القارة العجوز صاحبة الحضارة والمدنية، وواضعة أسس وقواعد السلوك البشرى، وقاطرة بقية القارات السمراء والصفراء والعالم الجديد، فاجأت المجتمعات الدولية والأوساط الفنية باختيار «امرأة ملتحية» للفوز بمسابقة يوروفيجن 2014، وأثارت الكثير من الغضب والجدل. يبدو أن أوروبا الساحرة الملهمة التى أنجبت الفلاسفة ورعت العباقرة.. صاحبة الأفضال فى كل أنحاء المعمورة، بدأت تحتضر، وتعيش حالة حلاوة الروح قبل أن تنتهى إلى الأبد، وتؤدى رقصاتها الأخيرة على أنغام بقايا الأخلاق التى تغنت بها على مر العصور، هى الآن تلتحف بالتطرف والشذوذ، كى تدفئ برودتها ويجرى الدم فى عروقها المتجمدة، فاحتضنت الجماعات الإرهابية المتطرفة، ولجأت إلى تقديم الجنس الثالث، جنسا أحاديا عقيما.. امرأة.. أو كائنا جديدا مستقلا شامل يحوى كل مظاهر الجنس البشرى.. بكل صنوفه وتياراته وأيدولوجياته ومعتقداته الفكرية والدينية.. ليتآكل العالم وينقرض، كما تتآكل هى! يوروفيجن هى أكبر وأقدم مسابقة غنائية فى أوروبا والعالم منذ عام 1956، ويشارك فيها أكثر من 40 دولة أوروبية، ويتعدى مشاهدوها أكثر من 600 مليون شخص حول العالم، حتى أنه تم بث المسابقة على الإنترنت منذ عام 2000، ولا تقل أهميتها عن نوبل وكأس العالم، وكان الهدف من تأسيسها تحديدا: (إعادة بناء أوروبا من خلال الموسيقى)، بعد الدمار الذى خلفته الحرب العالمية الثانية. لم تقتصر يوروفيجن على الموسيقى اللاتينية فحسب، بل تشارك فيها أيضا الموسيقى العربية والأرمينية والبلقانية والإسرائيلية، فقد شاركت الفنانة سميرة سعيد فى المسابقة عام 1980، ومن أشهر الفائزين بها فريق «آبا» السويدى عام 1974، والرائعة سيلين ديون عام 1988، وحصل الفنان العالمى خوليو إجلاسيوس على بطاقة نجوميته منها. «المرأة الملتحية» أو كونشيتا فورست - 25 عاما - الفائزة بالجولة 59 للمسابقة السبت قبل الماضى، وقيمتها 25 مليون دولار، هى فى الأصل توماس نيويرث ولد فى النمسا، وأجرى عملية تحول جنسى عام 2011 ليصبح «مسخا»… إمرأة مثيرة مع احتفاظها بعلامات الذكورة من لحية وشارب. فوز كونشيتا الساحق ب 290 نقطة مقابل 238 لمنافسها، أثار «الاعجاب الشديد» لدى جمهور أوروبا الغربية لغرابة أطوارها، بينما أدى إلى «النفور الشديد» من قبل أوروبا الشرقية المحافظة الرافضة لقوانين «المثليين» و«المتحولين» التى أقرها الجانب الغربى، وتحول الخلاف بين الجانبين من ثقافى إلى سياسى محتدم، فقد وصفته صربيا بأنه «عرض شائن»، كما أثار حفيظة الروس حيث علق أحد السياسيين بأنها «نهاية أوروبا»، كما قال نائب رئيس الوزراء الروسى ديمترى روجوزين: إن نتائج اليوروفيجن أعطت صورة لمناصرى الانضمام للاتحاد الأوروبي عما ينتظرهم فى حال الانضمام فعلا… «امرأة ملتحية»..!! وعبرت كونشيتا - وتعنى بالروسية (القذف) - عن سعادتها الغامرة بعد تتويجها عن أغنية (Rise like a phoenix) أو (حلق مثل العنقاء) وهو طائر خرافى، وقالت فى رسالة واضحة: «لا شيء يمكن أن يوقفنا».. وتقصد المتحولين جنسيا. لم تكن هذه النزوة الأولى للقارة العجوز، العاجزة التى أصبحت غير قادرة على إنجاب «مثاليين» عباقرة فى شتى فنون الحياة كما كان يحدث فى صباها وعبر قرون شبابها، فلجأت إلى استنساخ «المسخ» لاشباع غريزة دفينة وهى الاستمتاع بالمشاهدة فقط، بعد أن ملت كل فنون الجنس الطبيعى والمشروع وغير المشروع، مصدّرة النوع البشري الجديد من الجنس الثالث عبر بوابة اليوروفيجن.. ففى العام الماضى قامت المطربة الفنلندية كريستا سيجفريدس بتقبيل إحدى الراقصات على المنصة (قبلة حميمية طويلة)، بعد تقديمها أغنية (Marry me) أى (تزوجينى)، فى إشارة واضحة إلى مناصرة «المثليين»، فحازت إعجاب الجمهور الذى ظل يصفق طويلا أيضا..!!.. وسبقتهما المطربة الإسرائيلية دانا انترناشيونال المتوجة بمسابقة 1998 والمتحولة جنسيا واسمها الذكورى شارون كوهين، التى أدهشت الجميع أيضا..!!