الكثافة المرورية العالية تقوم الهيئة الهندسية بإنشائها كما سوف نقوم بتعلية أسوار والانتهاء من الأعمال المدنية المتمثلة في غرفة عامل « المزلقان « بالإضافة إلي مداخل ومخارج المزلقانات وبالنسبة لإعمال التشغيل فقد تم تطوير« المزلقانات » حيث أصبح العمل أوتوماتيك وقد تم تشغيل 80 مزلقان حتى الآن . يعاني العاملون في قطاع السكة الحديد من تدنيا في مستوي الخدمات سواء في الأجور أو في الاستراحات التي يقيموا فيها فقد زرت بعضها ووجدتها غير صالحة للاستخدام ؟ هذا الكلام غير صحيح فقد شملت منظومة التطوير العاملين في الهيئة حيث وفرت لهم الاستراحات المجهزة بالمراوح و«كولديرات» للمياه المثلجة كما يحصلون علي كل مستحقاتهم المالية . ماذا أضاف الدميري وزير النقل بعد عودته الثانية للوزارة؟ هو خبرة نادرة لأنه من أندر علماء النقل علي مستو ي العالم من الأفكار التي يعكف علي دراستها الآن هي إنشاء قطار فائق السرعة 350 كيلو مترا في الساعة بين القاهرة و الإسكندرية و أسوان وقد تمت الموافقة عليه من قبل القوات المسلحة ، وسوف يكون مساره الطريق الغربي ومن المخطط أن يكون خطا أفقيا وآخر تحت الأرض بسرعة 180 كيلو مترا في الساعة ويخدم هذا الخط جميع المحافظات وسوف تكون نقاط التوقف في الإسكندرية والجيزة ثم أسيوط وسوهاج والأقصر وأخيرا أسوان ، بالإضافة إلي خط الغردقة وقنا وسفاجا والبحر الأحمر وذلك لتنشيط السياحة . شهدت محطة مصر مؤخرا عملية تطوير لكن أعتقد أنه تطوير شكلي ويقتصر علي محطة مصر حيث أصبحت المحطة مثل رأس تم تطويره لجسد مترامي الاطراف ومتهالك؟ بغضب رد قائلا: هذا الكلام غير صحيح ومخالف للواقع فقد تم تطوير السكة الحديد بالكامل ولم يقتصر التطوير علي المحطة فقط بل شمل المزلقانات والارصفة وعربات القطارات بالإضافة إلي الاستراحات المخصصة للعاملين بالهيئة كل ذلك يعمل تحت منظومة واحدة والهدف منة تقديم خدمة متميزة للمواطنين. بعد حواري مع المهندس رشاد عبد العاطي نائب رئيس مجلس إدارة قطاع المسافات الطويلة والقصيرة اصطحبنا موظف من العلاقات بعد تعليمات من رئيسة العلاقات العامة بضرورة تصوير المول التجار الذي أقيم مؤخرا في محطة مصر أول محطة في الشرق الأوسط وإفريقيا والثانية علي مستوي العالم التي اشتهرت ب''محطة باب الحديد « والتي اكتسب الميدان اسمه وشهرته منها ''ميدان « باب الحديد وتغيرت صورتها مرات كثيرة بعد أن كانت «الحمير هي «ركوبة» المسافرين و وسيلة نقل أمتعتهم مرورا ب»التروماي» الممتد بأنحاء القاهرة وصولا إلى «مترو الأنفاق» بخطوطه الثلاثة الآن بجانب ''موقف المكروباصات'' و المواصلات العامة و الأجرة و الخاصة. كانت محطة مصر برغم ما كانت تعانيه من إهمال وتدهور كانت تحتفظ طابعها المعماري الذي مازالت تحتفظ به من الخارج لكن ما حدث في الداخل يعتبر كارثة معمارية بعد أن أذيلت حوائط ضخمة ليبني مكانها مول تجاري بسلم معدني متحرك لا أنكر أنني للوهلة الأول شعرت بتغير في المحطة لكن بعد التدقيق وجدت أن المحطة فقدت طابعا المعماري الأثري بعدما كسيت جدرانها الداخلية بالزجاج البلوري المزركش ونتيجة لسلوكيات الموظفين العاملين في الهيئة ونتيجة أن نوافذ مكاتب الموظفين المطلة علي المحطة مفتوحة فتجد كمية من القمامة الملقاة بين الجدران والطبقة الزجاجية التي غلفت بها المحطة من الداخل فقد شوه التطوير الطابع المميز للمحطة حتى أصبحت مثلها مثل أي مول تجاري موجود في المناطق الجديدة بعيدا عن المحطة انتقلنا إلي رصيف القطار التقيت بأحد سائقي القطارات سألته عن الاستراحات المجهزة والمياه المثلجة التي توفرها لهم الهيئة رفض في ذكر اسمه تعالي نعي لكي تشاهدي علي أرض الواقع الاستراحات غير أدمية لا تتوفر فيها أي عوامل الراحة هذا بالإضافة إلي المخاطر التي نعاني منها ونحن في الطريق من تهالك من خطوط السكك الحديدية وتهالك العربات وعدم الاهتمام بالصيانة ومبدأ المسئولين الجالسين في مكاتب مكيفة أن « طول ما العجل علي القضبان مافيش مشكلة « تحدث المشكلة من وجه نظرهم عندما تقع الكارثة ساعتها يتحرك المسئولون من مكاتبهم وعلي الرصيف المقابل تحدثت مع مجدي سراج سائق قطار قال المشكلة في سكه حديد مصر أن سلوكيات المواطنين هي التي تهدر ما يحدث من تطوير مؤكدا علي ان الهيئة تخسر كل يوم بسبب عدم عودتها بكامل طاقتها وذلك بسبب الإحداث الأمنية وعدم قدرة شرطة السكة الحديد السيطرة علي الخطوط بالكامل تركت المحطة والعاملين بها لكي أسئل المواطنين المترددين علي المحطة بصفة مستمرة يقول محمد المتولي موظف يأتي ثلاثة أيام في الأسبوع من الإسكندرية إلي القاهرة يقول: كان القطار منذ فترة هو وسيلتي الأساسية في السفر من الإسكندرية إلي القاهرة لكن الفترة الأخيرة ألجئ في أحيان كثيرة إلي وسائل أخري نتيجة للزحام الشديد وعدم وجود تذاكر, وتردي حالة القطارات فلم تعد سكة حديد مصر التي كنا نضبط عليها عقارب الساعة كما كانت فالحال من سيئ لأسوأ. لم يجد بدوي محمد الوضع بهذا السوء لكن كل ما يعاني منه في محطة مصر هو عدم توافر تذاكر إلي محافظة أسيوط في أوقات كثيرة مما يضطره في أحيان كثيرة إلي اللجؤ إلي السفر بوسائل نقل خاصة مما يجعله عرضة لاستغلال سائقي الميكروباص المنتشرين خارج محطة مصر. أما ليلي عبد الستار فتري أن حال السكة الحديد الآن « لا يسر عدو ولا حبيب » نتيجة لعدم الاهتمام بنظافة القطارات وعدم الدقة في المواعيد وعدم وجود دورات مياه مجهزة للاستخدام الآدمي داخل عربات القطار هذا بالإضافة إلي الباعة الجائلين المنتشرين في القطارات.