لاشك أن ماراثون الانتخابات الرئاسية هذه الايام وصولا إلى لحظة الصندوق يفرض علينا هذه المرة ضرورة الاختيار الأصوب والصحيح عبر توسيع دائرة الرؤية والإدراك والفهم والنظر إلى أفق المستقبل بعيدا عن إعمال العاطفة والاختيار الأسهل والقراءة الخاطئة الساذجة والمبسطة مثلما فعلنا فى الانتخابات السابقة. فكان اختيار البعض محمد مرسى فكانت النتيجة ومحصلة الخسائر كارثية وضياع عامين من عمر الوطن وحياة المصريين هدرا، فضلا عن توطين وزرع الإرهاب الذى مازال يروعنا ويضع حياة المصريين افرادا وقوات الشرطة والجيش تحت مقصلة منصات الإرهاب الجوال كما نعيش حاليا. ولذا يجب الا نكرر مثل هذا الخطأ القاتل فى انتخابات نهاية هذا الشهر بين السيسى وصباحي، فالمفاضلة قائمة والرؤية هذه المرة مكتملة وما يتبقى هو ضرورة التصويب والاختيار الأفضل من قبل المزاج العام للمصريين لشخص الرئيس الذى يستطيع ويملك ويتمتع بإرادة وقوة ومقومات النجاح وليس الذى يتغنى يوميا بالشعارات والخطب والوعود وعوالم الأحلام كما كان يفعل بنا مرشح الإخوان محمد مرسي. وهنا لا أخفى تقديرى لتصميم وإرادة وعزيمة السيد حمدين صباحى وتلك الديناميكية التى يتمتع بها عبر جولاته هنا وهناك وتفوقه فى العزف على الكلمات وبراعة صياغة الخطاب السياسى وامتلاكه لغة الحديث بحكم كونه صحفياً وسياسياً لكن كل هذا لا يؤهله لمنصب الرئيس القادم والوصول إلى قصر الاتحادية حيث الرجل يتبنى خطاباً سياسياً وبرنامج رئاسياً أقرب إلى لغة المثالية من عينة هؤلاء الذين يسبحون فى عالم الخيال الفسيح بعيدا عن أرض الواقع المؤلم المثقل بأزمات اقتصادية ومعيشية ونسب فقر وأمية وتدن مالى وعجز صارخ فى أرقام المعوزين والمرضى وساكنى القبور بشكل مريع. قد يقول حمدين صباحي: إن هؤلاء هم وقضاياهم همه الأساسى والجوهرى وصميم برنامجه الانتخابي: وإنه من أجلهم خاض غمار هذا السباق باعتبار أن قضية العدالة الاجتماعية شغله الشاغل منذ صباه، لكن فى المقابل هناك فجوة عميقة بين أفكار ورؤى وعناوين حمدين صباحى الانتخابية التى يطرحها وبين التطبيق العملى على أرض الواقع حيث لم يحدد وينتصر لنا بالحجة ولغة الأرقام والإمكانات الفعلية الحقيقية كيفية تحقيق كل هذه البرامج الدعائية التى هى أقرب من حيث الشكل والمضمون لما كان يطرحه المعزول مرسى حيث الأوهام نفسها والشعارات ذاتها بملايين فرص العمل والمشروعات ومليارات الاستثمارات فى الساعات الأولى لوصوله إلى الاتحادية، وربما يكون وجه الشبه بين أرقام حمدين ومرسى سابقا على سبيل المثال لا الحصر أن الأول ذكر أنه سيوفر خمسة ملايين مشروع عملاق فى مصر خلال أربع سنوات وانه لن ينام جوعان أو مريض واحد فى عهده، ويبدو أن حمدين قد تناسى أو غفل أن فى مصر 90 مليون مصرى وانه يعيش فى بلد خط اقتصاده معدم وميزانية دولته تحت الصفر حيث العجز والديون حدث ولا حرج وان مصر أمة فى أزمة تحولت إلى أمة فى خطر وبالتالى لا يمكن ارتهان أو رهان انتماء ونجاح مصر بمسائل وشعارات عاطفية أو مزاجية فكفانا تجريباً وتجارب فاشلة لانه بصريح العبارة حمدين يقاتل بلا نصر. ولذا فأعتقد أن الغالبية من المصريين لن يختاروا الشعارات والوعود وأوهام حمدين هذه المرة فينكبوا منذ ذلك على تلاوة فعل الندامة كما نفعل حاليا مع مرسى الأمر فى جملته أن هذا الوطن يعيش مأزقا وأزمة خطيرة وبات مهدداً ومستقبله على مفترق الطرق وبالتالى الضامن الحصرى لإنقاذ ومساعدة شعبه هو المشير السيسى دون تزلف أو موالسة لان الرجل باحترافية وديناميكية يملك الأدوات والمقومات وله رصيد فى الداخل والخارج العربى والاقليمى باستثناء تركيا وقطر على الولوج بهذا الوطن إلى بر الأمان ويستطيع بأدواته ورجاله أن ينهى سنوات الغربة والتراجع لهذا الوطن حاليا وينهى قاعدة أن مصر رهينة الأزمات عبر مشروعات حقيقية وأرقام مقنعة وقدرة على خلق مصدات تنموية. وبالتالى يصبح رجل الإصلاحات ومهندس الانتقال الديمقراطى ويجعل هذا البلد يملك مفتاح المستقبل للمنطقة فيعالج أزمات الاقتصاد الذى يتداعى حاليا ويقضى على جماعات الإرهاب التى تعزف أوتارها وصولا إلى إيماننا القاطع بأنه وحده القادر على أن يعيد الاعتبار للدولة ويؤكد حصرية امتلاكها فرض الأمن وانهاء فوضى السلاح والتفخيخ المتنقل. فهذا الواقع المر فى مصر حاليا لا يعالج بحوار المسكنات وشعارات وخطب حمدين فقد فات أوان التجريب وانتهى زمن الشعارات ودغدغة المشاعر والبطون خاوية وما يطمئننا فى حكمة اختيار المصريين هذه المرة أن الشارع المصرى مسكون بكراهية الفشل والذاكرة الجمعية للمصريين مازالت تتذكر كيف كنا وماذا فعل مرسى بالبلاد وأين أصبحنا ومن هنا ستكون مهمة اختيار حمدين صعبة إن لم تكن مستحيلة. لمزيد من مقالات أشرف العشري