إذا كانت الصناعة المصرية هى عنصر أساسى للإسهام فى تحقيق التنمية من خلال توفير احتياجات الإستهلاك المحلى وزيادة الصادرات بما يسهم فى توفير فرص عمل جديدة.. إلا أن الصناعة نفسها تعانى من مشاكل عديدة ومنها الطاقة ودعمها والأراضى والتسويق وغيرها.. ومن هنا تأتى أهمية هذا الحوار مع منير فخرى عبدالنور وزير الصناعة والتجارة والاستثمار الذى يحدد بوضوح أبعاد كل من هذه القضايا ووسائل حلها بصورة حاسمة. ماهى كيفية تعامل الحكومة مع ملف الطاقة؟ المؤكد اننا نواجه أزمة كبيرة حيث أن دعم الطاقة أصبح يشكل عبئا على الموازنة العامة للدولة خاصة بعد زيادة الدين العام والذى بلغ رقما كبيراً جداًحيث وصل إلى «تريليون و600 مليار جنيه» ومما يتطلب مواجهة عبء إضافى نتيجة أعباء خدمة هذا الدين، ويجب أن نضع فى اعتبارنا عنصرين مهمين الأول أن دعم الطاقة وأسعار الطاقة المتدنية أصبحت تشكل عائقا وحافزا سلبيا نحو تنمية مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة التى تعتبر أسعارها أعلى من أسعار الطاقة التقليدية، وثانيا أن النفقة التى تتحملها الموازنة العامة لا تحقق الهدف منها و المتمثل فى هدف الدعم من مساعدة ومساندة محدودى الدخل لأن الذى يحدث هو عكس ذلك تماما، فالمستفيد الأكبر هم غير المستحقين لأنهم ينفقون أكثر من محدودى الدخل فكلما أنفقوا يحصلون على قدر اكبر من الطاقة و يستفيدون أكثر، مما يستوجب وقف ذلك إضافة إلى عدم تحقيق العدالة الاجتماعية لأنه يمنع توزيع الموارد باكفأ الطرق. ومتى يحين الوقت لاتخاذ الخطوات اللازمة فى ملف الطاقة ودعمها ؟ *إذا كنتم تريدون اجابة واضحة عن متى يتم ذلك مثلا هل تكون قبل الانتخابات الرئاسية أم بعدها، أو قبل الانتخابات البرلمانية أم بعدها ، قبل تشكيل حكومة جديدة أو بعدها ، لايمكننى القطع بموعد محدد .. فللأسف الشديد فمنذ عام 1977 وأحداث ما أطلق عليها البعض « أنتفاضة الحرامية» وحتى الحكومات المصرية المتعاقبة فإن الكثيرين يخشى الدخول فى هذا الملف أو عش الدبابير لهذه المشكلة والقلق الأساسى هنا من ردود الأفعال ، والقرار فى شأن دعم الطاقة يجب أن يكون بإجماع مجلس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية بالإتفاق مع مؤسسات الدولة المعنية .. وقد يجد البعض ذريعة لتأجيل القرار والهروب منه،وأؤكد أنه بمنتهى الصراحة والأمانة أن مسئولية حكومة المهندس إبراهيم محلب بالذات هو اتخاذ ذلك القرار لأنه لا يوجد ظروف أفضل لذلك وخاصة لأنها حكومة مؤقتة ولا اعتقد أن أحدا من وزرائها له طموحات مستقبلية مما يستوجب تحمل مسئوليتنا واجرنا على الله لأن تأجيله يزيد المشكلة مع مرور الوقت وتتفاقم وتزداد صعوبة حلها وتكاليف تحملها . الا يوجد إذا إجماع داخل الحكومة على التنفيذ؟ *للأسف لا يوجد إجماع فهناك من يؤيد القرار ومن يرفض ذلك الآن، أما وجهة نظرى على وجه العموم عندما اجد مشكلة لا أهرب منها ولكن لابد من مواجهتها اليوم قبل غد ولا أؤجل القرار لأنى لا أعتقد أن الزمن جدير بحل المشكلة ، فالمشكلة يجب مواجهتها بكل أمانة و جرأة وكل صدق فلا يجوز أن نلقى العبء على الاجيال القادمة. ولكن يجب أنه نراعى أنه عند الحديث عن منظومة الدعم فيجب التأكد الا تمس محدودى الدخل ، لكن المشكلة أن الدعم بوضعه الحالى وطريقة توزيعه تجعله يتسرب الى جيوب غير مستحقيه بشكل عام ، وبالتالى أريد تغيير منظومة الدعم بالقطع بحيث تكون الأسعار وفقاً للاستهلاك ، مثل ما حدث فى غاز المنازل حيث حمى محدودى الدخل وحمل القادر العبء الأكبر ، فنحن فى مرحلة على جميع المصريين تحمل القسط العادل من التكلفة التى يجب دفعها لإصلاح الوضع الاقتصادى والاجتماعى والسياسي. وما هو الموقف فى استخدام البدائل غير التقليدية للطاقة فى علاج او على الأقل التخفيف من حدة الأزمة ؟ الأمر المؤكد أن مصر تواجه أزمة طاحنة فى الطاقة لدرجة أن هذه الأزمة أصبحت تمثل قيدا على التنمية الصناعية بل على التنمية الاقتصادية على وجه العموم، وبالتالى يجب حل المشكلة ولكن هناك مشكلة أخرى أساسيا يجب الحديث عنها أولا وهى أن الحكمة والاحتياط يتطلب ألا نعتمد على مصدر واحد فى الطاقة بل يجب أن ننوع من المصادر فالطاقة سلعة إستراتيجية وبالتالى يجب ألا نعتمد على مصدر واحد فيها، فالتنوع فى مزيج الطاقة فى مصر متمثل فى الاعتماد على البترول ومشتقاته بنسبة 96% و3% مياه مولدة من السد العالى و1% فحم فى صناعة الحديد والصلب وفحم الكوك وخلافه، وهذه التوزيعة فى منتهى الخطورة لأنه فى حالة أرتفاع أسعار البترول والغازبدرجة كبيرة فقد نواجه مشكلة، أو نكون بحاجة لإستيراده ثم نواجه صعوبات فى هذا المجال نتيجة ظروف طارئة سياسية أو جغرافية أو بيئية أو أى سبب آخر تجعلنا غير قادرين على الإستيراد على سبيل المثال، فيجب أن تتعدد مصادر الطاقة ففى أى دولة إداراتها سليمة تتنوع مصادر طاقتها. وثمكن ان تكون النسبة مثلا فى حدود 25% مصادر طاقة جديدة ومتجددة و25% مصادر نووية 25% مصادر تقليدية وهكذا. ومتى يمكن أن نبدأ فى تنويع مصادر الحصول على الطاقة فى مصر ؟ *يجب البدء النهاردة فورا فى ذلك لكن يجب أن نضع فى اعتبارنا أن ذلك سيأخذ وقتا، مع مراعاة أنه حتى نجذب مستثمرين للاستثمار فى الطاقة الشمسية والرياح لابد من توافر عاملين أساسيين الأول أن تحدد وزارة الكهرباء سعر شراء هذه الطاقة وثانيا أن نضع فى اعتبارنا أن ذلك مرتبط بحل مشكلة الدعم بإيجاد سعر عادل للشراء، وكل هذه الموارد ستأخذ وقتا لتنميتها، بالإضافة الى أن هناك بترول وغاز يتطلب زيادة إنتاجه عن طريق الاستثمار فى البحث والاستكشاف وتنمية الحقول الموجودة حيث نمتلك مخزونا ضخما من الغاز فى الدلتا والبحر المتوسط وستتم الاستفادة منه بدءاً من عام 2017 بإيجاد الحوافز حتى تأتى الاستثمارات ، أما اليوم عندما يتقدم مصنع بطلب استثمار وإنتاج لازم ارسله للهيئة العليا للطاقة وتعقد اجتماعاتها وأشرح أن المصنع الفلانى يحتاج طاقة كذا متر مكعب من الغاز وكذا متر سعة من الكهرباء ولا استطيع الموافقة على طلبه إلا بعد رد الهيئة العليا للطاقة بحضور وزيرى الكهرباء والبترول وهذا قيد ولابد من حل هذه المشكلة . وماذا عن استخدام الفحم فى صناعة الأسمنت؟ *من الأفكار التى طرحت كان استخدام الفحم فى صناعة الأسمنت وعندما نتحدث عن صناعة الأسمنت بالتحديد فإن ذلك لايرجع إلى أننا تحت سيطرة لوبى الأسمنت أو أصحاب مصالح فى هذا المجال ولكن ببساطة لأنه فى صناعة الاسمنت، فإن الفرن يتم خلاله فرن حرق الفحم ويدخل فى خلطته وتكوينه خاصة الأسمنت المقاوم للماء ، والانبعاثات الناتجة عن استخدام الفحم قليلة للغاية، ومع وضع معايير ملزمة واشتراطات بيئية صارمة يتم تلافى أى مخاطر فى هذا المجال ، بالإضافة الى أنه فى صناعة الأسمنت فى معظم دول العالم المنتجة للأسمنت . حتى أن دولة مثل ألمانيا وهى من أكثر الدول محافظة على البيئة وبها أقوى حزب يدافع عن البيئة هو حزب الخضر فإن 85% من المنتج منه بطاقة من الفحم كأحد البدائل للخروج من استخدام الطاقة النووية ،وقد قمت بزيارة لمصنع أسمنت فى قلب مدينة سكنية إيطالية يستخدم الفحم حتى اتعرف على تأثيره على البيئة والانبعاثات الناتجة منه فلم أر شيئا وذلك باستخدامه سبلا تكنولوجية حديثة لمعالجة الانبعاثات وآثارها على البيئة وهى مطابقة فى العالم كله. وما الموقف النهائى والرسمى للحكومة من استخدامه ؟ ومتى يبدأ؟ *قولا واحداً الموافقة على استخدام الفحم فى صناعة الأسمنت بالإجماع 100%، ويبدأ فور إعلان الاشتراطات البيئية، ويجب معرفة أننا فى سباق مع الزمن ويجب حل جميع المشاكل اليوم قبل غد، ويجب اتخاذ القرارات الصعبة فورا لأن كل يوم يمر يمثل خسارة وعلى الاقتصاد المصرى بصفة أساسية فيجب استخدامه كحل مرحلى كأحد الأساليب البديلة لاستخدام الطاقة حيث أن المتطور التكنولوجى الهائل فى هذا المجال قد ساهم فى تخفيض الاثار البيئية الضارة للفحم بدرجات كبيرة . ما هى أهم الأساليب المستهدفة لتطوير الصناعة المصرية وحل مشاكلها ؟ *الوزارة تعمل على النهوض بالصناعة المصرية ونموها وتطوير جميع المناطق الصناعية من خلال عدة محاور اساسيةتشمل توفير الأراضى المرفقة للاستثمار الصناعى وبأفضل الشروط على مستوى الجمهورية وخاصة فى الصعيد والاستفادة من الفرص والإمكانات والثروات الطبيعية والتعدينية المتاحة بالمحافظات وتقديم التيسيرات والمساعدة اللازمة لإزالة كل التحديات التى تواجه المستثمرين لإنشاء مشروعاتهم الصناعية التى تسهم فى توفير فرص عمل حقيقية، وإقامة التوسعات اللازمة، فقد تم تخصيص 1.5 مليار جنيه لصندوق ترفيق ودعم وإنشاء وتطوير المناطق الصناعية التابع للوزارة لاستكمال أعمال البنية الأساسية من شبكات الطرق والكهرباء والمياه ل 35 منطقة صناعية فى 22 محافظة ، ونسعى لتوفير الطاقة بجميع مصادرها ورفع مستوى مواصفات المنتج المصرى حتى يتمكن من المنافسة فى الأسواق العالمية والوقوف فى وجه المنافسة مع الواردات الأجنبية . مع العمل على حل مشاكل المصانع المتعثرة . وكيف نستطيع أن نوفر حماية عادلة للمنتجات المصرية خاصة بالنسبة للمشتريات الحكومية.. خاصة أن هناك العديد من القرارات التى صدرت من قبل وتعطى الأولوية لهذه المنتجات ومع ذلك لاتنفذ؟ *سوف نتقدم بقانون لمجلس الوزراء خلال الأسبوع المقبل لحماية المنتج المصرى ، لأنه طوال السنوات الماضية صدرت العديد من القرارات الوزارية ولرئيس الوزراء تمنح أولوية لشراء المنتج المصرى فى إطار المناقصات والعقود الحكومية «المشتريات الحكومية» وللأسف هذه القرارات لم تنفذ وظلت حبرا على ورق بسبب أنه لا توجد عقوبة لمن يخالف تلك القرارات ، فوجدنا أن بعض المسئولين فى العديد من المؤسسات الحكومية والهيئات العامة وغيرها كثيرا ما يجدون مبررا لشراء المنتج الأجنبى أو استيراده على أساس المواصفات والجودة مما أوجب أن يكون هناك قانون لحماية المنتج المصرى ومساندته لا قرارات فقط. وما أهم ملامح مشروع قانون حماية المنتج المصري؟ *يتضمن القانون أن المنتجات أو السلع المراد شراءها إذا كانت متوفرة فى مصر بذات الجودة والسعر المناسب يتم إعطاء الاولوية لها حتى لو كان سعرها أعلى قليلا فى حدود لاتزيد على 15% عن مثيلها من المنتجات الأجنبية. فالافضلية تعطى للمنتج المصرى لتشجيعه وحمايته وبالتالى تشجيع العمالة المحلية التى تنتج هذه السلع والمنتجات فى مصر ، والجديد فى مشروع القانون هو العقوبة فى حالة المخالفة حيث تفرض عقوبة جنائية مالية حسب جسامة الفعل وعقوبة تأديبية تصل إلى حد عزله من وظيفته للموظف المتجاوز عن عمد أو إهمال أو تقديم معلومات خاطئة مشكلة توفير الأراضى المرفقة للصناعة من اهم الصعوبات التى تؤثر سلبا على جهود التنمية الصناعية فكيف ستتم مواجهتها ؟ *تقدمت بمذكرة لوزير الإسكان طلبت فيها عرضها على هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لتنظيم عملية العلاقة بين هيئتى التنمية الصناعية والمجتمعات العمرانية فى تخصيص وتوزيع الأراضى الصناعية ، بحيث يكون هناك تفويض من المجتمعات العمرانية للتنمية الصناعية فى كل ما يخص عملية التخصيص والتوزيع وتحصيل القيمة وتوريدها لصاحب المال»المجتمعات العمرانية» بعد خصم جزء كرسوم إدارية ، وبالتالى تصبح هيئة التنمية الصناعية هى التى تخصص وفق معايير محددة ولصناعات محددة لتحقيق وفرة المصانع التى تعمل فى نفس المجال ، والموافقة أيضا للمصانع الحالية على التوسعات ، والجديد فى الأمر والمهم أننا أخذنا قراراً فى مجلس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة يعطى للمستثمر خيار بين شراء الأراضى الصناعية وحق الانتفاع بحيث يمنح حق الانتفاع بأسعار، فبالنسبة لحق الانتفاع فى المناطق الصناعية فى بحرى والإسكندرية وخلافه سيكون سعر المتر 5 دولارات سنويا تزداد بواقع 5% سنويا لمدة 30 سنة ، وفى الصعيد سيكون 2 دولار للمتر سنويا تزد بواقع 5% سنويا وبنفس المدة النهائية ، أما بالنسبة للبيع فلم يقرر حتى الآن بهدف تشجيع المستثمرين على حق الانتفاع لعدم تحملهم العبء الاستثمارى فى بداية المشروع بأسعار الأرض، وهناك لجنة مشكلة داخل مجلس الهيئة برئاسة المهندس الدكتور سمير الصياد وزير الصناعة السابق للعمل على مصالح الصناع والمستثمرين، بالإضافة إلى لجنة برئاسة رئيس البنك الأهلى المصرى هشام عكاشة لتسهيل تمويل البنوك للمشروعات بحق الانتفاع.