في كلمته بمناسبة عيد تحرير سيناء أكد الرئيس المستشار عدلي منصور أمس أن حقبة البناء والتنمية المقبلة تحتاج إلى تخليص سيناء نهائياً من براثن الإرهاب الذي لا يضمر لهذا الوطن سوى الشر والسوء. وقال إن الإرهاب يستهدف تقطيع أوصال الوطن وتفتيت وحدة أبنائه لكن مصر التي بذلت الغالي والنفيس لاستعادة الأرض تعاهد الله أنها, وبالتعاون مع أبناء سيناء الشرفاء, ستجتث هذا الإرهاب من أرض سيناء دون رجعة محققة النصر على من لا دين ولا وطن لهم.. وعلى من يوفرون لهم التمويل والمأوى. وشدد منصور فى حديثه عن القوات المسلحة والشرطة على أن ثقة الشعب كاملة فى حفاظكم على العهد, والأمانة الغالية فتلك الأرض الطيبة التى قدم لها المصريون التضحيات على مر الزمان, ستصبح فى القريب العاجل آمنة مستقرة، مؤكدا أن نصر الله آت قريب.. لا ريب فيه.. طالما خلصت النوايا .. وصدق العمل. وقال إن مصر بحاجة ملحة إلى مشروع قومى شامل لتنمية سيناء لا يترك ميزة حبا الله سبحانه وتعالى بها هذه الأرض الطيبة, إلا حافظ عليها ونماها ووظفها فى مكانها الصحيح للاستفادة من خيراتها, بدءا من سواحلها الممتدة على البحرين المتوسط والأحمر بكل ما تحويه من كنوز, ومرورا بأرضها الزاخرة بالثروات والمعادن, ووصولا إلى ربطها بمشروع تنمية محور قناة السويس الذى لن يقتصر على أعمال الشحن والتفريغ وإنما سيمتد ليشمل الاعتماد على القيمة المضافة وإعادة التصدير وإيجاد ظهير من المناطق الصناعية والمراكز التدريبية والمجتمعات العمرانية بما يوفر فرص عمل لشباب سيناء ومدن القناة لنمد يد العمران والتحضر إلى سيناء تسهم بشكل فعال فى تنمية الوطن كجزء عزيز منه ولا يتجزأ عنه. وأكد منصور أن مصر لم ولن تتهاون يوماً فى حق لها كما أنها لن تتهاون فى حق عربى أو تفرط فى أرض عربية مشددا على أن القضية الفلسطينية ستظل فى مقدمة أولويات سياستنا الخارجية وصولا إلى تحقيق السلام العادل والشامل. وشدد على أن سيناء أرضٌ مصرية, لا مساس بشبر واحد من أراضيها.. ولا مستقبل لاستيطان مغتصب للأرض الفلسطينية .. ولا للمساس بالقدس الشريف .. ملتقى الأديان السماوية.. ومعبر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فى رحلة الإسراء. كما شدد منصور على أن مصر تعى ارتباط أمنها القومى بأمن واستقرار الشرق الأوسط وبأمن الخليج العربى والبحر الأحمر ومنطقة المتوسط والأوضاع فى الدول الإفريقية لاسيما السودان ودول حوض النيل.. مجددا تأكيد أن مصر لن تسمح بتهديد أمنها القومى ولن تسمح لأى قوى تسعى لبسط نفوذها أو مخططاتها على العالم العربى بأن تحقق مآربها. واستعرض خطوات تحرير الأرض فقال لقد جاء شهر يونيو عام 1967 ليشهد احتلال أجزاء غالية من الأراضى العربية، ومنها سيناء .. أرض القمر والفيروز .. هذا الجزء الاستراتيجى من الأراضى المصرية.. همزة الوصل، التى تضيف إلى مصر الإفريقية انتماء آسيويا يعزز من وشائج صلاتها بدول الوطن العربى فى قارة آسيا، وكما حملت هذه النكسة للشعب المصرى آلاماً، فإنها زادت فى نفوس المصريين الإصرار والعزيمة لاستعادة الأرض؛ فبدأت حرب الاستنزاف، التى شهدت عمليات عسكرية واستخباراتية باسلة.. استنزفت قوى العدو، ومهدت الطريق لنصر أكتوبر العظيم. وأوضح ان مسيرة استعادة سيناء بالحرب، ثم بالتفاوض تمثل ملحمة وطنية رائعة.. مصدر فخر للأمة المصرية، التى ضربت مثالا فى الإصرار على الثأر للكرامة الوطنية، والتمسك بالحفاظ على التراب الوطنى .. ستظل هذه الملحمة علامة مضيئة فى تاريخ شعبنا العظيم منبعاً تنهل منه الأجيال القادمة معانى العزة والكرامة، وصيانة أرض الوطن عملا ملموسا، وليس قولا أجوف مشيرا إلى أن أحد أهم مظاهر عظمة هذه الملحمة يتجلى فى بلورة معانى الوحدة الوطنية، فعلى أرض سيناء الطاهرة اختلطت دماء مسلمى ومسيحيى مصر لتحرر كل شبر من هذه الأرض .. لقد ضربت معركة استرداد سيناء، ومن بعدها استعادة طابا، مثلا لتكامل القدرات المصرية العسكرية والدبلوماسية والقانونية، فلا حق دون أن تصونه قوة، ولا قوة دون أن يوجهها عقل راجح قادر على تحديد وتوظيف أدوات الدولة، وعناصر قوتها للحفاظ على أمنها القومي، واستعادة حقوقها المسلوبة كاملة غير منقوصة، دونما تفريط فى حبة رمل واحدة من أرض وطننا الحبيب. وأضاف ان مصر ما بعد ثورة 25 يناير المجيدة، وما حملته من آمال وتطلعات، وثورة 30 يونيو، التى جاءت لتعيد إحياء آمالنا وتطلعاتنا مُصوبة مسيرة الوطن .. هى مصر جديدة تتطلع إلى مستقبل مشرق لها ولأبنائها، وتدرك ما يواجهها من تحديات، وعلى قدر إدراكها يأتى استعدادها لمواجهة هذه التحديات بإرادة صلبة، وعزم لا يلين، وتصميم على المضى قدما بمسيرة هذا الوطن مستعينين بالله تعالى على ما سيواجهنا من مصاعب ليهدينا سواء السبيل، وليعيننا على التغلب على دعاوى الإحباط والتشكيك، وأؤكد أنه لا بديل عن العمل الجاد تحقيقا لتطلعاتنا نحو حياة كريمة، وعدالة اجتماعية محققة، وكرامة إنسانية مصونة. وأستطرد : أقول لكم ونحن نحتفل بذكرى تحرير سيناء .. إن ثقتى فى قواتنا المسلحة دون حدود .. جيش وطنى موحد .. صخرة الوطن، التى انكسر عليها كل من سولت له نفسه تدنيس تراب مصر الطاهر.. تحية لرجال قواتنا المسلحة البواسل، وتحية لكل من أسهم فى معركة تحرير سيناء حرباً وسلاماً، وتحية لكل من بذل دما زكيا، أو قطرة عرق طاهرة، أو اقترح أو نفذ فكرة بارعة أسهمت فى تحطيم أساطير كان يروج لها .. تحية لأرواح شهدائنا، وأمجاد وبطولات أبنائنا .. سيظل هذا اليوم بإذن الله.. يوم عيد لكل المصريين .. تخليداً لذكرى النصر، والسلام القائم على الحق والعدل، وبرهاناً على قوة العسكرية المصرية، وبراعة الدبلوماسية المصرية فى الحفاظ على تراب هذا الوطن وصون كرامته، ومنبع عز، ومصدر فخر لأجياله القادمة.