تحفل وسائل التواصل الاجتماعي، وفى مقدمتها تويتر، بكيل الاتهامات لبعض من المواطنين السعوديين واتهامهم بخيانة وطنهم لا سمح الله، وفى هذه الاتهامات نوع من إصدار الأحكام قبل وصولها للجهة المخولة بإصدارها، وهى الجهات القضائية باختلاف درجاتها وتفاوت مهامها . بريطانيا مازال حكم الإعدام ساريا كجزاء لمن تثبت ادانته بجرم الخيانة الوطنية على الرغم من انها ألغت عقوبة الإعدام فى الجنايات الاخرى منذ عام 1964، وفى فرنسا بعد تحريرها من الاحتلال الألمانى جمع من ثبت ادانتهم بالخيانة فى ساحات المدن الفرنسية وصدر الحكم الشعبى عليهم بضربهم ب «النعال» حتى الموت وتم تنفيذ هذا الحكم الذى يعد اقل كثيراً من حق الخائن وجزاء الخيانة . لا أستطيع الجزم ومجاراة ما يدور ويحدث فى تويتر كل يوم بل انه اصبح على مدار الساعة من اتهامات لمواطنين سعوديين لم يقوموا بما يتهمون به، وأقصد هنا قيادات وأعضاء بارزين فى تنظيم الاخوان الإرهابى بفرعه السعودى وما يدور فى فلكه من تيارات على رأسها تيار الصحوة، بل فقط يتهمون لأن الحقيقة التى لا احد يستطيع إنكارها انهم لم يظهروا اى إيجابية تجاه كل ما حدث ويحدث من مشاريع تنموية ضخمة لها اثرها الإيجابى الآنى والاستراتيجى على المواطن بشكل مباشر، ومع هذا لن اصفهم بالخيانة الوطنية . وحقيقة لا احد يستطيع إنكارها انه لم يعترض احد من هؤلاء المواطنين الذين توجه لهم الاتهامات بالخيانة على مدار الساعة، على تصرفات خرقاء لمتظاهرين أتراك فى ساحات تظاهرهم فى بعض المدن التركية برفع صورة الملك عبدالله ورميها بالعلب الفارغة والأحذية أجله الله وأجلكم عما كانوا يفعلون، ومع هذا لن أصفهم بالخيانة الوطنية . وحقيقة أنهم يثورون ويزمجرون وتتنفخ اوداجهم غضباً حين يذكر احد البسطاء عيبا فى قطر من وجهة نظره مثل بنائها أكبر كنيسة فى الجزيرة العربية، او علاقاتها المتينة بإيران رغم ان هذه الاخيرة تعيش أسوأ الظروف السياسية مع أشقاء قطر فى الخليج ، وبالرغم من ان هذين الأمرين يسقطان جميع الشعارات الدينية التى يرفعها هؤلاء إلا انهم يصرون على تجاهل وإنكار هذا الواقع، ومع هذا لن أصفهم بالخيانة الوطنية . وحقيقة أنهم يطلقون على رئيس الوزراء التركى اردوغان خليفتهم، وحين أعلن قبل ايام ان العلاقات التركية الإسرائيلية سوف تعود على ما كانت عليه بعد ايام قليلة بعد فترة انقطاع نسبى تصل الى سنتين، اظهروا أنفسهم وكأن الموضوع لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد وهم أنفسهم الذين يدخلون أنوفهم فى كل شيء على سطح البسيطة، ومع هذا لن اصفهم بالخيانة الوطنية . وحقيقة أنهم لم يعترضوا كعادتهم حين قال خليفتهم اردوغان فى زيارته لطهران قبل أشهر ان ايران بيته الثانى رغم ما تفعله ايران باشقائنا فى سوريا بل انهم يتمنون ان يشغل اردوغان منصبا شغر منذ 91 عاما وهم يتجاهلون بل ينكرون ان سقوط فلسطين كان بسبب اخر خلفائهم فى هذا المنصب وعلاقات الصداقة المتينة التى جمعته بهرتزل، ومع هذا لن اصفهم بالخيانة الوطنية . وحقيقة أنهم لجموا وكأن على رءوسهم الطير حين استعرض الجيش السعودى بعض قواته وعتاده من تكتيكية واستراتيجية، ولم ينبس أى منهم ببنت شفة سوى بعض التغريدات المقللة من أهمية هذه المناورات ! رغم ان ايران وإسرائيل شهدت بدلالاتها المكانية والزمانية وقوتها فى تاريخ الجيش السعودى وكما يقال «الحق ما يشهد به الأعداء»، ومع هذا لن اصفهم بالخيانة الوطنية . وحقيقة أنهم قللوا بل خرسوا امام افتتاح الملك عبدالله بن عبدالعزيز مدينته الرياضية التى أهداها لشعبه واستادها المسمى الجوهرة المشعة، بل ان بعضهم تهكم على هذا الإنجاز الذى أهداه حبيب الشعب لشعبه، وفى المقابل يمجدون اى شيء فى قطر وتركيا حتى لو كان مشروع افتتاح مقر للبلدية فى احدى القرى النائية، ومع ذلك لن اصفهم بالخيانة الوطنية . وحقيقة انهم الى كتابة هذه السطور متوارون عن الأنظار فى موقع تويتر منذ مساء السبت الماضى ولم ير لأحد منهم اى تعليق على ما أثير فى ذلك الموقع الشهير وشقيقه الأشهر يوتيوب من تسريبات صوتية لأمير قطر السابق مع رئيس وزرائه والقذافى وما بات واضحا لكل مواطن سعودى انها مؤامرة للسياسة القطرية على امن ووحدة السعودية، ومع ذلك لن اصفهم بالخيانة . وحقيقة الحقائق انهم لم يعلقوا على الإنجاز الامنى المتمثل فى الكشف عن تنظيم إرهابى جديد لتفريعات تنظيم القاعدة، وهو ما يفسر انهم مذهولون من هول الصدمات المتتالية لهم منذ سقوط حكمهم فى مصر على ايدى الشعب المصرى مرورا بتصنيف تنظيمهم كتنظيم إرهابى ، ومع هذا لن اصفهم بالخيانة الوطنية . هذه حقائق استطعت الوصول اليها فى جردة بسيطة لم تتجاوز الأسبوعين وعلى احد مواقع التواصل الاجتماعى فقط، ولم أصل لحصرٍ لكل ما قاموا به فى وطننا السعودية منذ ان أوينا فلولهم فى خمسينيات وستينيات القرن الماضي. الوحيد القادر على وصفهم بالخيانة الوطنية هو الشعب السعودي، ومتروك له هذا الامر ليثبت أحباب وأبناء واشقاء عبدالله بن عبدالعزيز من هم هؤلاء وما هو حجمهم الحقيقى فى المجتمع السعودى . لمزيد من مقالات محمد بن سعود الملفى