بوتين: ليس لنا أهداف قرب خاركوف ومهاجمة قواتنا القريبة منها ستكلف كييف ثمنا باهظا    مدفعية الاحتلال تواصل استهداف شرق دير البلح ومخيم المغازي وسط قطاع غزة    صراع الصدارة والقاع.. موعد مباراة الأهلي والداخلية في الدوري الممتاز    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    نتنياهو يرد على انتقاد البيت الأبيض له بعد تصريحاته حول تأخر الأسلحة الأمريكية    الأوقاف تفتتح 5 مساجد.. اليوم الجمعة    حلمي طولان: إمام عاشور رقم واحد في مصر.. وربنا يجازي اللي كان سبب رحيله من الزمالك    «زي النهارده» في 21 يونيو 2001.. وفاة السندريلا سعاد حسني    الخارجية الأمريكية تطالب إسرائيل بتجنب المزيد من التصعيد في لبنان    بثنائية ألفاريز ولاوتارو.. الأرجنتين تبدأ حملة الدفاع عن لقب كوبا أمريكا بالفوز على كندا    طقس اليوم شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 38    إسقاط التهم عن طلاب بجامعة كولومبيا اعتقلوا في احتجاجات مناصرة لغزة    هدايا عيد الأب 2024.. تعرف على أجمل الأفكار    منظمة الصحة العالمية تحذر من أدوية مغشوشة لمرض السكري    الزعتر البري.. فوائده في مكافحة السرطان واستخدامه في التحنيط عند الفراعنة    تطوير عقار جديد يدمر خلايا السرطان ذاتيا.. تفاصيل    زيلينسكي يعلن العمل على تحويل أوكرانيا إلى الطاقة الشمسية    «أنا سبب المشكلة».. شوبير يكشف مفاجأة بشأن الصلح بين الخطيب وتركي آل الشيخ    ووكر: يجب أن نرفع القبعة للهدف الذي استقبله شباك منتخبنا إنجلترا    كاف يحسم مكان السوبر الأفريقي بين الأهلي والزمالك خلال ساعات    لو عندك امسحه.. الولايات المتحدة تحظر برامج مكافحة فيروسات شهير    القس دوماديوس.. قصة كاهن أغضب الكنيسة ومنعه البابا من الظهور بالإعلام    سعر الدولار اليوم والعملات العربية والأجنبية أمام الجنيه الجمعة 21 يونيو 2024    أميرة بهي الدين: تنبأت بعدم بقاء الإخوان بالسلطة الإ عام واحد فقط    سعر البصل والطماطم والخضروات بالأسواق الجمعة 21 يونيو 2024    التعادل السلبي يحسم الشوط الأول بين الأرجنتين وكندا فى افتتاح كوبا أمريكا    هل بيتعمل حساب ل الأهلي أكثر من الزمالك؟.. عضو اتحاد الكرة يجيب (فيديو)    بلا مشقة بالغة.. هبة عوف: الاستطاعة الصحية شرط أساسي للحج    بداية الكوبا وقمة أوروبية.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    إصابة 4 أشخاص من أسرة واحدة بتسمم غذائي في بنها    مشاجرة إمام عاشور داخل مول الشيخ زايد تشعل السوشيال ميديا.. التفاصيل الكاملة    مطرانية مغاغة والعدوة للأقباط الأرثوذكس تنعى عروس المنيا وتوجه رسالة إلى خطيبها    تجار البشر.. ضحايا فريضة الحج أنموذجًا    وزارة الأوقاف تُنظَّم برامج بهدف تعزيز الوعي الديني والعلمي والتثقيفي    ننشر نص خطبة اليوم الجمعة    الانتهاء من تفويج 10200 حاج سياحة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة    طريقة عمل البان كيك، زي الجاهز وبأقل التكاليف    أنت وجنينك في خطر، تحذير شديد اللهجة للحوامل بسبب الموجة الحارة    أسامة قابيل يكشف حقيقة وجود أعمال سحرية على عرفات    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان التشكيل الوزاري الجديد    الحبس وغرامة مليون جنيه عقوبة الغش والتدليس للحصول على بطاقة ائتمان    استشاري الطاقة الكهربية: من 2014 حتى الآن مصر أصبحت محور عالمي للطاقة الكهربية    تركي آل شيخ يروج لفيلم "جوازة توكسيك"    أول رد من حسام حبيب على التسجيل الصوتي المسرب له عن شيرين    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    البطريرك يلتقي عميد كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية في ليون    شاهد.. فرقة "أعز الناس" تشعل ستوديو منى الشاذلى بأغنية للعندليب    مصرع شخص إثر حادث مرورى بدمياط    إزالة 11 حالة تعدي على الأراضي الزراعية ومخالفات البناء بالغربية    السياحة: الانتهاء من تفويج 10200حاج سياحة من مكة إلى المدينة    تامر أمين عن وفاة الطفل «يحيى» بعد نشر صورته في الحج: «ربنا يكفينا شر العين» (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. إجراء 2.2 مليون جراحة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    عيار 21 يسجل رقما جديدا.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 21 يونيو بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    وحيد أبوه وأمه.. غرق شاب بقارب صيد أثناء عمله في أسيوط    الاحتلال يعلن اعتراض هدف جوى أطلق من لبنان    «مش بتاع ستات بس».. أحمد سعد يثير الجدل بسبب تصريحاته حول ارتداء الحلق (فيديو)    لعدم الاحتفاظ بالشهادة الصحية.. تحرير 17 محضرًا تموينيًا ب شمال سيناء    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصيب قريتي من الثورة والثروة
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 04 - 2014

من الممكن مؤقتاً صرف النظر عن معايير تقويم الثورات أي مدي نجاحها أو تعثرها أو فشلها في تحقيق أهدافها،
خاصة أن هذه المعايير تختلف وفقاً لطبيعة الثورات والعصور التي وقعت فيها وكذلك التقاليد الإيديولوجية والفكرية والسياسية، التي استلهمتها واستندت إليها كمرجعية، وذلك لا يعني بالتأكيد عدم أهمية هذه المعايير أو تجاهل قيمتها النظرية والمعرفية بل يعني بصورة أو بأخري الاقتراب من معايير ملموسة ومرئية وتمتاز بالطابع العملي الواقعي الذي يمكن ملاحظته ومشاهدته.
والمعيار المقصود هنا هو نصيب قريتي. كمثال يمكن تطبيقه علي جميع القري الممتدة بعمق الوادي والدلتا- من الثورة والثروة ومدي امتداد رياح التغيير إلي وجه الحياة في هذه القرية القابعة في عمق الوادي بصعيد مصر الأوسط.
في عام 1952 وبقيام ثورة 23 يوليو تلقت هذه القرية خبر قيام الثورة وطرد الملك وإنهاء الملكية وإعلان الجمهورية بقدر كبير من الاستبشار والترقب، وكان ثوار يوليو عند حسن ظن أهالي هذه القرية البسطاء، وإن هي إلا بضعة أشهر حتي توافدت علي هذه القرية الأنباء الحسنة التي طالما انتظروها طويلاً، ففي شهر سبتمبر من عام 1952 افتتحت أول مدرسة ابتدائية في القرية بعد أن كان «الكتاب» هو الطريق لمن يريدون استكمال رحلة تعليمهم أو بدئها، اتخذت هذه المدرسة من أحد المنازل مقراً لها، ورغم ذلك كان هذا التغيير البسيط، عميقاً في تأثيره مع الزمن، حيث وفد أبناء جيلي في القرية لتلقي تعليمهم في هذه المدرسة، وشهدت القرية حراكاً اجتماعياً ومدنياً، أفضي مع الزمن إلي تشكل فئة من المتعلمين والخريجين في مختلف التخصصات، والتحق العديد منهم بوظائف في جهاز الدولة التعليمي أو الإداري ومن بينهم كاتب هذه السطور، استفاد أبناء هذه القرية من مجانية التعليم في كل مراحله وارتادوا طرقاً أفضت بهم إلي أنماط جديدة للحياة والترقي بعيدة عن نمط الحياة الذي قاسها آباؤهم وأجدادهم في ظل الجمود والطبقية التي حكمت العلاقات الاجتماعية في الريف المصري.
مثلت هذه المدرسة في تاريخ القرية همزة الوصل بين الريف والمدنية، عبر أولئك الوافدين إليها للتدريس فيها، وأوجدت تطلعات جديدة لدي الأهالي عبر الرغبة في تعليم أبنائهم وتجنيبهم المصير البائس الذي اعترض حياتهم، كانت هذه المدرسة بداية نهاية عزلة الريف وانغلاقه علي نفسه وانفتاحه علي المدينة.
في موجات الإصلاح الزراعي الأول والثاني كان لبعض أبناء هذه القرية نصيب من تلك الأراضي، التي تم توزيعها وتجاوزت الحد الأقصي للتملك، وتحول هؤلاء من مجرد أجراء ومعدمين إلي منتفعين ومالكين لبضعة أفدنة يقومون بزراعتها وفلاحتها ويقيمون أودهم وأود أسرهم من عائدها ومحاصيلها، وكانت تلك أيضاً نقلة نوعية في حياة أولئك المستفيدين من قوانين الإصلاح الزراعي وتعمق انتماءهم للثورة وتعلقهم بها لإنهاء الظلم التاريخي الواقع عليهم، لقد أصبحوا مواطنين كما كان الزعيم الراحل عبد الناصر يخاطبهم ويطالبهم برفع رءوسهم.
أصبح للثورة آنذاك مرتكزات وقواعد اجتماعية في عمق الريف المصري، وفي وعي ووجدان المواطنين، الذين أنصفتهم الثورة وردت إليهم كرامتهم المفقودة، وأمنت لهم مصادر الرزق والتعليم لهم ولأولادهم، ذلك أن التغيير بعد ثورة 1952 لم يقف عند قمة النظام السياسي بل امتد إلي النظام الاقتصادي الاجتماعي وإعادة توزيع موارد الثروة المحدودة في ذلك الوقت، الثروة ليس بمعني المال بل بمعني حل المشكلات الإنسانية.
عرف أهالي القرية ولأول مرة في تاريخهم - الطريق إلي المياه النقية والنظيفة الصالحة للشرب، حيث تم توصيل هذه المياه النقية عبر محطة مياه مقامة في قرية مجاورة وتوقف الأهالي عن الشرب من الترع والقنوات والآبار، وقد اقترن ذلك بإقامة الوحدات الصحية في القري الكبيرة المجاورة.
كان لهذه التطورات الثلاثة ورغم بساطتها - في حياة القرية مفعولاً كبيراً وتأثيراً أكبر في حياة هذه القرية وطبيعة العلاقات فيها ومستقبلها.
منذ ما يزيد علي السنوات الثلاث، أي منذ ثورة 25 يناير عام 2011 وحتي الآن ماذا كان نصيب هذه القرية؟ لقد اكتفت القرية بتتبع مسار الثورة في موجاتها المتعاقبة عبر شاشات التليفزيون تعلقت قلوبهم بالثورة والأمل في موجة أخري من التغيير تستكمل ما سبقها في عملية تاريخية لتغيير وجه الحياة في القرية المصرية.
يعي أهالي القرية رغم بساطة التعليم والثقافة طبيعة الثورة المصرية في 25 يناير عام 2011 فهم لا يطمحون إلي أن تأخذ الثورة من الأغنياء لتعطي الفقراء كما فعلت ثورة 1952 ذلك أنهم يعلمون طبيعة العصر والظروف التي قد لا تسمح بذلك ولكنهم يطمحون في الحدود الدنية لشروط حياة صحية وآدمية وترجمة ذلك في امتداد شبكات الصرف الصحي إلي القري وامتداد الخدمة الطبية والصحية إلي قراهم بدلاً من اللجوء إلي المستشفيات الجامعية في أسيوط وغيرها من المدن وكذلك رصف الشوارع والطرق ووضع نظام للتخلص من القمامة بدلاً من إلقائها في مجري النهر وغيره من القنوات المائية المارة بقراهم، ويطمحون كذلك إلي اهتمام الدولة بالمشروعات الريفية والزراعية الصغيرة التي تؤمن للشباب أعمالاً وأجوراً وتؤمن للمنتجين مصادر للرزق مضمونة.
هؤلاء الأهالي يتعاطفون مع الثورة ويعلقون آمالهم عليها ويتطلعون إلي اليوم الذي تتمكن فيه الثورة من تحقيق العدالة الاجتماعية ولكنهم يرون ومعهم كل الحق أن معيار نجاح الثورة والموجات الثورية التي أعقبتها هو وصول ثمار الثورة ونتائجها إلي الريف وتمكنها من تغيير وجه الحياة فيه وتوفير الكرامة ضد العوز والفقر والحرمان لجميع أبناء الريف و دون ذلك سوف تظل الثورة في نظرهم مجرد هوجة في المدينة وبلغة هذه الأيام افتراضية علي شاشات التليفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي.
ولا يعني ذلك من قريب أو بعيد قياس الحاضر علي الماضي أو قياس ثورة 25 يناير علي ثورة 23 يوليو، فلكل ثورة طبيعتها وعصرها وروحها رغم أن القاسم المشترك في كل الثورات هو تغيير شكل الحياة نحو الأفضل.
لمزيد من مقالات د. عبد العليم محمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.