تكوين الأسرة وإنجاب الأطفال حلم كل زوجين، فمشاعر الأمومة والأبوة فطرة لدى كل شخص، ولكن في حالات كثيرة تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ومهما أجريت فحوص ما قبل الزواج تبقى مسألة الإنجاب في علم الغيب، فما مصير الزواج إذا اكتشف أحدهما علة في الآخر تمنع الإنجاب ؟ وهل يجوز للزوجة طلب الطلاق في حالة عقم الزوج، أو عجزه عن القيام بمهامه الزوجية؟ أسئلة نبحث عن إجاباتها عند فضيلة الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر..فقال: بداية نود التفرقة بين "العقر"وهو تأخر الإنجاب لأمراض معينة، وبين "العقم" وهو عدم الإنجاب النهائي. فلم يذكر والفقهاء في مصنفاتهم الفقهية لم سذكروا أن عدم الإنجاب سواء عن طريق العقر أو العقم سبب لإنهاء الزواج، ولم يعدوا ذلك من الأمراض التي توجب الفرقة أو فسخ عقد النكاح أو لطلب الطلاق، لأن هذه الأمور قدرية ولا حيلة لأحد فيها .. والمولي عز وجل يقول في هذا: (لله مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ، 49 ,أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ 50 ) سورة الشورى. فالمسألة قدرية وليست مبرراً إطلاقاً لطلب الإنفصال أو الفرقة لا من ناحية الزوج أو من ناحية الزوجة. والإنسان لا يدري أين تكون المصلحة في حاضر ومستقبل الأيام، فالولد قد يكون نعمة وقد يكون نقمة، والله سبحانه وتعالي بين الأمرين فقال عز من قائل: (زُين لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ، ذلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ )سورة آل عمران. والحق سبحانه وتعالي قال في محكم آياته أيضاً(إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم) سورة التغابن.. فالأمران موجودان .. النقمة والنعمة، وهذه دروس بليغة في أن الإنسان لا يستعجل الممنوع، فلعل الممنوح خير له في عاجل أمره وآجله. والفقهاء نظروا في هذا العدل الإلهي، فما لا حيلة للإنسان فيه فلا يعاقب بسببه. قال سبحانه وتعالي( إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم. 15 فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون16) سورة التغابن. أما بالنسبة لطلب الطلاق لعجز الزوج عن القيام بواجباته الزوجية، فقد أقر الفقهاء بأن يضرب له أجَل سنة بفصولها الأربعة، فلعله يعجز في فصل وينشط في آخر. فإن مرت السنة دون أي علاج، وأجمع الأطباء الثقاة علي عدم مقدرته القيام بمهامه، فيجوز للزوجة في هذه الحالة طلب فسخ عقد النكاح .. وضرب الفقهاء الأمثلة علي هذا العجز منها (العِنة)، و(الجَب) بمعني القطع والإزالة. أما بالنسبة للمرأة.. فالفقهاء ضربوا أمثلة من وجود عيوب خلقية في الموضع، فإن أمكن العلاج كان بها، وإن لم يُرج العلاج أو كان عندها نفور وكراهية مستحكمة، فللزوج أيضاً أن يطلب فسخ العقد بعد استنفاذ كافة وسائل العلاج الممكنة للطرفين. هذا وجدير بالذكر أن الفقهاء ذكروا في مصنفاتهم الفقهية تفصيلاً للعيوب التي يكون فيها الفسخ لعقد الزواج للرجل أو المرأة.