على مر العصور والأيام اعتاد الشعب المصرى بأقباطه ومسلميه على الاحتفال معا بالأعياد والمناسبات، فى مشاركة وجدانية ممزوجة بالحب حيث يتبادلون الهدايا والتهانئ فى صورة رائعة. كل هذه المعانى الجميلة نجدها فى التراث القبطى الذى لا يخص فئة معينة فى مصر ، لكنه تراث لكل المصريين فهو جزء مهم من نسيج التاريخ المصرى هذا التاريخ به موروثات شعبية قديمة استمرت حتى الآن . فى البداية يقول الدكتور لؤى سعيد مدير مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية إن جميع الأعياد القبطية مرتبطةبتواريخ محددة ماعدا « أسبوع الآلام « له حسبة خاصة لاهوتية معقدة مرتبطة بالحساب «القبطى» يتم فيه تحديد موعد الصوم الكبير ( 55 يوما ) لذلك يختلف هذا العيد عن باقى الأعياد القبطية. وأضاف لؤى أن المواطن المصرى بطبيعته يحب دمج الموروث الثقافى القديم مع الفكر الدينى المسيحى الذى اعتنقه منذ القدم، فنجد أن المصريين حرصوا فى كل احتفالاتهم الشعبية على أن تتميز بأكلات مختلفة على مدار السنة سواء عند المسلمين أو المسيحيين . ونرى هذا بشكل واضح فى» أسبوع الآلام « الذى بدأ منذ أسبوع ويبدأ ب»أحد الشعانين» وهى كلمة عبرية تعنى «يارب خلصنا» أو أحد السعف وهو الأحد السابع من الصوم الكبير والأخير قبل عيد الفصح أو القيامة ,وهو ذكرى دخول المسيح إلى مدينة القدس أو أورشليم ، وسمى بهذا الاسم لاستقبال أهالى المدينة له بسعف نخيل والزينة كنوع من الفرح والبهجة بقدومه، لذلك أصبح سعف النخيل من الموروث الشعبى الذى يحرص عليه الأقباط كمظهر أساسى للاحتفال بهذا اليوم حتى الآن. وأوضح مدير مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية أنه خلال هذه الأيام يجمع الناس سنابل القمح وأوراق النخيل من الأراضى الزراعية، ليبدأوا فى غزلها بأشكال مختلفة ، وتختلف من منطقة لأخرى،ويكشف الدكتور لؤى عن أن الكتابات التاريخية تؤكد أن مظاهر الاحتفالات كانت دائما مشتركة بين الأقباط والمسلمين فى مصر وهو ما ذكره المَقريزى عن أحد الشَّعانين فى كتابه، أن الأقباط كانوا يخرجون من كنائسهم حاملين الشموع والصلبان وراء كهنتهم، ويسير معهم المسلمون أيضاً، ويطوفون الشوارع وكان الحاكم يضرِب “ صكوك” عملة ذهبية لتوزع على الناس. وقال إن المؤرخ أبو المكارم بن جرجس ذكر أنه حدثت أحيانا مشكلات ومضايقات فى أثناء خروج الموكب بالشوارع فتوقف الاحتفال لمدة 15 عاما، ثم قام بعض الأقباط بالشكوى إلى الوالى الذى وافق على إعادة الاحتفال مرة أخرى وإرسال حراسة خاصة لهذا الموكب والقبض على أى أحد يلقى بالحجارة عليه ومعاقبته عقابا شديدا . ويشير الدكتور لؤى إلى أن أربعاء أيوب هناك رأيان عن هذا اليوم الأول :تتبناه الكنيسة وهو أن هذا الاحتفال استعاده لذكرى آلام النبى أيوب الذى ترمز قصته لقصة السيد المسيح، أما الرأى الثانى فهو موروث شعبى قديم يرى أن النبى أيوب شفاه الله من جميع الأمراض فى يوم الأربعاء بعد اغتساله بنبات قديم اسمه «الرعرع» ، لذلك كان يحرص الأقباط والمسلمون على الاغتسال فى ماء النيل بهذا النبات ، كما يطلبون الشفاء من جميع أمراضهم بمعنى التخلص ليس فقط من الأمراض ولكن من كل الذنوب. ويكمل مدير مركز الدراسات القبطية قائلا : فى يوم سبت النور هناك عادة شعبية هى تكحيل العين خاصة للأطفال فى الريف ، وهذه العادة لها تفسيران : عقائدى وهو أن سبت النور يفترض فيه أن المسيح سيعود للحياة مرة أخرى فتكحيل العينين هو رمزية إلى إعادة النور للعينين ، والثانى : عملى هو أننا فى موسم خماسينى والتكحيل يحمى العينين من الأتربة والأمراض ، وينتهى أسبوع الآلام بالنسبة للأقباط ثم يأتى يوم شم النسيم وهو ليس عيدا مستقلا بمعنى أنه يأتى ثانى يوم عيد القيامة . وفى النهاية يؤكد الدكتور لؤى سعيد أننا لدينا فى هذا العيد أشياء تشير إلى أن عادات المصريين لها صدى قديم من المؤثرات والمواريث المرتبطة بالأجيال تمارسها حتى اليوم ، وأن المصرى يحاول توظيف الموروث القديم بشكل جديد يتفق مع عقيدته.