عقب بدء انعقاد قمة الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا أمس الأحد, توقع المراقبون أياما أفضل للقارة الإفريقية, بعد أن قدمت الصين 200 مليون دولار لتشييد برج مقر الاتحاد الإفريقي الذي ارتفع في سماء العاصمة الإثيوبية مبشرا بوعود ارتقاء القارة الإفريقية, وناطحة الاتحاد الإفريقي, طالما الأمر يتعلق برموز تبلغ نحو 99 مترا وشيدت بمناسبة إعلان سرت بمبادرة من معمر القذافي وبمساهمة دول عديدة وعلي رأسها جنوب إفريقيا. رحل القذافي وعقدت القمة بدونه, والآن أصبح الاتحاد الأفريقي في منعطف تاريخي مهم وبالذات أن العقيد كان ضيفا علي كل قمة منذ عام 1969, يلهم ويعطل أنشطة الاتحاد الإفريقي حتي وفاته, مسددا فواتير عدد كبير من الدول الأعضاء, مناديا بتشكيل الولاياتالمتحدة الإفريقية التي كان يتطلع الي رئاستها. ولاشك أن غيابه أعاد للاتحاد الإفريقي حرية التحرك والانتعاش من خلال إقرار برنامج لتدعيم التجارة البينية الإفريقية, وتحسين امكانات الحفاظ علي السلام وإدارة الموارد الاقتصادية الخاصة بنمو القارة, التي تبلغ 6% (ستة في المائة) في السنوات الأخيرة, والتطلع الي عالم متطور بعد تعزيز علاقة ومشاركة الصين التضمينية في إفريقيا. ولاشك فإن البرج الذي أهدته بكين المدعم بمركز مؤتمرات هو احد الإجراءات الثمانية للتعاون الاقتصادي مع إفريقيا والذي أطلقته الصين عام 2006, وكان لي شرف حضور التدشين مع السفيرين المرموقين إبراهيم حسن ونعمان جلال, ومن ناحية أخري, فإن الاتحاد الإفريقي يطمع حاليا في المساهمة في إقرار السلام في إفريقيا ووضع إطار للانطلاقة الاقتصادية للقارة.. ولقد قال جان بينج رئيس مجلس الاتحاد الإفريقي في أثناء منتدي الحوار الاستراتيجي الرابع بين الصين والاتحاد الإفريقي في مايو 2011 لاشك أنه عندما نعمل مع شريك قوي وأمين مثل الصين, فنحن نقوم بتحسين فرصنا في النجاح, في ذلك التوقيت كان الاتحاد الإفريقي غارقا في أزمة ساحل العاج التي تركت آثارا مريرة بسبب الانقسام بين جبهتين, تلتها موجة الثورات العربية وغياب رد فعل الاتحاد الإفريقي الذي اعتاد دائما عدم نقد الأنظمة الحاكمة.. فكيف تقيم القرارات الأخيرة للرئيس السابق محمد حسني مبارك في حين أن مصر هي احدي أعمدة المنظمة ومن ضمن أكبر المساهمين؟.. ثم جاء انفجار العصيان في ليبيا الذي تحول الي حرب أهلية ليشكل الضربة القاضية للقذافي ونظامه, في حين أن الاتحاد الإفريقي كان ينظم رده علي الأزمة من خلال اقرار اطار للمفاوضات بين سلطة القذافي والمتمردين, وقرار الأممالمتحدة الذي تزعمته جنوب إفريقيا لفتح الطريق أمام عملية عسكرية تحت رعاية حلف شمال الأطلنطي ساهمت في الاسراع بسقوط القذافي, وهنا برزت الانقسامات بين الدول الأعضاء حول مواقف متناقضة. وفي هذه اللحظة, فإن الاتحاد الإفريقي يبحث عن فريق جديد علي رأس لجنة الاتحاد التي تمتلك السلطة التنفيذية حيث يتنافس في انتخابات رئيس المفوضية كل من الرئيس الحالي جان بينج والسيدة زوما مرشحة جنوب إفريقيا. وفي إطار هذه المتغيرات الإقليمية لعبت مصر دورا جوهريا في القمة الافريقية من خلال متابعة المقترح المصري حول إنشاء مركز الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية في فترة ما بعد النزاعات, كما تقدمت مصر في هذه الدورة بترشيحها لعضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي عن الفترة من 2012 الي 2014 إيمانا منها بأهمية الدور الذي يلعبه مجلس السلم والأمن الإفريقي في قضايا القارة الإفريقية, وفي الحفاظ علي استقرار دولها, كما حرصت مصر علي المشاركة بانتظام بقوات عسكرية تصل الي 4116 فردا في مختلف عمليات الأممالمتحدة لحفظ السلام في إفريقيا, حيث تشارك مصر حاليا بقوات ومراقبين في عمليات الصحراء الغربية والكونجو الديمقراطية ودارفور وأبيي وجنوب السودان وكوت ديفوار, بالإضافة الي دور الدبلوماسية المصرية للتوصل الي حلول سلمية للنزاعات القائمة في إفريقيا, لاسيما فيما يتعلق بالسودان والصومال, الي جانب اهتمام مصر بزيادة التنسيق والتعاون بين أجهزة الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي, الي جانب مشاركة مصر في اجتماعات آلية مراجعة النظراء واجتماعات القمة ال26 للجنة توجيه النيباد والاجتماع التشاوري الوزاري لتجمع دول الساحل والصحراء. ومرحبا بقمة الاتحاد الإفريقي والتي برزت دور مصر الرائد في القارة الإفريقية وعودتها لانتمائها الأصلي وحرفيتها الدبلوماسية في العمل الإفريقي المشترك لصالح رفاهية شعوبها. المزيد من مقالات عائشة عبد الغفار