تستحق الدبلوماسية المصرية «الهادئة» كل التحية والتقدير لحسن معالجتها للقضايا المليئة والمعقدة والناجمة عن ضبابية الرؤية الدولية لطبيعة الموقف فى مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013 وانخداع العديد من العواصم الأجنبية فى بعض التقارير المكذوبة التى استهدفت تصوير ما جرى على أنه انقلاب عسكرى، وليس ثورة شعبية ساندتها المؤسسة العسكرية بمثل ما فعلت فى يناير 2011 تماشيا مع التزامها الدائم بالاستجابة للإرادة الشعبية. والحقيقة أن تاريخ الدبلوماسية المصرية يشهد لها بالحنكة والفطنة والدهاء فى التعامل مع أصعب الأزمات بدءا من أزمة السويس عام 1956 ومرورا بأزمة التشكيك التى أعقبت نكسة يونيو 1967 ووصولا إلى القدرة الفذة على انتزاع الحق المصرى فى شريط طابا الحدودى عن طريق التحكيم الدولى عام 1989 وغير ذلك الكثير والكثير مما يضيق الحيز عن نشره. ولعل من الظلم لأنفسنا أن نتجاهل عن وعى أو دون وعى أن هذه الدبلوماسية الهادئة هى التى شجعت رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون على اتخاذ قراره بفتح تحقيق فى أنشطة الجماعة وهى أيضا ذات الدبلوماسية التى دفعت وزارة الخارجية الأمريكية إلى تصنيف جماعة أنصار بيت المقدس كمنظمة إرهابية. وأى نظرة منصفة على حجم الاتصالات الدولية مع مصر فى الأسابيع الأخيرة يكشف عن جهد دبلوماسى جبار أدى إلى كسر وتحطيم أوهام القدرة على بناء جدران لعزلة مصر دوليا وليست زيارة كاثرين أشتون مسئولة العلاقات الخارجية فى الاتحاد الأوروبى للقاهرة وتزامنها مع زيارة الوفد الإفريقى برئاسة عمر كونارى تمهيدا لخطوات إيجابية مرتقبة فى المجالين الأوروبى والإفريقي. ومن حسن الحظ أن منظومة الدبلوماسية المصرية لم تتأثر بالانفعالات المشروعة فى الرأى العام المصرى تجاه بعض التجاوزات والممارسات الخارجية وتعاملت مع الأمور بحكمة مع رفض أى محاولة لدس الأنف فى الشأن المصرى الداخلي... فضلا عن أنه يحسب لهذه الدبلوماسية اليقظة والجدية فى التعامل مع الملفات الشائكة بأسلوب هاديء يترك الباب مفتوحا لكل الخيارات والاحتمالات خصوصا ملف المياه مع إثيوبيا وملف التجاوزات القطرية والتركية. خير الكلام: العاصفة تستطيع أن تدمر سفينة لكنها لا تستطيع أن تحل عقدة خيط ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله