ماذا يفعل المرء.. حين يشوش عقله وفكره.. لينطبع علي سلوكه ومظهره..؟ إلا أنه قد يكون في ذلك التشويش والارتباك.. الدليل القاطع علي ملامح تلك الشخصية وماهيتها, وكما لو كان الله يريد أن يكشف خداعها!! ففي فضح نفسها إنما هو من عند الله. هناك من يضعون الأقنعة ويتسترون وراءها, وهناك من لا يعرفونها البتة. فتظل دنياهم شريفة وساحتهم ناصعة البياض.. شيمتها القوة والكبرياء لأن معدنها وجوهرها هو الشرف, وصدق العهد والوعد والإيمان بالنفس وبالله وبالوطن عن حقيقة ويقين كامل.. لا يشوبه أي تزييف.. ومصر قدر لها أن يكون من بين أبنائها الكثيرين.. قدر لها أن تظل تحارب النفوس الضعيفة من داخلها قبل خارجها.. ولكن يعز عليها أن يكون أحد أبنائها من هؤلاء الذي يساعدون علي محاولة النيل. وإن كانت فاشلة منها.. والذي أبدا هو درب من المستحيل.. ذلك بأبنائها الأوفياء الشرفاء الأخرين.. الذين سوف يضربون وينهشون من تسول لهم أنفسهم الاقتراب من كيان مصر ورمزها.. وإذا كان من حق أي مواطن أن يقوم بترشيح نفسه طبقا للمادة76 من الدستور وإذا كان هذا في خطاب مباشر وصريح من الرئيس مبارك. وإذا كان ذلك يعني أن هناك تجربة ديمقراطية خطيرة تجري علي أرض مصر, لم تكن لها سابقة في تاريخها الطويل.. إنما هي تأكيد لإرادة الشعب في اختيار زعيمه وإن كانت في هذا العهد في الوقت الراهن محسومة ومن الشعب وبكامل إرادته.. عن قناعة كاملة عميقة تماما.. إلا أنه من المؤسف أن يطفو علي السطح القليل من الغبار الذي يعكر صفوها.. صفو ذلك النيل العذب الحلو.. الذي من شرب منه.. لابد وأن يكون مثله في عطائه ووفائه علي الدوام.. وإذا كنا فرحنا في يوم من الأيام بأحد أبنائها بل وغيره من أمثاله السابقين.. الذين رفعوا رايتها عالية شامخة في انتصار علمي.. والذي لولا راعيها وولي أمرها.. فهو الذي أعطي لكل مصري خارج مصر شرف الوصول إلي ذلك التفوق العالمي.. لما وصل ولما نجح ولما كان.. نعم إنه بفضل راعيها وولي أمرها.. وعلينا أن نتذكر ذلك أنه بعد فضل الله ومشيئته.. بعد حرب الكرامة حرب اكتوبر المجيدة..التي كانت ضربتها الاولي بفضل ذلك البطل.. هذا ما كان قد أشاد به الرئيس السادات في تسجيلات كثيرة مسموعة ومرئية.. وخاصة في مجلس الشعب.. يوم رشح صاحبها ليكون له نائبا.. ليس من فراغ.. وإنما كان يعني ذلك مدي كفاءة تلك الشخصية في اتخاذ القرار وتحمل المسئولية وتبعاتها فكانت خطوة مدروسة في لحظة في فرصة موفقة من شخصية واعية.. فكما قلنا إنه تاريخ مكتوب.. بل وواقع عشناه.. وإنما لأنه إعتزاز بذلك النصر.وما استتبعه من احد النجاحات وهو وصول البعض إلي قمم علمية عالمية ولكن هل معني ذلك أن يكون لأي من الحاصلين علي درجة التفوق العلمية هذه, أو تبوأ مكانة عالمية أيضا كهذه.. مهما ارتفع شأنها.. أن يبحث عن مكافأة لنفسه بالحلم بزعامة هذا الوطن.. منطق غريب ومريب.. فمن المفروض أن هؤلاء علي درجة عالية من الثقافة والمعرفة.. فضلا عن الذكاء.. والعالمية حين تضيف إنما تضيف إليهم الوفاء.. المفترض وجوده أساسا وإنما هي تعمقه.. نعم فهذا هو ما تحتاج إليه مصر أم الدنيا.. وشعبها. إن مجال زعامة الوطن والخبرة المطلوبة والعطاء المشهود.. يختلف تماما عن العالمية بكل تفاصيلها.. من خبرة أو سيرة ذاتية.فتلك الزعامة التي لابد وأن تكون معجونة بالتراب المصري.. بعد عطائها لها في مجالات انتصارات مشهودة.. أعطي سائر عمره.. اختلطت دماؤه بمعاناة وآلام وتضحيات وآمال ذلك الشعب.. عاش بين دهاليزه قبل الوصول إلي قمته.. فأصبح له الخبرة التي تؤهله أن يكون المتحدث الرسمي بلسانه! نائبا عنه! عايش فرحه وعاش ألمه.. وهذه العلاقة الحميمة لم تولد.. ولن تولد في يوم وليلة ولا في عام ولاحتي في عامين بل هي رحلة عمر طويلة. معني ذلك أنه لا ينفع أن يكون زعيم وطن بدون هذه السيرة مهما ارتفع شأنه عالميا.. لبعده عن تلك الأرض بشعبها.. لم يمد يده في يوم من الأيام كي يرفع عنها قدرا ولو بسيطا من الآلام.. وإنما كان خارج الوطن يبحث عن ذاته.. ذاته فقط.. وإن كان هذا ليس عيبا!! أين ولاؤه ووطنيته في خدمة الوطن بما قدم في مجال خبرته؟ ببساطة لأن هذا هو الذي يعرفه ويفهم فيه بالطبع.. مجال تخصصه!! أين ذكاؤه في خدمة وطنه في تلك الجزئية وهي مثلا: إرساء قاعدة نووية سلمية.. واضعا خبرته تحت أقدام مصر.. امتنانا واحتراما.. ووفاء.. وحبا..حتي في هذه اللحظة والتي قد نتجاوز فيها عن اية نقاط سوداء, نخدع انفسنا في تاريخ اي من هؤلاء العلماء محاولين تناسيها كتلك التي وصمت تاريخ وجبين احدهم الذي كان يعمل امينا سابقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية حيث كان معول هدم للعراق بادعائه عليه بحيازة اسلحة الدمار الشامل وما حدث كان كذبا وتضليلا وبعد الحرب اعلنت امريكا بنفسها عدم الاستدلال علي تلك الأسلحة. وكي يحرم علي مصر وطنه.. حقها فيه.. رغما عن أنفه؟.. فإن لم يكن ذلك مريبا..!! أو لأنه يعلم.. كذا وكذا.. ولكن المحزن.. هو اضاعة الوقت.. فكم تحتاج مصر إلي كل لحظة من لحظات ابنائها.. مواطنين وعلماء.. وعاملين.. وأحزاب.. وكل نفس فيها.. وحين أركز علي صاحب أي قيمة علمية لأننا كنا نتمني أن تكون تلك القيمة اضافة فطنة كيسة عاقلة لمصر.. ولا تكون.. في خلل الصورة الهزلية المضحكة الأليمة.. فالمتفوق لا يمكن أن ينجح إلا في مجال معرفته وخبرته التي قضي فيها عمره.. هذا بالمنطق البسيط الذي يحكم عقلية وفكر الطفل الصغير.. فما بال العالم.. أين هو من عطائه ورد الجميل بعدما أعطته أم الدنيا مصر؟ وإذا كان التعديل الدستوري إنما هو شرف علي جبين مصر وعلي جبين صاحبه.. إلا أننا نتمسك فيه بذلك العهد.. وبصراحة مطلقة.. دون التواءات.. إيمانا منا بما يجري بين دمائنا ودماء ذلك الشعب.. بكل طوائفه وقواه.. فكلنا ذلك الرجل.. ذلك التاريخ. كلمة حق.. كيف لها أن تتبدل؟ وإن كان هناك بعض القصور.. إن لم يكن كل القصور!! نعم وذلك لأجيال لم تعاصر الكثير من التاريخ والتي لها علينا كل الحق.. في معرفة تاريخ وطنهم.. فأين المسئولون عن تدريس تاريخ مصر.. وتدوين أحداثه؟ أين المسئولون عن تسجيل انجازات عظمائنا وبطولاتهم؟ أين اعلام الوطنية التاريخية المجسدة في ذلك التاريخ في الفن والاعلام ومن قبل في السياسة.. بالاستعانة إن لم يكن بزعامة المتخصصين في الجامعات والمراكز البحثية المتخصصة لتكون ذلك الشاهد الأمين كما وكيفا.. أين هم هؤلاء المؤرخون والمسئولون عن تدوين ذلك التاريخ, وأين المسئولون عن نقل نبض الشعب بكل صدق وأمانة؟ منهم وإليهم؟ تلك القنوات المسئولة الأمينة للتسجيل.. عطاؤه وانجازاته من ناحية, ومن ناحية أخري مشاعر الحب والامتنان في كل المناسبات ليس فقط في مرضه, أو حزنه, أو فرحه, ولا حتي من أجل الانتخابات التي نحلم جميعا بأن تكون احتفالية عظيمة.. لتعميق مشاعر شعب مصر الوفي.. فهي قضية قومية أن يكون لكل وطن تاريخه وملفاته لأحداث الوطن والراعي, تاريخ لشعب مناضل, بقيادة أمينة عادلة.. أين هم من هؤلاء الشباب للنجاة بهم وتعميق تاريخهم داخل نفوسهم, حتي لا يكونوا لقمة سائغة ضد مصلحة الوطن أبدا في أي من الأوقات, كي يعرفوا من هو مبارك وماذا قدم لمصر؟ وماذا عن مصر قبل مبارك؟ هذا الزعيم الذي لم يقفز علي الوطن بالباراشوت ليحكمه علي الجاهز كده.. وإنما برحلة شريفة من عطاء طويل.. فلنخلص ضمائرنا.. إن لم يكن بقلوبنا التي هي في صدورنا.. فبعقولنا.. شهادة حق.. حتي نأتي الله بقلب سليم للنجاة من الوقوع في شر أنفسنا وسوادها وظلامها.. لإعلاء كلمة الحق.. ولإخماد شرارات الفتنة أو التضليل أو النفاق أو الهدم أو التفريق أو الخيانة.