جاءت الفتوى التى أصدرتها دار الإفتاء أمس بتحريم التعدى على الأراضى الزراعية بالبناء قاطعة قول كل خطيب، ولطمة قوية لكل هؤلاء الذين أرادوا استغلال الانفلات الأمني، وضعف يد الدولة وهيبتها بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة، فى تبوير آلاف الأفدنة من الأراضى الزراعية التى تطعم ملايين المصريين، وتحويلها إلى مساكن أسمنتية، لتحقيق مكاسب مادية وإثراء سريع من وراء ذلك. فقد أوضحت دار الإفتاء أن التعدى على الأراضى الزراعية بالبناء لا يجوز شرعا، لأن ذلك يؤدى إلى ضرر عظيم قد يهلك به الإنسان والحيوان، وأن ذلك عكس مراد الشرع الذى حث على الزرع والغرس. وما يقوم به آلاف المصريين حاليا من تبوير الأراضى الزراعية، وإقامة كتل أسمنتية يطلقون عليها مساكن، بدلا من الزرع، يتناقض مع ما قاله رسول الله «صلى الله عليه وسلم»: «ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة»، وكذلك قوله «إن قامت على أحدكم القيامة، وفى يده فسيلة فليغرسها». بل إن الفتوى ردت على هؤلاء الذين يدعون أنهم إنما يبنون فى أملاكهم الخاصة، إذ قالت إن من يدعى أنه إنما يبنى فى ملكه أو أرضه الخاصة، قول مردود عليه، لأن الأمر الخاص الذى يؤدى إلى ضرر عام بالمجتمع يعد حراما. وذهبت الفتوى إلى أبعد من ذلك، عندما ذكرت أنه لو تضرر صاحب الأرض من عدم البناء وجب عليه تحمل الضرر الأصغر، مقابل دفع الضرر الأكبر. والواقع أنه لو استمرت عمليات الاعتداء على الأراضى الزراعية بالبناء عدة سنوات أخري، فإن مصر ستكون مهددة بالمجاعة كما يقول الخبراء بعد أن بلغت حالات التعدى على الأراضى الزراعية، نحو مليون و138 ألف حالة تعد حتى الآن، وفقا لأرقام وزارة الزراعة. ومن المؤكد أن فتوى دار الإفتاء سوف تسهم كثيرا فى وقف حالات التعدى على الأراضى الزراعية، ولكن يتعين أن تكون يد الدولة قوية فى تطبيق القانون وحماية مستقبل حياة المصريين. لمزيد من مقالات رأى الاهرام