بمناسبة قرب شهر رمضان أقول على هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر الصائمون على التمر، وفى الحديث الشريف «إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور»، وفى القرآن الكريم آيات عديدة تذكرنا بنعم الله عز وجل، ومن بينها النخلة التى تثمر الرطب والتمر حيث ذكر النخل والنخيل فى أكثر من آية منها «والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان»: 141 الأنعام، «ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات» 11: النحل، ويبين الحق تبارك وتعالى أن النخل من متاع الجنة حيث يقول جل شأنه فى سورة الرحمن «ومن دونهما جنتان «إلى قوله» فاكهة ونخل ورمان، ويقول ابن قيم الجوزية: التمر فاكهة وغذاء ودواء وشراب وحلوي، وتشير الدراسات الحديثة إلى أن للتمر فوائد غذائية وصحية، حيث يحتوى على عناصر غذائية تمد الصائم بالسعرات الحرارية والنشاط، كما تجعله يتغلب على الصداع الذى قد يشكو منه خلال الصيام، ويساعد التمر أيضا فى تنشيط إفرازات الجهاز الهضمى، حيث يسهل هضم الطعام بعد أن يصلى الصائم صلاة المغرب ثم يتمم إفطاره، ويعتبر هذا التدرج فى تناول الطعام عاملا مهما فى عدم إرهاق المعدة. ويتميز التمر باحتوائه على معظم العناصر الغذائية التى يحتاجها الجسم، مثل السكريات والبروتينات والدهون والمعادن، وتشمل السكريات سكر العنب وسكر الفواكه اللذين لا يحتاجان إلى عملية الهضم، حيث يصل كلاهما إلى الدم فى دقائق معدودة، وفى هذا راحة للمعدة وإمداد سريع للطاقة الحرارية اللازمة لتفعيل أداء وظائف الجسم المختلفة، ومن ناحية أخرى فإن سكريات التمر لا ينتج عنها متاعب فى الجهاز الهضمى مثلما يحدث بعد تناول سكر القصب أو البنجر، ويتميز التمر باحتوائه على نسب عالية من الأحماض الأمينية اللازمة لبناء خلايا الجسم وتجديدها، مما تساعد فى تكوين مواد مضادة للميكروبات، بالإضافة إلى إجراء وظائف حيوية عديدة. وتعتبر الدهون الموجودة فى التمر مصدرا مهما للطاقة الحرارية، كما تساعد الدهون فى أداء وظائف خلايا الجسم بوجه عام وخلايا المخ والأعصاب على وجه الخصوص. ويحتوى التمر على عدة عناصر من فيتامين «ب» المركب، وهى عناصر لازمة لأداء الوظائف الحيوية للجسم، ومن فوائدها تهدئة الأعصاب والتغلب على الإجهاد، ويحتوى التمر على فيتامين «سى» الذى يساعد فى امتصاص الحديد إلى الدم، ومن أهم وظائف الحديد أنه عنصر أساسى فى تكوين هيموجلوبين خلايا الدم الحمراء التى تنقل الأكسجين إلى خلايا الجسم المختلفة، كما يلعب فيتامين «سى» دورا مهما فى حيوية أعضاء الجسم وتنشيط خلايا المناعة التى تقاوم الميكروبات والفيروسات، ومن فيتامينات التمر فيتامين «أ» الذى يساعد فى الإبصار ليلا وفى اكتساب الجلد حيوية ونضارة، بالإضافة إلى تنشيط المناعة والوقاية من الأمراض. ويعتبر التمر مستودعا للمعادن التى يحتاجها الجسم، مثل الحديد والكالسيوم والبوتاسيوم والصوديوم والفوسفور والزنك والنحاس والكبريت، وهى عناصر لازمة لخلايا الجسم وتنشيط الأعصاب ووظائف المخ والقلب وغيرها. ويتميز التمر باحتوائه على الألياف التى تنشط حركة الأمعاء وتساعد فى تنظيفها من المواد الضارة، وتعتبر الألياف ملينا طبيعيا لا يسبب أى متاعب فى الجهاز الهضمي، ويحتوى التمر والرطب على مضادات الأكسدة التى تساعد فى الوقاية من الأمراض، وبخاصة الروماتيزم والسرطان وأمراض العيون. وفى القرآن الكريم إشارة إلى أهمية الرطب فى أثناء الولادة وبعدها حيث يقول عز وجل: «وهُزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلى واشربى وقرى عينا» 25، 26 مريم. وقد أوضحت البحوث فائدة تناول الرطب فى أثناء المخاض حيث أشار بعضها إلى أن الرطب يحتوى على مادة تشبه هرمون الجسم أوكسيتوسين OXYTOCIN من حيث فعاليته فى تسهيل عملية الولادة، فهو يساعد فى تنشيط الرحم وانقباضاته المنتظمة، وبعد خروج الوليد يساعد هذا الهرمون فى إعادة الرحم إلى حالته الطبيعية التى كان عليها قبل الحمل، مما يساعد فى تقليل نزيف الرحم بعد الولادة، وفى إدرار اللبن من الغدد الثديية، ومن فوائد الرطب فى أثناء المخاض أنه يحتوى على عناصر غذائية تمد جسم المرأة إمدادا سريعا بالطاقة الحرارية حيث تكون فى حالة إجهاد وتعب تتطلب مدها بالعناصر الغذائية اللازمة لتزويدها بالطاقة الحرارية وتنشيط عضلة الرحم فى أثناء الولادة. د.عز الدين الدنشارى