لاجدال في أن هناك رءوسا قد أينعت وحان ميعاد قطافها, حماية للثورة والوطن والامة ولا نقاش في أن ذلك يعد المسئولية المباشرة علي عاتق السلطة الشرعية الوحيدة التي أفرزتها الإرادة الشعبية الثورية ممثلة في مجلس الشعب. وقطف هذه الرؤوس لايشكل خيارا يمكن قبوله أو رفضه بل يمثل فريضة لايمكن التحلل منها لأنه يستحيل التكفير عنها ببدائل تعوضها وتغني عنها, وهو فرض عين علي كل أعضاء مجلس الشعب علي اختلاف أحزابهم وتوجهاتهم وطوائفهم لأنه التزام أمام الأمة التي اختارتهم وأنابتهم عنها في هذه اللحظات الحرجة الفارقة من تاريخ أم الدنيا, وقد اينعت الرؤوس المعلومة والمعروفة يوم أن بلغ الترويع الأمني مرحلة العنف الجنوني وأطل علي أهل مصر المحروسة بفظاظة وتوحش ليتسبب في قتل الأعداد الغفيرة بدم بارد وبعقل شيطاني يخطط لانطلاق فتنة الحرب الأهلية, وكأن المصريين من الجهالة والغفلة ليعلنوا الحرب علي أهل بورسعيد وكأنهم أهل الكيان الصهيوني الغاشم وقد بنيت هذه المخططات الشيطانية للتشكيل العصابي الاجرامي علي حسابات وتقديرات الحرب الشعبية الكروية التي اشعلوها بين المصريين والجزائريين, واطلقوا من خلالها نيران الغضب المحمومة التي داست في طريقها كل مشاعر الوطنية الصادقة وكل أحاسيس الانتماء القومي العربي الدفينة, ولمن ينسي ولايتذكر فقد تصدر المشهد التخريبي الجنائزي أبناء الطاغية المخلوع ليفجروا طاقات الغضب الهادرة في النفوس ضد الفساد والاستبداد والديكتاتورية في وجه الجزائر والجزائريين بديلا عن تفجيرها لزلزلة عرش العمالة واللصوصية والفساد. لايحتاج مجلس الشعب الموقر إلي لجنة تقصي حقائق حتي يدرك هول المأساة في استاد بورسعيد, خاصا وان المصري فاز ولم يهزم,مما يستوجب الاحتفال ويبتعد تماما عن مفهوم الثأر والقتل, ولايحتاج أعضاء هذا المجلس الموقر للجنة تقصي حقائق لإدراك النسيج العنكبوتي الشيطاني لمؤامرة الفراغ الأمني المروعة لتحديد الأيدي والأصابع التي تحركها وتحديد الأطراف الفاعلة والمؤثرة في اتساع نطاق الترويع المصري حتي تتزايد حلقاته يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة, كل ما كان يحتاجه المجلس حتي لايسقط في فخ الاتهام بالانتهازية ومصيدة الاتهام بالتراخي أن يطلب الأعضاء شرائط الفيديو المصورة التي عرضت الكثير من جوانبها علي جمهور المواطنين العاديين ومعها سيتأكدون بكل الثقة والاطمئنان أن الأمن كان الحاضر الغائب وأن قوات الشرطة الموجودة قامت بدور بطولي كشاهد ماشفش حاجة علي أرض ملعب استاد بورسعيد, والأكثر فداحة وخطورة ما تناقلته الفضائيات عن القاء المشجعين من المدرجات العليا إلي أرض الملعب وما نقلته بعثة الأهرام في بورسعيد عن اختفاء الأمن من شوارع المدينة وإغلاق أقسام الشرطة لأبوابها, والصادم المستفز الكاشف بوضوح عن المخطط الإجرامي المبيت الحديث عن واقعة إغلاق أبواب مدرجات مشجعي النادي الأهلي من الخارج فور انتهاء المبارة لغلق فرصة الخروج والهروب ومحاصرتهم للبقاء تحت رحمة مصيدة البلطجية وعصابات الجريمة المنظمة وماتم العثور عليه من رصاص حي بهذه المدرجات وثبوت استخدام الأسلحة البيضاء والآلات الحادة في قتل الضحايا الشهداء. بالرغم من تهييج المشاعر الكروية والوطنية بكل أصناف الخداع والضلال المنظم أيام مباراتي مصر والجزائربالقاهرة وحتي بالخرطوم خارج نطاق السيادة المصرية لم يسقط قتلي, حتي مع الروايات المضللة عن قيام الحكومة الجزائرية بإخراج عتاة المجرمين من السجون وإرسالهم في طائرات حربية خاصة للخرطوم للقيام باللازم ضد المصريين الأعداء, وهو مايثبت أن أحداث استاد بورسعيد مبيتة ومخططة وان هدف المعتدين لها كان شديد الوضوح يرتبط بالرغبة في إحداث أكبر عدد من القتلي بين جمهور النادي الأهلي الضيف وأكبر عدد من المصابين, ويتطلب ذلك الفعل المروع درجة عالية من الاحتراف ودرجة عالية من التنظيم ودرجة عالية من التخطيط وتوزيع الأدوار حتي يمكن ضمان تحقيق هذه الكارثة في فترة زمنية قليلة علي مرأي ومسمع من عيون كثيرة, والأكثر أهمية أن تكون هناك سلطات عليا قادرة تملك سلطة قطع الكهرباء في الوقت المناسب كما حدث لتتم المجزرة المروعة في الظلام الدامس كما تملك سلطة تغييب الأمن علي بوابات الاستاد ولتأمين دخول القتلة بأسلحتهم تأمين خروجهم بعد ارتكابهم جرائمهم الشيطانية وهروبهم واخفائهم بغير عقاب وبدون قرائن أو إثباتات تدينهم وتعرضهم للقصاص والعقاب القانوني الصارم. ومع غياب المحافظ وغياب مدير الأمن عن موقع الأحداث بالرغم من كل المخاوف الشعبية والأمنية المحيطة بالمباراة وما تستوجبه من درجة عالية من التأمين والوجود المباشر للقيادات الأعلي بالمحافظة لاتخاذ القرارات الفورية الحاسمة في مواجهة أية بوادر للشغب والإخلال بالأمن, فإن الكثير من التساؤلات المشروعة لابد أن تثار بشكل جاد في مواجهة أركان السلطة التنفيذية بالمحافظة ولا يثبت غيابهم فقط الاهمال الجسيم في تحمل المسئولية بل يدفع للشك اليقيني في علمهم المسيق بالمخاطر العالية المرتبطة بوجودهم بالاستاد خلال هذه المباراة, بما يعني الهروب المسبق من مواجهة المسئولية وبالتالي تحمل كل تبعاتها والمسئولية المباشرة الكاملة عما حدث, وهو الأمر الذي لايحتاج إلي استنتاجات وتحليلات منطقية بل يحتاج فقط لا غير لاسترجاع شريط الأحداث الواقعي وربط مقدماته بنتائجه للحصول علي إفصاح كامل عن الحقيقة المرة المؤكدة علي غياب السلطة عن مواقع الأحداث المتفجرة برضائها واختيارها وكأنها تترقب وتنتظر نتائج فعل المخططين الشيطانية مهما كانت معانيها مفضوحة ومهما كانت دلالاتها تصب في خانة الإدانة القاطعة لهذه القيادات, مع الأخذ في الاعتبار أن هذه القيادات تتلقي دائما تعليمات لحظية من قيادتها الأعلي وتقدم لها التقارير المتصلة العاجلة بحثا عن التأمين والأمان والحماية, خاصة أن القيادات العليا للداخلية وعلي رأسهم الوزير الأسبق أمام محكمة الجنايات بتهمة قتل الشهداء في أحداث ثورة25 يناير. ومما يكشف حقيقة التخطيط الاجرامي وطبيعة الفعل الارهابي المنظم في استاد بورسعيد أن الأيام السابقة علي الحدث قد شهدت بدايات انفلات أمني مروع غير مسبوق علي امتداد الخريطة المصرية الجغرافية حتي بالقياس لفترة الثورة, وتحلل جهاز الشرطة واختفاؤه الكامل من علي مسرح الأحداث, فقد شهدت الأيام السابقة علي مجزرة استاد بورسعيد بداية مسلسل الاعتداء علي شركات الصرافة والبنوك وكانت البداية في شرم الشيخ بسرقة شركة صرافة وقتل أجانب في العملية لجذب انتباه العالم الخارجي, ثم تلاه إغلاق قناطر إسنا وإيقاف المراكب السياحية والتهاون الشديد في مواجهة هذا الفعل الذي انقض بالضربة القاضية علي صحوة السياحة المصرية وبدء إفاقتها, وليس بعيدا عن المسلسل الاعتداء المسلح علي أرض الضبعة موقع المشروع النووي السلمي المصري في غياب الردع والمواجهة ثم تواصل الحلقات الإجرامية بسرقة بنك التجمع الخامس وسرقة سيارة تحمل أموال البنوك ثم مكتب بريد ثم مكتب صرافة مدينة نصر وكذلك سرقة السيارات التي توزع الأدوية وغيرها وغيرها من الأحداث الزاعقة التي تصيب أمن وأمان المواطن المصري في مقتل وتروعه وتفقده الطمأنينة وتخيفه من كوارث الفوضي والبلطجة والاجرام التي تدق كل الأبواب. ولا يقل عن ذلك خطورة من مخططات ترويع المواطن المصري ودفعه للعداء للثورة والارتماء في أحضان النظام البائد الغاشم الذي مازالت فلوله تجثم علي صدر أم الدنيا ما يتم في قطاع الطاقة وتصاعد ملفات الأزمات المختلفة لإيقاف دوران عجلة الاقتصاد وعجلة الحياة, وما يحيط علاج هذه الأزمات من بلادة مستفزة وتصريحات صفيقة تتحدث عن توفر البوتاجاز وتوافر البنزين والسولار بمعدلات تفوق المعدلات الطبيعية وإلقاء مسئولية الأزمة علي أسباب ومبررات تافهة وسخيفة مثل التهريب والجشع والسوق السوداء وغيرها من أقوال الهطل الجنوني التي تثير في نفوس المصريين قدرا كبيرا من السخط والغضب لانها تستدعي كل مفردات النصب والاحتيال علي المواطن علي امتداد عقود طويلة ماضية من الزمن. وبالتأكيد فقد شهدت الفترة الأخيرة الماضية تغييرا مفاجئا وجذريا في مخططات الترويع الأمني للمواطنين, تصاعدت حلقاتها مع ثبوت التفاف جموع الشعب المصري حول طموحات الثورة والإصرار علي تحقيق اهدافها كاملة في القضاء علي النظام البائد كاملا وعدم القبول بالاطاحة برأسه وعدد من الرموز المحيطة فقط لاغير, وكذلك ثبوت الحرص علي إقامة دولة ديمقراطية مدنية تحكمها المؤسسات تحت مظلة سيادة القانون واحترامه بغير امتيازات أو استثناءات وبدون فصال او تهاون. ومن باب المثال والايضاح فقط لاغير فان منطقة الدقي غير البعيدة عن وسط مدينة القاهرة والقريبة للغاية من مقر وزارة الداخلية شهدت خلال الأيام القليلة الماضية وبصورة فجائية صادمة عمليات سطو مسلح واسعة النطاق للمحال التجارية والسوبر ماركت والصيداليات باستخدام الرشاشات والأسلحة النارية بكثافة, وعلي الرغم من تلك الظاهرة المفزعة فإن الوجود الأمني لايلحظه احد ولم يتم تكثيف دوريات متحركة أو راجلة, وكأن تجربة اختفاء الامن من شوارع بورسعيد وإغلاق اقسام الشرطة بالمدينة بعد المجزرة يتم اعادة تعميمها علي مستوي جميع المدن, وكأن الشرطة قررت العودة للحصول علي اجازة مفتوحة حتي تتهيأ الظروف لان تكون مصر كلها ساحة لمجزرة كبري وعظمي.. وقي الله مصر من الشرور الحالكة؟! المزيد من مقالات أسامة غيث