اليوم يدخل لبنان دائرة الفراغ الرئاسى بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، وعجز مجلس النواب اللبنانى عن انتخاب رئيس جديد، ولا يتوقف الخطر الذى يداهم لبنان الآن، على غياب رئيس الجمهورية فقط، ولكن الأمر يتعدى ذلك إلى أزمة أخطر وأشمل، فطبقا للدستور تنتقل سلطة رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء مجتمعا، وهو مجلس منقسم وتسوده الخلافات ويكاد يكون شبه معطل. كما أن مجلس النواب اللبنانى لن يستطع غالبا إصدار تشريعات جديدة، وقد لا يتمكن من عقد اجتماعاته العادية نتيجة الخلاف بين أعضائه، وتعمد بعض القوى به عدم اكتمال النصاب القانونى فى جلسات انتخاب الرئيس. بالإضافة إلى أن مدة هذا المجلس تنتهى خلال أشهر قليلة، الأمر الذى يعنى أن مؤسسات الدولة الأساسية فى لبنان (رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب)، ستكون فى حالة شلل تام أو فراغ، وهو ما يدخل لبنان فى نفق مظلم. والمشكلة الأساسية التى تواجه لبنان الآن فى انتخاب رئيس جديد، أن كل من القوتين الرئيسيتين فى البلاد 8 آذار 14 آذار لهما تحالفات خارجية لديها حسابات خاصة تتعلق بملفات إقليمية تستخدم لبنان كورقة ضغط فيها، خاصة الملف السوري، فقوى 8 آذار وعمادها الرئيسى حزب الله وحليفه ميشيل عون لها ارتباط قوى بسوريا وإيران، بينما قوى 14 آذار وعمادها الرئيسى تيار المستقبل، تحظى بدعم سعودى وغربي، ولن يستطيع مجلس النواب اللبنانى انتخاب رئيس إلا بصفقة جديدة، مثل صفقة الدوحة التى أتت بالعماد ميشال سليمان رئيسا، ومثل هذه الصفقات لا تتم إلا بتوافق بين الدول الراعية للوضع اللبنانى على الملفات الإقليمية المتفق عليها. واليوم فإن الملف السورى هو الأبرز فى الخلافات المطروحة، والاتفاق على كيفية معالجته بين الدول المعنية هو مفتاح حل الأزمة اللبنانية، وانتخاب رئيس جديد. فمشكلة لبنان التاريخية لا تتعلق فقط بنظامه الطائفي، ولكن بالتدخلات الدولية التى يعانى منها نتيجة استقواء بعض مكوناته بالخارج، والتحالفات الإقليمية للقوى السياسية والطائفية. ولن تحل هذه المشكلة الا عندما نرى رئيسا «صنع فى لبنان»، بعيدا عن أى تدخل خارجي. لمزيد من مقالات رأى الاهرام